ثقافةصحيفة البعث

الاحتفـــال بيـــوم الثقــــافة الكوبيــــة في دار الأوبـــرا

 

“الثقافة ليست حواراً تعبيرياً، وإنما عملية استماع ومشاهدة وتعلّم” هكذا وصف السفير الكوبي في دمشق ميغيل بورتو بارتا الثقافة التي تمدّ جسورها بين الشعوب للتلاقي والتآخي والتبادل المعرفي، في فعالية يوم الثقافة في كوبا التي أُقيمت في دار الأوبرا بالتعاون بين وزارة الثقافة، وسفارة جمهورية كوبا في سورية، والمعهد الإسباني في دمشق، وحملت شعارها المتضمن الأبعاد الإنسانية المشتركة بين سورية وكوبا المتمثلة بالمقاومة والسلام وبالتقاطعات المشتركة مختزلة ب “كوبا وسورية متحدتان بالثقافة أيضاً” بحضور رسمي ودبلوماسي وجماهيري.

وتأتي هذه الفعالية الشبيهة بمهرجان أقيم بمشاركة الشباب السوريين فقط من راقصين وعازفين وهواة لمناسبة ذكرى الاحتفال بالذكرى الرابعة والخمسين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية والأخوية بين البلدين، بالتزامن مع الاحتفال بيوم الثقافة في كوبا المحدد في العشرين من شهر تشرين الأول.
دمجت الفعالية الغنائية الراقصة بين السينما التوثيقية التعريفية والعرض الغنائي الراقص والموسيقا. وقد لخص الفيلم الصامت المؤلف من متتالية صور تاريخ كوبا المعاصر وتطور حركة العمران فيها، وركزت الصور على المدن المركزية وهافانا والمدن البحرية والموانئ، لتشغل جمالية الشواطئ المفتوحة حيزاً يتداخل مع جغرافية كوبا، ليصل المتلقي إلى الفنون في كوبا المتمثلة بالرقص الكلاسيكي وخاصة الباليه الكوبي الذي حمل هوية كوبا، والرقص الشعبي والموسيقا الكوبية التي حققت انتشاراً عالمياً وعلى مدى امتداد أمريكا اللاتينية بإيقاعاتها الإفرو- كوبية، وبأنماط موسيقية متعددة منها الجاز الكوبي واقترابها من أنواع من الفلامنكو الإسباني، إضافة إلى رقصاتها الشهيرة الساسا وتشاتشا والرومبا. وتطرقت الكاميرا أيضاً إلى أشهر الآلات الموسيقية في كوبا الإيقاعية المنوعة والخشبية خاصة مع آلات النفخ والغيتار والبيانو. ليلتقي هذا الجانب التوثيقي والثقافي بالجانب السياسي المتمثل بالمناضل ومؤسس الثورة الكوبية الطبيب والكاتب تشي غيفارا، الذي أرسى مبادئ العدل والحق ونشر المساواة، بعرض مقتطفات من تاريخه النضالي وصور لقاءاته وجولاته. ويبدو التآخي بين سورية وكوبا بصورة مصغرة بالعرض الذي دمج بين الفلكلور السوري والكوبي، وافتُتح بالنشيدين الوطنيين السوري والكوبي، ثم بأغنية إفرادية باللغة الإسبانية بمرافقة البيانو، تلتها أغنية ثانية بمرافقة الغيتار، وأغنية على إيقاع الجاز لثلاث طالبات من المعهد الإسباني، وتتالت الرقصات الكوبية بمشاركة طلاب المعهد الإسباني لرقصة السالسا والرومبا ورقصة رومانسية جماعية لمجموعة ثنائيات، ورقصة خاصة تحية إلى غيفارا بحمل العلمين السوري والكوبي، وتميزت رقصة شعبية بالزي الشعبي الشبيه بزيّ الفلامنكو، وعبّرت إحدى الرقصات عن روح الفلكلور الكوبي بالوشاح الأحمر والقبعة القشبية.
كما قدمت فرقة محمد شباط في المعهد العالي للفنون المسرحية مجموعة رقصات من التراث السوري بأزياء شعبية دمجت بين حركات الدبكة والجمباز والقفز بالمكان على وقع أغنيات عدة، منها بالفرح بالعز، عاللالا وياطلعة الفجرية وزينوا المرجة ورقصة لتكاتف الأيدي على أغنية” يابني بلادك”.
واختُتمت الفعالية بغناء طالبة المعهد الإسباني التي شاركت أيضاً بعدة رقصات غريس أبو جراب الأغنية الكوبية الشهيرة عالمياً “غوانتا ناميرا” للشاعر الكوبي خوسيه مارتي.
وشارك السفير ميغيل بورتو بارتا بغناء غوانتا ناميرا التي تحكي قصة حب تنتهي بالفراق، تحيةً إلى كوبا ومحبةً بسورية بتفاعل كبير من جمهور الأوبرا الذي ردد غوانتانا ميرا.

هافانا في قلب دمشق
ووصفت معاون وزير الثقافة سناء الشوا مدينة هافانا بمدينة الحرية والإنسانية، وتطرقت إلى رواية “مملكة هذا العالم” للأديب أليخو كاربنتييه، لتصل إلى التقاطعات الفكرية والثقافية والإنسانية التي تحملها فصول هذه الرواية مع ما خطّه الأدباء السوريون، وهم يرسمون غدهم ومستقبلهم حراً نقياً بعيداً عن الشوائب، فسورية وكوبا متحدتان بالثقافة بالفكر والحضارة والإنسانية، وأشارت إلى الشعراء السوريين الذين كانوا رسل سلام وسفراء في كوبا بدوي الجبل وعمر أبو ريشة، لتخلص إلى المستقبل الذي يجمعنا المفعم بالتسامح والمحبة.
وتحدث السفير ميغيل بارتا عن العلاقات الدولية الدبلوماسية بين البلدين والتي أسسها فيدل كاسترو والقائد الخالد حافظ الأسد، وعن أهمية يوم الثقافة في كوبا، فوصفه بأنه التعبير الأسمى للثقافة الكوبية وللنشيد الجمهوري وذكرى الاستقلال، وستبقى كوبا إلى جانب فنزويلا وسورية وفلسطين. ونوّه إلى تكريس دور الشباب في إعادة إعمار سورية، وأهمية ما قدمه الشباب السوري في هذا المهرجان.
وفي سؤال لـ”البعث” حول ما قدمه المشاركون السوريون أوضح بأن الراقصين السوريين يرقصون مثل الكوبيين وأفضل، واستطاعوا تقديم صورة حقيقية عن الرقص الفلكلوري الكوبي، وعن أنماط الموسيقا والغناء، ولشدة إعجابه بما قدموا أعلن أنهم سيعملون على إعادة فقرات هذا المهرجان بحفل آخر في نهاية العام في حمص أو تدمر وتمنى في إدلب وبمشاركة سورية فقط.

ملده شويكاني