الخلفية التجارية لترامب
ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع ستراتيجك كالتشر 21/10/2019
من الجميل أن يكون لدى الولايات المتحدة رئيس لا يمتهن السياسة، وهو أمر طبيعي لأن هناك حقيقة يتداولها الجمهوريون وهي أن السياسيين الذين لا يعرفون شيئاً عن السياسة، ربما ليسوا أفضل الأشخاص الذين يتخذون قرارات بشأن الجيش أو الطب أو التعليم لأنهم لا يعرفون عن الحياة إلا بعد إعادة انتخابهم.
دفعت الخلفية التجارية لترامب إلى إجراء تغيير كبير في السياسة العامة، التي تجاهلتها وسائل الإعلام الرئيسية بشكل كبير. وبالعودة إلى حملة ترامب الرئاسية، وعد بشكل صارخ ببناء جدار وجعل المكسيكيين “يدفعون ثمن ذلك” بطريقة أو بأخرى. ثم قال في وقت لاحق إنه من خلال إعادة التفاوض على الصفقات التجارية حقّق في النهاية وعده، والمثير للاهتمام في هذه اللحظة من تاريخ ترامب اتباعه لطريقة تفكير مختلفة تماماً، موجهة نحو الأعمال التجارية، لم تكن موجودة لدى جمهوريين أو ديمقراطيين آخرين في واشنطن.
لقد جاهر ترامب برأيه أيضاً بشأن إنفاق الناتو وإنفاق أموال دافعي الضرائب على حروب الولايات المتحدة الكثيرة. لم ينه ترامب المجمع العسكري الصناعي، لكنه أجبر أعضاء الناتو على دفع مستحقاتهم، والتي تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات.
المنظمة من الناحية الرسمية، هي مجموعة من الحلفاء للدفاع عن النفس، لكن كما نعلم واقعياً، فهي تعمل كوسيلة لاستعمار الولايات المتحدة لأوروبا. يقوم الجيش الأمريكي بكافة الأعمال تقريباً، ويقومون بتوجيه قواعدهم في الدول الأوربية التي ترضخ لأي مطالب تطالب بها واشنطن، لكن في الماضي كان له ثمن، حيث كانت الولايات المتحدة تمول الناتو، إلا أن ترامب يريد تغيير ذلك.
الآن يقوم ترامب بتحويل تقاليد معينة استمرت منذ ما يزيد على نصف قرن، بالسماح لـ 3000 جندي أمريكي بالذهاب إلى السعودية لكن على حسابها. كما يعرض الآن توفير دفاع الناتو للدول التابعة ولكن “سيجعل هذه الدول تدفع ثمن ذلك”.
تُعدّ هذه السياسة التي تعتمد على الربح خروجاً جذرياً عن الوضع الراهن، ويبدو أن هذه السياسة جيدة بالنسبة للأمريكيين على المدى الطويل، إلاّ إذا تمّ خضوع القوات الأمريكية لتأثير “متطلبات السوق”.
تمتلك الولايات المتحدة إلى حدّ بعيد جيشاً يعتبر أكبر وأكثر تكلفة في العالم، وليس لدى الدول التابعة لواشنطن في هذه المرحلة خيار آخر سوى دفع الراتب مقابل الحماية، مما يجعل الحفاظ على الهيمنة العسكرية الأمريكية أقل تكلفة إلى حدّ كبير.
إن قرار ترامب بإرسال قوات للدفاع عن السعودية بقيمة التكلفة أو حتى من أجل الربح يمكن أن يكون له صدى أكبر بكثير مما يبدو في البداية، وبذلك يتمّ نقل عبء الإمبراطورية من أكتاف دافعي الضرائب الأمريكيين حتى يتمكنوا من جني ثمار ما قاموا بتمويله لعقود.