في حديثه لـ “البعث” وزير السياحة: معالجة واقع المشاريع المتعثرة ووضع الحلول المناسبة وتفعيل السياحة الشعبية من الأولويات
رغم الخسائر والأضرار الكبيرة التي لحقت بالقطاع السياحي، وعصفت بحياة الآلاف من العاملين فيه خلال الأحداث، إلا أن هناك العديد من المؤشرات المبشّرة بالعودة التدريجية للنشاط السياحي، وتعافي الكثير من مفاصل العمل فيه من خلال الجهود المبذولة من قبل المعنيين في وزارة السياحة، واجتهادهم لتفعيل العمل السياحي من خلال إقامة فعاليات وأنشطة متعددة على امتداد المحافظات السورية، والاهتمام بالتأهيل والتدريب، وتأهيل المنشآت السياحية، وتشجيع حركة الاستثمار، ومعالجة المشاريع السياحية المتعثرة. للوقوف على مستجدات الواقع السياحي، والأولويات ضمن خطة الوزارة، التقت “البعث” رامي محمد رضوان مارتيني وزير السياحة.
الخطة الترويجية
كانت البداية مع الخطة الترويجية التي تضمنت، حسب ما قاله الوزير مارتيني، تحفيز وتنشيط السياحة الداخلية من خلال إقامة الأنشطة والفعاليات، وإعادة تفعيل المعارض والمهرجانات بالتعاون مع المحافظات، والعديد من الجهات، وبمشاركة المجتمع المحلي، منها على سبيل المثال: (مهرجان يوم التراث السوري– معرض الزهور الدولي– مهرجان الشام الدولي للجواد العربي– المشاركة بمعرض دمشق الدولي)، إضافة إلى إقامة مهرجانات خاصة بكل محافظة: (مهرجان الوادي في الريف الغربي لحمص– مهرجان طرطوس السياحي– مهرجانا بلودان وصيدنايا)، إضافة للاحتفال بيوم السياحة العالمي من خلال إقامة العديد من الفعاليات التراثية، والسياحية، والفنية، والثقافية، والرياضية المتنوعة، بما ينعكس إيجابياً على دعم المجتمعات المحلية، وتنميتها اقتصادياً واجتماعياً، ويحقق التنمية السياحية المستدامة بشكل فعال، حيث أقيم هذا العام الحفل المركزي بعيد السياحة في محافظة حلب، إضافة إلى رعاية العديد من الأنشطة والفعاليات في مختلف المجالات، والتي تساهم في دعم المبادرات الشبابية، وتمكين المرأة السورية، والمحافظة على التراث الثقافي السوري الأصيل من خلال الدورات التدريبية على الحرف والمهن اليدوية، والصناعات التقليدية، حيث حرصت الوزارة خلال الأزمة على تأمين متطلبات الحرفيين، والتنسيق مع الكثير من المنظمات الدولية: (مؤسسة الآغا خان– اليونسكو– الهلال الأحمر) لإقامة دورات تدريبية في التكية السليمانية بالتعاون مع منظمة اليونسكو للتدريب على /15/ حرفة من أهم الحرف التراثية السورية.
نتائج إيجابية
وحول عائدات الفنادق العائدة لوزارة السياحة أكد مارتيني أنه، استمراراً للنتائج الإيجابية المحققة خلال السنوات الماضية في الفنادق العائدة بملكيتها لوزارة السياحة، تزايدت الأرباح الإجمالية للفنادق: (لاميرا– شيراتون دمشق– الداما روز– شهباء حلب) خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري 2019 لتقارب 2.3 مليار ليرة سورية مرتفعة عما تم تحقيقه خلال الفترة نفسها من عام 2018 بقيمة 337 مليون ليرة سورية، وقد رفدت هذه الفنادق الخزينة العامة للدولة بقيمة 650 مليون ليرة سورية كدفعة من رصيد الأرباح المحققة فيها، ويأتي ذلك في ظل التحسن الذي تشهده حركة القادمين إلى سورية، والإجراءات التي اتخذتها الوزارة، ومتابعتها الدورية للسياسات التشغيلية للفنادق، بما يكفل رفع العائدات، والارتقاء بمستوى الخدمات السياحية المقدمة.
ولفت إلى تزايد في حركة القادمين إلى سورية، والتي تشمل: (السياح– المقيمين– زوار اليوم الواحد) منذ بداية العام الجاري ولغاية شهر آب 2019 بنسبة 61% عن الفترة الزمنية نفسها من عام 2018، حيث ارتفع عدد القادمين العرب خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري بنسبة 67% معظمهم من دول الجوار: (لبنان– الأردن– العراق )، والقادمين الأجانب بنسبة 15% معظمهم من دول أوروبا الغربية مقارنة بالفترة نفسها من عام 2018.
من الأولويات
وفيما يخص السياحة الشعبية التي اعتبرها الوزير من أهم أولويات وزارة السياحة، وذلك لتقديم خدمات سياحية متنوعة، وعروض وبرامج سياحية بأسعار تناسب كافة شرائح المجتمع السوري، تتم إقامة أنشطة وفعاليات متنوعة في كافة المحافظات السورية، يتم من خلالها تسليط الضوء على المقومات والمقاصد السياحية على مدار العام، وبالتعاون مع مكاتب السياحة على مدار العام، وبالتعاون مع مكاتب السياحة وأصحاب المنشآت السياحية الخاصة.
وتم هذا العام ضمن إجراءات التحضير للموسم السياحي تنظيم ورشة عمل مع اتحاد غرف السياحة لتعزيز السياحة الداخلية وتنشيطها، وخلق مقاصد سياحية جديدة في جميع المحافظات السورية، وطرح برامج سياحية جديدة في جميع المحافظات بأسعار تشجيعية للمواطنين السوريين خاصة بسياحة الاصطياف بأسعار مدروسة ومناسبة.
وفي إطار التدخل الإيجابي لوزارة السياحة لتنشيط السياحة الشعبية، تم التعاون مع الشركة السورية للنقل والسياحة لإقامة شواطىء مفتوحة في محافظتي اللاذقية وطرطوس لتنشيط السياحة منخفضة التكاليف، وتنظيم رحلات بين المحافظات بأسعار تشجيعية للمواطنين، وتم هذا العام افتتاح شاطىء لابلاج، إلى جانب الاهتمام بالمتنزهات الشعبية، وتم وضع حجر الأساس لمتنزه الجولان السياحي على حرم سد المنطرة في محافظة القنيطرة، ويتضمن أماكن مخصصة للجلسات والرحلات السياحية الشعبية، ويعتبر باكورة مشاريع المتنزهات الشعبية التي تعتزم الشركة تنفيذها في معظم المحافظات السورية، وهناك عدة متنزهات يتم التحضير لها في ريف دمشق.
كوادر مؤهلة
التدريب السياحي والفندقي في الوزارة كان ضمن محاور الحديث، حيث أكد مارتيني أن عملية التدريب والتأهيل السياحي تعتبر من أولويات عمل الوزارة في المرحلة القادمة بهدف رفد القطاع السياحي بالكوادر المدربة والمؤهلة، وذلك مع عودة دخول وتأهيل المنشآت والمرافق السياحية، وتشجيع وتنامي حركة الاستثمار السياحي بشكل تدريجي، وكباقي القطاعات السياحية والفندقية تأثر قطاع التدريب والتأهيل السياحي بشكل كبير من تداعيات الأزمة التي طالت مباني المؤسسات التعليمية والتدريبية، والطلاب، والكادر الإداري والتدريسي.
وتابع: بهدف تحقيق دور الهيئة العامة للتدريب السياحي والفندقي لرفد سوق العمل بالكوادر اللازمة والمدربة، والمساهمة في نشر الوعي لأهمية ودور العمل بالقطاع السياحي في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتنفيذ رؤيتها، وتحقيق رسالتها في مجال التدريب والتأهيل السياحي، تم تنفيذ عدة أهداف موضوعة لخطة عام 2019، منها تحديث القوانين والأنظمة الخاصة بالتدريب والتأهيل السياحي، حيث تم إصدار القرار /850/ لعام 2019 الناظم لعمل وترخيص مراكز التدريب السياحي الخاصة، والذي تضمن تبسيط عملية الترخيص، وتطوير أداء هذه المراكز، إلى جانب تطوير المناهج وأساليب التعليم والتدريب والتأهيل السياحي، وإدخال مواد تدريبية وتعليمية جديدة تعتبر من أولويات العمل كون صناعة السياحة والضيافة والخدمات المتعلقة بها في تطور كبير، وفي مجال واسع للمنافسة، منها على سبيل المثال: (الأساليب الحديثة في الترويج السياحي– التسويق السياحي الالكتروني– إدارة الضيافة– إدارة المواقع السياحية- التنمية السياحية المستدامة– إدارة الجودة الشاملة– إدارة المعارض والمؤتمرات– العلاقات العامة والبروتوكول– مهارات التواصل)، وتطبيق أساليب تعليمية حديثة تشمل الوسائل البصرية، والأساليب التفاعلية الحديثة التي تحقق رفع مستوى الكفاءة والمهارة التدريبية، كما يتم تنفيذ زيارات عملية للطلاب للمنشآت السياحية بشكل مكثف، وزيارة مختلف أقسام هذه المنشآت، ما يساهم بتعريف الطلاب على مختلف مناحي العمل، والمهارات التي يجب أن يتم امتلاكها، وتأمين حضور الطلاب للفعاليات الخاصة ضمن المنشآت السياحية: (مؤتمرات– حفلات– ورشات عمل– معارض) أثناء التحضير لها، وأثناء تنفيذها لرفع مهاراتهم التخصصية، بما فيها أيضاً العلاقات العامة، والبروتوكول والتسويق، والتأكيد على إعطاء أهمية كبيرة لرفع مستوى اللغة الأجنبية ودورها الكبير في تأمين فرص العمل، واستخدام الوسائل البصرية في دروس اللغات الأجنبية، إضافة إلى إقامة الدورات التدريبية القصيرة التقنية التخصصية من المهام الرئيسية للهيئة التي ستشكّل داعماً رئيسياً للمؤسسات التعليمية، والسياحية، والفندقية بهدف تأمين الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة واللازمة لسوق العمل، وتدقيق التوازن بين العرض والطلب، وتشمل الدورات القصيرة مختلف مجالات الخدمات السياحية والفندقية، وفي كافة المحافظات، ويتم تنفيذ هذه الدورات من قبل الهيئة مباشرة، أو بالتعاون مع منظمات واتحادات ومراكز سياحية خاصة، (التجربة الناجحة مع مؤسسة الآغا خان)، وهناك خطة لإحداث مؤسسات تدريبية وتعليمية جديدة بهدف توسيع خارطة المؤسسات التعليمية والتدريبية المهنية السياحية: (معاهد– مراكز تدريب– ثانويات فندقية)، استناداً لتوزع الاستثمارات السياحية الحالية والمتوقعة، وخطة التنمية السياحية التي ستشمل مراكز المدن ومناطق الريف حسب توفر المقومات السياحية، وتجدر الإشارة إلى أن عدد الطلاب في كافة المدارس والمعاهد الفندقية بعد الأزمة بلغ نحو /4300/ طالب، منهم /2300/ طالب في المدارس الفندقية، و/2000/ طالب في المعاهد الفندقية السياحية.
عودة المشاريع
وحول المشاريع الاستثمارية المتعثرة التي تم العمل على وضع الحلول المناسبة لمعالجة واقعها أشار المهندس مارتيني إلى أنه في إطار قيام وزارة السياحة بمعالجة واقع المشاريع المتعثرة، قام الفريق القانوني والفني في الوزارة بدراسة ملفات هذه المشاريع، والاجتماع مع الجهات المالكة لها في المحافظات، ووضع الحلول اللازمة لإعادة الإقلاع بها، وذلك من خلال إعداد ملاحق عقود خاصة بكل مشروع متعثر، حيث تضمنت ملاحق العقود في حيثياتها ما يعكس مدى جدية المستثمر في متابعة التنفيذ، وإعادة التوازن للعقود في ضوء التضخم الحاصل في الأسعار مقارنة بتاريخ العقود، حيث تم إعداد دراسات لمؤشرات الجدوى الاقتصادية الجديدة للمشاريع بالتوافق مع الجهة المالكة للمشروع، وبما يضمن حقوق الجهة المالكة، ويحقق المصلحة العامة، وبناء عليه يتم التوافق مع المستثمر في ملحق العقد على بدل استثمار جديد، ويتقدم ببرنامج زمني تنفيذي تفصيلي (فني + مالي)، وتتم مراقبة التنفيذ كل /3/ أشهر، ليصار في حال الإخلال إلى اتخاذ الإجراءات القانونية، وبالنسبة للمشاريع التي لم يبد مستثمروها الجدية في إعادة الإقلاع بها، رغم التسهيلات التي قدمتها الوزارة، فقد تم إنهاء عقودها، ويعتبر هذا الإجراء إحدى حالات إنهاء التعثر، كما تم إعداد مصفوفة المشاريع السياحية المتعاقد عليها وفق نظام الـ B.O.T، والتي تم إنجاز التوازن المالي العقدي لها بكافة التفاصيل العقدية، والتوازن العقدي الحاصل من حيث بدلات الاستثمار الجديدة، ومدد التنفيذ، وتتضمن المصفوفة تصديق ستة ملاحق عقود للمشاريع التالية: (فندق درعا السياحي– مول جبلة – فندق أرواد– مجمع وشاليهات عمريت– مطعم قصر كيوان– المطبخ العجمي بحلب)، وبالنسبة للمشاريع في طرطوس: (مشروع شركة أساس /طرطوس/- المطعم العائم /اللاذقية/- أرض رحبة الفيصل /حلب/- العقار رقم /2218/ دمر الغربية /دمشق/- شرقي الميريديان/اللاذقية/- المركز الترفيهي /اللاذقية).
أما المشاريع في مرحلة التفاوض مع مستثمريها للتوافق على التوازن العقدي وعددها ستة فهي: (مطاعم الجغنون– فندق مطار دمشق الدولي- قصر الأرناؤوط– موتيلات جديدة الوادي– كراج الحجز بدمشق– خان سليمان باشا بدمشق)، وهناك المشاريع التي لم يبت بعقودها بالتنسيق مع الجهات المالكة: (سوق الإنتاج الصناعي والزراعي– فندق بلودان الكبير).
ملتقيات استثمارية
جهود كبيرة تبذلها الوزارة لتفعيل العمل، وإعادة الحركة السياحية لسابق عهدها، رغم كل التحديات والصعوبات، وتثبت التحضيرات والاستعدادات التي تتم من أجل ملتقى الاستثمار السياحي لعام 2019 أهمية الجهود المبذولة في القطاع السياحي لإطلاق المزيد من المشاريع السياحية التي من شأنها تنشيط السياحة، وإعادة إعمار منشآتها بمختلف أنواعها.
محمد الجمال