سورية.. فشل مخطط آخر
يبدو أن المخططات الأمريكية في منطقة الجزيرة السورية، تعرّضت إلى ضربة كبيرة ومؤلمة بعد أن استطاعت دمشق، بالتعاون مع حلفائها في موسكو وطهران، تبديد كل تلك الأحلام بمنع النظام التركي من الاستمرار في عدوانه، بينما كانت النقطة الفاصلة هي سرعة انتشار وتمركز الجيش العربي السوري في المناطق والمدن والبلدات على الشريط الحدودي مع تركيا، الأمر الذي دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التراجع مجدّداً عن خططه بالانسحاب من كامل الجزيرة السورية، عبر إعلانه الإبقاء على 200 جندي بذريعة حماية آبار النفط من الإرهابيين!.
في السابع من الشهر الجاري أعلن ترامب أنه بصدد سحب كامل قواته من سورية بدعوى أنه لم يعد هناك أي خطر بعد القضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي، وهو عملياً تنفيذ لاتفاق سري بين رئيس النظام التركي أردوغان وسيّده الأمريكي لتحقيق حلم يراوده منذ اليوم الأول لبدء الحرب الإرهابية على سورية، وهو إنشاء “منطقة آمنة” على كامل الحدود السورية لتسهيل قضم مزيد من الأراضي السورية، حيث شرع بعملية عسكرية تحت مسمى “نبع السلام”، وعلى الرغم من الانزعاج والهيجان في واشنطن، ليس بسبب الخوف على سيادة سورية ووحدة أراضيها طبعاً، والتمثيلية التي قام بها المجرم أردوغان عندما أعلن رفضه لقاء نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، إلا أن الوقائع اللاحقة تبيّن أن الأمر كان مرتباً لكي تبقي واشنطن حالة الفوضى وعدم الاستقرار في الجزيرة السورية، عبر إحلال القوات التركية الغازية مكان القوات الأمريكية المنسحبة.
فالاتفاق الذي تمّ التوصل إليه بعد انتهاء المحادثات بين بنس وأردوغان، وللمصادفة المحضة، كان مطابقاً لأهداف العدوان التركي، مع بقاء قضية واحدة للبدء بتنفيذه، وهو صدور أمر عمليات أمريكي لميليشيات “قسد” المنحلة للانسحاب من المنطقة المحدّدة لتسهيل دخول الجيش التركي، ولكن بوتين تمكن في سوتشي من فرملة الاندفاعة التركية، ووضع الأمور في نصاب اتفاق أضنة، واحترام سيادة سورية ووحدة أراضيها، ونزع مفهوم “المنطقة الآمنة” إلى “منطقة معزولة”.
ولكن في مقابل ذلك بدا واضحاً أن المخططات الأمريكية لمنطقة الجزيرة السورية لم تتوقّف، وتريد عرقلة أي حل، فكان خروج صوت أوروبي ألماني إلى العلن فجأة يساند حليفهم في الناتو تركيا، وهو الذي كان مع بدء العدوان التركي على سورية يطالب بوقف العملية، ويدعو إلى فرض عقوبات على أنقرة، ومنع توريد الأسلحة إليها من دول الاتحاد الأوروبي، حيث دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إلى إنشاء “منطقة أمنية”، والأهم أن هذه المنطقة ستكون برعاية الناتو الذي سيناقشها في قمته الطارئة، التي تمت الدعوة إليها لدراسة الأخطار المحدقة بعضو الناتو تركيا!!.
إذاً، المخططات الغربية، وعلى رأسها الأمريكية، لإبقاء سورية في حالة فوضى مستمرة، لا تزال قائمة، ويبقى وحده الجيش العربي السوري، هو الضامن الوحيد لسيادة واستقلال سورية ووحدة أراضيها، وكما قال السيد الرئيس بشار الأسد خلال زيارته مؤخراً إلى إدلب :”على الرغم من رهان البعض على جهات خارجية عوضاً عن الرهان على الوطن، وعدم قبولهم بالتنسيق مع أبناء وطنهم لمنع السارق من إتمام جريمته، فإن المهم اليوم هو حشد الجهود لتخفيف آثار الغزو وطرد الغازي، وهذا واجب وطني ودستوري”.
سنان حسن