صحيفة البعثمحليات

بدون وسطاء…؟!

وائل علي

من أجهض الأسواق الشعبية التي افتتحت برغبة من وزارة الإدارة المحلية والبيئة قبل عامين تقريباً، وطلب من المحافظات حينها توجيه وحدات الإدارة المحلية في مجالس المدن والبلدات والبلديات لاختيار وتحديد المواقع والساحات الملائمة وتجهيزها بالبنية التحتية واللوجستية المناسبة من مياه وكهرباء ونقاط حراسة ومراقبة، ومنح الباعة تسهيلات وميزات مغرية، كإعفائهم من الرسوم ونفقات الخدمات وتركيب المظلات الواقية تحت يافطة “من المنتج إلى المستهلك”، بالتنسيق مع اتحاد الفلاحين والمؤسسات الإنتاجية الصناعية العامة والخاصة المختلفة، بما فيها “السورية للتجارة” و”الدواجن”، وتكفلت بتقديم الدعاية الإعلانية والتغطية الإعلامية المجانية بالتعاون مع وسائل الإعلام الوطنية لجذب الزبائن والمشاركين.

ونجحت الفكرة أول الأمر أيما نجاح، وتمكّنت من ترجمة شعارها المعلن على أرض الواقع لأيام معدودات، فجذبت الفلاح ومنتجي الألبان والأجبان وسائر منتجات الأرياف البلدية من سمون وتين مجفف وشنكليش وبيض بلدي وبقوليات ومربيات وعصائر وزعتر وغيره، وطلبت من بعض مصنّعي السمون والزيوت والمنظفات تخصيص كميات وافية من منتجات مصانعهم لتسويقها بأسعار مخفضة، وأحياناً بسعر التكلفة، بعيداً عن التجار والسماسرة وتقليص حلقات تجار الجملة ونصف الجملة والمفرق.. لكن سرعان ما تمكن المتضرّرون والمستاؤون والمتململون من التغلغل بين الثنايا والأضلاع مستفيدين من تواطؤ البعض وتقاعسهم وتراخيهم في الدفاع عن تلك الأسواق وحمايتها من المتربصين الذين لم يتأخروا في محاربتها وتطفيش المنتجين الحقيقيين، وخلق سوق سوداء علنية تمكّنت من اقتناص وسرقة وإجهاض الفكرة النبيلة ووأدها بأرضها وتبديدها على مرأى ومسمع الجميع، لتذهب تلك الأسواق أدراج الرياح ومعها عشرات ومئات الملايين المهدورة والجهود التي ضاعت سدى مع الأسف بفعل حفنة من التّجار والسماسرة الذين “يضحكون في عبهم”، على نيّة ألا يسمحوا لتلك الأسواق أن تقوم لها قائمة بعد الآن وتغلق أبوابها بأي ثمن؟!

مع ذلك فإننا نجد أن إعادة بث الحياة في أسواق بدون وسطاء أمر غاية في الأهمية، وتحدّ ممكن و”مقدور عليه” إن شاؤوا، ولا يجوز أن نخسره أو نتوانى أو نتراجع عنه مهما كانت العقبات والعراقيل، ولاسيما في هذه الظروف الاقتصادية العصيبة التي تواجهها البلاد والأسر وأربابها وبسطاء المنتجين على حدّ سواء!!.

ALFENEK1961@YAHOO.COM