شماعة سعر الصرف لا تزال تفرض نفسها بالأسواق..و”حماية المستهلك” تعد بتخفيض الأسعار
لا يزال ارتفاع أسعار المواد الغذائية ولاسيما الخضراوات والفواكه المنتجة محلياً محط جدل واسع، ويأخذ هذا الجدل منحى تصاعدياً لدى استحضار أن الموسم الزراعي الحالي هو الأفضل، ولم يأتِ مثيل له منذ سنوات…وتبقى شماعة انخفاض سعر صرف الليرة حاضرة بقوة لتقلب معادلة انخفاض الأسعار رأساً على عقب… فسعر مادة البطاطا الذي كان بحدود 250 ليرة في الأسواق المحلية، يتراوح الآن ما بين 300-350 ليرة، وهو ليس بالقليل رغم أنها دخلت في موسمها..!
في الوقت الذي تشير بعض المعطيات إلى زيادة بالأسعار بنسبة 15 – 25%، نجد أن أسعار بعض المنتجات الزراعية في المحافظات التي تنتجها أو التي هي مصدرها كانت أعلى من أسعارها في المحافظات الأخرى، ورغم أن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كثفت من نشاطها عبر دورياتها في جميع المحافظات السورية، إلا أن أثر هذه الإجراءات لم يكن ملموساً ولم يحدث فرقاً في جيوب المواطنين، وكأنها إجراءات شكلية لحفظ ماء الوجه فقط، فهل يعقل مثلاً أن يبيع الفلاح كيلو الحليب بـ110 ليرات للتاجر بينما يباع كيلو اللبن الرائب بـ300 ليرة للمستهلك، وأين سعر كيلو اللحمة الحمراء والفروج الذي حددته التجارة الداخلية وحماية المستهلك من أسعار السوق اليوم على أرض الواقع، فضلاً عن أسعار المواد المستوردة كالرز والسكر والسمنة وغيرها.
بات سيناريو تسونامي ارتفاع الأسعار في هذه الأيام وخاصة موسم المونة قاعدة ينتهجها أغلب التجار في كل موسم، وأكثر ما طال الغلاء الجديد المواد الغذائية والخضراوات والفاكهة واللحوم، بالترافق مع تواصل أزمات خانقة في توفر بعض المواد؛ ما زاد أكثر من معاناة المواطنين، وجعل الحياة صعبة جداً.
وعود بالتخفيض
وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بينت في معرض ردها على ارتفاع أسعار بعض السلع أنه جرى اجتماع تعهد فيه التجار بالتزامهم بتثبيت الأسعار وعدم ارتفاعها، وأن الأسعار سوف تنخفض إلى حد ما حسب ما زعمت، وفي حال المخالفة سيتم تنظيم الضبوط وتشديد الرقابة وتكثيف الدوريات، إذ حدد سعر كيلو اللحمة العجل بـ3800 ليرة والغنم بـ4200 ليرة والسكر من 225-215، والرز الإسباني من 500 إلى 600 والبطاطا من 200 إلى 300 وورق العنب من 800 إلى 1000 والخيار بـ200 والشاي 25 ظرفاً بـ250 ليرة، كما نوهت الوزارة بمسألة المواد المنتهية الصلاحية والفاسدة وكل المواد مجهولة المصدر، وضرورة الانتباه من قبل المواطن حفاظاً على صحته والإبلاغ عنها في حين حصل ذلك.
وفي جولة ل”البعث” على الأسواق الشعبية لاحظنا ركوداً ملحوظاً بسبب ارتفاع الأسعار وعجز المواطنين على تأمين حاجاتهم الأساسية من المواد الغذائية، كما تمت ملاحظة ارتفاع كبير في أسعار الفواكه والفروج واللحوم والمواد المستوردة بشكل عام، فسعر الليمون الحامض البلدي بين 225 و330، والتفاح ما بين 250 إلى 300، ووصل سعر لحم الفروج الحي إلى 900 ليرة، و1215 ليرة للفروج المنظف، ويعد سعراً مرتفعاً بالنسبة لذوي الدخل المحدود، أما اللحمة الحمراء فقد أكد عدد كبير من الموطنين أنهم باتوا يحلمون بها فقط؛ لأن سعر الكيلوغرام من لحم العواس الغنم وصل إلى 6000 ليرة، أم لحم العجل فوصل إلى 4500.
وفي صالات المؤسسة السورية للتجارة تتوافر تشكيلة مقبولة إلى حد ما من الخضار والفواكه والمواد الغذائية والمنظفات والبقوليات والحبوب بأنواعها، تباع بأسعار أقل من السوق بـ 10% إلى 15% للكيلو الواحد، حيث يباع ليتر زيت الزيتون بـ 1850، بينما يباع في السوق بسعر 2000 ليرة، ويباع الحمص نخب أول بـ 500، بينما يباع في الأسواق التجارية بسعر 550 ليرة، ويباع ليتر زيت الزهرة في الصالة بسعر 590 ليرة، والنوع نفسه يباع في الأسواق التجارية بسعر 650 ليرة، وسعر العدس حب 485، وكيلو الطحينية بـ 1350 ليرة، والتمر الرطب سكري بـ 2250 ليرة.
وأكد مدير فرع ريف دمشق للمؤسسة السورية للتجارة أحمد حناوي توافر جميع المواد الغذائية ذات الجودة العالية، من معلبات وزيوت وسمنة بأسعار تقل عن أسعار السوق من ١٠ حتى ١٥ في المئة، لافتاً إلى أنه تم تزويد جميع فروع المؤسسة السورية للتجارة بالخضار والفواكه الموضبة بأسعار مناسبة، كما لوحظ مؤخراً ارتفاع أسعار المواد الأساسية في الأسواق ولا يزال يتصاعد؛ ما يؤشر إلى استغلال وجشع التجار الذين لا يقتنعون بنسب ربح معقولة، ولا يأبهون بالرقابة التي تكاد تكون عقوباتها غير رادعة بدليل تكرار المخالفات وعدم انخفاضها.
الحق على الدولار
وأرجع بعض أصحاب محال مبيع المفرق سبب الارتفاعات الحاصلة لارتفاع سعر المواد لدى باعة الجملة، بينما أشار الآخرون إلى أنه ناتج عن ارتفاع سعر صرف الدولار، حيث إن المنتجين هم أساس الحلقة، وعندما يرفعون سعر منتجاتهم تتوالى سلسلة الارتفاعات لدى بقية حلقات المبيع. ولجهة الألبان والأجبان أوضح بعض المربين أنها عائدة إلى ارتفاع أجور نقل تلك المنتجات من المزارع إلى الأسواق في ظل قلة المحروقا،ت ووجود سوق سوداء تبيع وسائط النقل تلك المحروقات بسعر مضاعف.
مدير حماية المستهلك بوزارة التجارة الداخلية علي الخطيب أكد قيام دوريات مديريات التجارة منذ أيام بتكثيف دورياتها على الأسواق لمراقبة الأسعار وخاصة خلال أيام موسم المونة، موضحاً أن الأسعار تخضع للعرض والطلب، والتاجر يبحث عن الربح دائماً ولا يمكنه البيع بخسارة ولاسيما المواد التي تخضع لتذبذبات سعر الصرف والمضاربات التي تحدث عادة بين التجار، ورأى أن مهمة التموين في هذه الأيام يفترض أن تركز على مسألة سحب العينات وتحليلها وضبط المواد منتهية الصلاحية، ونوه بأن ثمة جشعاً يحاول بعض التجار ممارسته دائماً، وأن دوريات الوزارة دائماً بالمرصاد.
عبد الرحمن جاويش