ثقافةصحيفة البعث

إشراقة الحياة

د. رحيم هادي الشمخي

تتمايل الروح مع نسمة الحب، ويهتز القلب مع صرخة محبة تدوى في الأعماق، عن أيام ليس فيها غير كلمات وردية تزيل الخواطر الحزينة وتنهي كبت الحرمان الطويل..
وبين النسمة والصرخة لا يكون في أفق النظر الممتد شمس مكسوفة أو قمر خاسف، ولن تجد العيون أمامها سوى الرحاب الواسعة وشعاع من نور لا ينطفئ، يملأ الأرض والسماء ويغازل الموج والندى وأوراق الشجر.
وحين يكون أفق الوطن فسيحاً للطيور التي تطوي المسافات وتحط حيثما تريد، مع ضحكة هنا وفرحة هناك، تكون ذرات التراب حبات شفاء ويكون الماء فيها نهراً لحياة الخلود، ودفقاً يروى الأرض بخير لا ينتهي وعطاء لا يجف، وبساتين نخيل تزداد وأشجار جوز تعلو..
والعطاء الكبير هو فرحة تكبر وأعراس تكثر.. وفيه تتطرز السماء بنجوم وشهب، تشع وتضيء لنستقر فوق الرموش ومضة، بريقها الخاتلة على الأهداب المغمضة تبحث عن منفذ لتعفو مع العيون السارحة بالربيع.
ومع إشراقة كل ضوء مصدره شمس لا تغيب أو قمر لا يحجب تكون رسائل العاشقين محمولة على الشعاع أو أجنحة سحابة بيضاء تبحث بين الطرقات عن منى النفس لتوصل الأمانة كتاب شوق مفتوح حروفه لا تغسلها الدموع ولا تمحيها الأيام..
هكذا هي خطوط المشاعر المداد فيها يصنعه قلب يطوف على حلم يلتقيه وطيف يصحو عليه ومن لا تلامس أحاسيسه الأحلام لا تستطيع أنامله أن تكتب للحياة أو أن تعزف لنشوة العمر في أفراحها الكبيرة ومن لا يحمل المشاعر لن يورق الربيع في داخله.. لن يكون أكثر من تمثال ملامحه بلا فن وألوانه بلا ذوق وكل ما يعنيه أنه كومة صخر جامد تشخص على حجر أصم..
وكومة الصخر الجامدة لا تعطي للحياة ولا تغري بالنظر..
والحب يبتدئ بالمشاعر المرهفة..
والحب الأكبر لا يشذ عن هذه البداية..