ليبيا.. تتحوّل إلى مرتع للإرهاب الدولي
في الوقت الذي تقترب فيه الحرب على سورية من نهايتها مع اقتراب الجيش العربي السوري من القضاء على آخر أوكار الإرهاب الدولي، لاتزال ليبيا غارقة في الفوضى بعد التدخل العسكري للناتو في هذا البلد، الذي كان واحداً من أكثر دول إفريقيا ازدهاراً واستقراراً.
انتصرت سورية كدولة في مواجهة قوة إرهابية دولية ضمت مرتزقة إرهابيين تمّ استقدامهم من عشرات الدول بتمويل خليجي “سخي”، وكسرت العمود الفقري للإرهاب الدولي، لكن في حالة ليبيا، فالعملية معاكسة، إذ يتحدّث كثيرون عن “صوملة ليبيا” مع احتمال أن تكون العواقب أسوأ مما هي عليه في الصومال. فمن جهة، ليبيا قوة نفطية، ومواردها الطبيعية تجذب شهية القوى الخارجية، وموقعها الجغرافي بين شمال إفريقيا وجنوب أوروبا والحدود المشتركة مع بلدان الساحل منحتها مكانة استراتيجية لمختلف المصالح الجيوسياسية، ونظراً للفوضى التي سادت اليوم في ليبيا، وحقيقة أن العديد من قادة الحرب يحظون بدعم الغرب لهم ممثلاً بحلف الناتو، قاموا بعمل مربح للغاية عبر إرسال المهاجرين إلى الدول الأوروبية بلا هوادة.
عند الحديث عن الهجرة، من الضرورة بمكان التنويه إلى أنه قبل العدوان الغربي كانت ليبيا تتحمّل عبء عدد كبير من المهاجرين القادمين من بلدان إفريقية أخرى والمهاجرين من دول أوروبية عديدة بما فيها رومانيا وبلغاريا، حيث كانت تتوفّر لهم فرص العمل بأجور مرتفعة، أما اليوم يُجبر عدد كبير من الليبيين على مغادرة أراضيهم، ليس فقط بسبب المشاكل المالية وقلة الفرص ما لم ينضموا إلى الجماعات المسلحة المختلفة في البلد، ولكن أيضاً بسبب انعدام الأمن والأمان. الغرب على رأس قائمة المسؤولين عن هذا الوضع الفوضوي الكارثي، فإلى جانب تدمير الدولة الليبية، وانتشار الفوضى، وتحويل الأرض اللبيبة إلى مرتع للإرهاب ولزرع المتعاطفين مع تنظيم “داعش” الإرهابي، خاصةً بعد هزيمته المدوية في سورية والعراق، فإن الدول الغربية لم تفعل أي شيء من أجل استقرار البلاد، بل على العكس ساهمت في نشر الفوضى وترسيخها كي تلائم أجندتها الخاصة بها.
وفي المواجهة الحالية بين حكومة “الوفاق” والجيش الوطني الليبي من جهة، والميليشيات المسلحة المدعومة من الغرب من الجهة الأخرى، لا تلوح في الأفق أي بوادر تشي بالتوصل لحل سريع لإنهاء الحرب وعودة الحياة الطبيعية إلى الشعب الليبي. فعلى الرغم من سيطرة الجيش الوطني الليبي على جزء كبير من الأراضي الليبية، فإن محاولة الاستيلاء على العاصمة الوطنية طرابلس لم تسفر عن نتائج عملية حتى الآن، كل ذلك في الوقت الذي تنشط فيه الجماعات الإرهابية التكفيرية.
وبالنظر إلى تعدد الجهات الفاعلة الداخلية والخارجية، وزرع عدد كبير من العناصر الإرهابية المرتبطة بتنظيمي “القاعدة وداعش” على الأراضي الليبية، فإن التفاؤل بشأن مستقبل ليبيا بعيد عن أن يكون في طريقه إلى الالتقاء. في هذه الحالة يتحدث الكثيرون عن الحاجة إلى دور أكبر لروسيا لانتشال ليبيا من الفوضى التي سقطت فيها منذ عام 2011 في أعقاب التدخل الغربي السافر.
هيفاء علي