النفاق الغربي يفاقم مشكلة الاتجار بالبشر
ترجمة: عائدة أسعد
عن موقع غلوبال تايمز27/10/2019
من المرجح أن تكون الجثث الـ 39 التي عثر عليها في مقاطعة إسيكس في المملكة المتحدة لمهاجرين سريين متورطين في الاتجار بالبشر – بغض النظر عن البلدان التي ينتمون إليها فيتنام أو الصين أو أية دولة أخرى- إلا أنها تعتبر بمثابة تحذير للعالم بأسره .
لقد حان الوقت لجميع البلدان لمعالجة قضية الاتجار بالبشر، وقمع المهربين ويتوجب على بعض الدول الغربية بشكل خاص التخلي عن المعايير المزدوجة وتحمل مسؤولياتها.
إن الاتجار بالبشر هو بالفعل صناعة ناضجة على نطاق عالمي خلقتها جماعات إجرامية تقوم بتقسيم مفصل لعمل يشبه السلسلة الصناعية ويتواطىء فيها المهربون من بلدان مختلفة مع بعضهم البعض ويجلبون عدداً كبيراً من المهاجرين إلى الأراضي الأجنبية بطرق غير قانونية.
ذكرت صحيفة “دويتشه فيليه” الألمانية أنه في تموز عام 2015 عبر 107500 مهاجر الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي واستخدم معظم هؤلاء الأشخاص خدمات المهربين في رحلتهم، ووفقاً لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة تبلغ تكلفة تهريب الأشخاص إلى أوروبا 150 مليون يورو أي ما يعادل 166 مليون دولار سنوياً أو أعلى. كما عبر 130 ألف مهاجر مكسيكي لا يحملون وثائق إلى الولايات المتحدة في أيار من هذا العام وعلى الأغلب ساهم المتاجرون في هذا الرقم.
وفي هذا الصدد تقول صليحة علي، محامية بريطانية إن المهاجرين يتقاضون رسوماً ضخمة ويتم التعامل معهم على أساس أنهم سلع تجارية، وأن العديد منهم تغريهم المملكة المتحدة وجهات أوروبية أخرى كونها تكون بمثابة أرض الوعد بوظائف مشروعة. وهؤلاء المهاجرين يتعرضون لأعمال قسرية أو جنسية عند الوصول وقد تكلف رحلة الشخص منهم ما بين 7000 – 14000 جنيه إسترليني أي 8974 – 17949 دولار.
هذه الأمثلة من أجزاء مختلفة من العالم كافية لإثبات تفشي تلك الجريمة التي لا تؤدي فقط إلى اضطراب اجتماعي إنما تؤذي أيضاً بالمصالح الفردية والأمن. وقد عملت العديد من الدول بما فيها الصين بالفعل على إيجاد حلول لمعالجة هذه المشكلة، ففي أوائل عام 2002 دعت وزارة الأمن العام الصينية إلى اتخاذ إجراءات وطنية ضد مهربي البشر، وفي عام 2016 تم اعتقال 2943 مهاجراً غير شرعي من بينهم 142 مهرباً .
كما اتخذت بعض الدول الآسيوية أيضاً إجراءات في عام 2015 حيث اعتمدت رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) اتفاقية آسيان للاتجار وخطة عمل آسيان لمكافحة الاتجار بالأشخاص وخاصة النساء والأطفال. لكن الجهود التي يبذلها عدد قليل من الأعضاء في المجتمع الدولي غير كافية فالجريمة تجري على أساس شبكة عالمية ويجب التعامل معها من خلال التعاون العالمي لذلك يتعين على الدول الغربية الوجهة الرئيسية للمتاجرين بالأشخاص تحمل بعض المسؤوليات.
ومع ذلك لا يشير البعض من تلك الدول دائماً بأصابع الاتهام إلى البلدان النامية فقط بل يدعمون بعض المهربين باسم حماية حقوق الإنسان. في عام 2015 على سبيل المثال، واجهت تايلاند عقبات من قبل الغرب عند إعادة أكثر من 100 مهاجر من الأيغور الذين أتوا أصلاً من منطقة شينجيانغ الأيغورية ذاتية الحكم في الصين ولم يحاولوا كبح الجريمة بل كانوا يدافعون عنها.
لذلك العالم بحاجة إلى آلية متعددة الأطراف لمعالجة هذه المشكلة وعلى الغرب الذي يدرك كيف تعرقل هذه الجريمة الأمن العالمي أن يلعب دوراً أكثر إيجابية.