تفاصيل تخدم الهدف
لا يجب أن ننظر إلى مكان مقتل الإرهابي البغدادي على أنه مجرد مكان من الجغرافيا السورية التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية وحسب. فمن السذاجة أن نفعل ذلك، والسبب لا يكمن في غرابة تواجد البغدادي فيه، ولا لأن تنظيمات إرهابية تسيطر على المكان وتنازعه المهمة، وإنما لأن ثوباً جديداً ستلبسه واشنطن للتنظيمات الإرهابية هناك، وفي باقي الأماكن.
ولنكن واضحين، فقد استنفدت “داعش” والبغدادي وتنظيمات إرهابية كثيرة دورها، وباتت الحاجة ملحة وفق الفهم الأمريكي لإدارة الأزمة والحرب على سورية إلى ذرائع جديدة، ومساهمين ذوي أثواب جديدة.
هذا يعني أن أحد أهم المكاسب التي تسعى واشنطن لتحقيقها من مقتل البغدادي بهذا المكان هو دحض وجهة النظر السورية القائلة بأن كل الإرهابيين المتواجدين في سورية هم داعشيون، وبصرف النظر عن تسمياتهم اليومية، وذلك من خلال الزعم بأن “داعش” الأمريكي قد انتهت بمقتل البغدادي، وأن من يحملون السلاح هم، وبين قوسين، “ثوار” وفق التسمية التركية.
إن كان هدف الأمريكي من اختيار مكان قتل البغدادي يتوافق مع ما سبق قوله، فإن المعارك في سورية تتجه نحو منعطف خطير، ولقد أعاد الرئيس الأسد خلال زيارته لمحافظة إدلب قبل أيام التأكيد على خطورة ذلك حين أوضح أن معركتنا الأساسية هي في إدلب، وكأنه يستبق الانعطاف الأمريكي بتوضيح لا لبس فيه، مفاده أن الإرهابيين المتواجدين هنا هم من يجب مكافحتهم واستئصالهم مهما كانت تسمياتهم.
خطير ما تخطط له الإدارة الأمريكية في شمال سورية، وهو تخطيط متفق عليه مع التركي والإسرائيلي وبعض العربي، ولا ينبغي لإعادة “التمركز الأمريكي” أن نفهمه على أنه انسحاب، لأنه تموضع جديد يهدف إلى إشغال الجغرافيا بالنار لأطول مدة ممكنة، وما عدا ذلك تفاصيل تخدم الهدف.
عمر المقداد