اعتراف الكونغرس بإبادة الأرمن يؤجج العلاقات الأمريكية التركية
في تشريع جديد يسلّط الضوء على التاريخ العثماني الحافل بالدماء والجرائم ضد الإنسانية، ويؤجج العلاقات التركية الأمريكية المتوتّرة أصلاً، أيّد مجلس النواب الأميركي بأغلبية ساحقة قراراً يعترف بأن عمليات القتل الجماعي التي تعرّض لها الأرمن قبل أكثر من 100 عام إبادة جماعية، في تصويت رمزي، لكنه تاريخي، سارع النظام التركي للتنديد به.
ووافق المجلس، الذي يهيمن عليه الديمقراطيون بأغلبية 405 أصوات مقابل 11 صوتاً على القرار، الذي يؤكّد أن سياسة الولايات المتحدة التي تعتبر مقتل 1.5 مليون أرمني على يد الامبراطورية العثمانية خلال الفترة من 1915 إلى 1923 إبادة جماعية.
وقال النائب الديمقراطي آدام شيف، الذي يوجد بدائرته كاليفورنيا عدد كبير من ذوي الأصول الأرمنية: “إن الوقت ليس متأخراً أبداً للاعتراف بالإبادة، وهذا مناسب اليوم تماماً”، وأضاف: “عندما نرى صور الأسر التي استبد بها الرعب في شمال سورية، وهي تقوم بتحميل متعلقاتها في سيارات أو عربات تجرّها الدواب، وتفر من ديارها إلى أي مكان بعيداً عن القنابل التركية والميليشيات المغيرة.
فكيف يمكننا القول بأن جرائم ارتكبت قبل قرن من الزمان باتت من الماضي؟”، وأردف: “لا يمكننا قول ذلك. لا نستطيع أن ننتقي ونختار أي الجرائم ضد الإنسانية مناسبة للحديث عنها.. لا يمكن أن تحملنا قوة خارجية على الصمت”.
يذكر أن الإبادة الأرمنية جرت بين الأعوام 1915 و1923، وشملت عمليات قتل وذبح وإبادة بحق الشعب الأرمني، وكانت ذروتها في الـ 24 من نيسان عام1915، حيث اتخذ حزب الاتحاد والترقي التركي قراراً يقضي بإبادة الشعب الأرمني، إلى جانب اتخاذ مرسوم حكومي يقضي بترحيل الأرمن القاطنين في الامبراطورية العثمانية.
وكانت تقارير وكالات التجسس الأمريكية والمعلومات الاستخباراتية أفادت بأن قوات النظام التركي ومرتزقته يرتكبون خلال العدوان على الأراضي السورية جرائم تتضمن قتل مدنيين والقيام بعمليات تطهير عرقي في المناطق التي يحتلونها.
وبعد قليل من ذلك التصويت، وافق مجلس النواب بأغلبية ساحقة أيضاً على قرار يطالب الرئيس دونالد ترامب بفرض عقوبات وقيود أخرى على تركيا والمسؤولين الأتراك بسبب العدوان التركي على الأراضي السورية.
وصوّت أعضاء المجلس بأغلبية 403 أصوات لصالح القرار مقابل 16 صوتاً، ويندرج في إطار مساعي الديمقراطيين وكثير من الجمهوريين في الكونغرس لدفع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان لإنهاء العدوان.
ومن شأن ذلك التحرّك أيضاً أن يلهب العلاقات بين البلدين العضوين، في حلف شمال الأطلسي.
ولم يتضح بعد مصير التشريعين في مجلس الشيوخ، إذ لم يتحدّد بعد موعد لإجراء تصويت مماثل.
وتعثّرت على مدى عقود في الكونغرس تشريعات تعترف بالإبادة الجماعية للأرمن لمخاوف من أن تعقّد العلاقات مع النظام التركي، وبسبب الضغوط الشديدة التي مارستها حكومة أنقرة على واشنطن، غير أن المشرعين الأميركيين يستشيطون غضباً من تركيا منذ شهور.
وفي محاولة للتصعيد، قالت وكالة الأناضول للأنباء الناطقة باسم نظام أردوغان: “إن وزارة الخارجية التركية استدعت السفير الأميركي في أنقرة ديفيد ساترفيلد”.
ويحاول أردوغان مواجهة حالة الإرباك والإحراج، وذلك بتوجيه اللوم للمسؤولين الأميركيين وللكونغرس، في محاولة لإعطاء صبغة سياسية للقرار، الذي يراه مراقبون أنه يعرّي التاريخ الدموي للامبراطورية العثمانية.
وفيما يتعلّق بقرار العقوبات، قالت وزارة خارجية النظام التركي: “إن التدابير العقابية التي تستهدف كبار المسؤولين الأتراك والقوات المسلحة التركية لا تتفق مع روح تحالفنا في حلف شمال الأطلسي”، حسب تعبيرها، داعية إدارة ترامب إلى التحرّك لكيلا يلحق مزيد من الضرر بالعلاقات.
لكن السلطات التركية تحاول تحميل الأطراف الدولية مسؤولية تجاوزاتها في المنطقة، وتدخلها السافر في شؤون الدول الأخرى، وتهديدها للاستقرار على خلفية عدّة ملفات، أهمها العدوان العسكري على الأراضي السورية، ودعم الإرهاب في سورية طيلة السنوات الماضية.
واتهمت تركيا من قبل المنظمات الحقوقية الدولية بارتكاب جرائم حرب في عدوانها، حيث استعملت القنابل المحرّمة دولياً وقنابل الفوسفور الحارقة ضد المدنيين، كما تورّط مرتزقتها في عمليات إعدام خارج إطار القانون في مناطق شمال شرق سورية.