تصاعد الدعوات لفتح الطرقات في لبنان
عمد متظاهرون، أمس، إلى قطع طرقات في وسط العاصمة بيروت، وعدد من المناطق اللبنانية، مع دعوات للإضراب والعصيان المدني، احتجاجاً على تردّي الأوضاع الاقتصادية، وفرض المزيد من الضرائب، وللمطالبة بإسقاط الطبقة السياسية التي أوصلت البلاد إلى هذا الواقع المتردّي، في الوقت الذي أطلق فيه بعض المواطنين شعار “لا لقطع الطرقات” لما يسببه من أضرار لهم في كسب رزقهم وتأمين حاجاتهم، بينما أكد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون أنه لا بدّ من الحوار مع المتظاهرين من أجل التوصل إلى تفاهم حول القضايا المطروحة.
وبعد الدعوة التي أطلقها الرئيس اللبناني إلى “الاتفاق مع مَن في الساحات لمحاربة الفساد”، عمد بعض المتظاهرين الذين رفضوا الخروج من الساحات إلى إعادة إغلاق بعض الطرقات الحيوية، على الرغم من دعوة أكثر من تكتل سياسي إلى عدم قطع الطرقات، وتأكيدهم الوقوف إلى جانب المتظاهرين في حق الاعتصام السلمي، وإيصال صوتهم إلى أعلى مكان يمكن أن يصل إليه في السلطة.
الأوضاع التي هدأت أقل من أسبوع، عادت أمس إلى الواجهة مع إصرارٍ قاطعٍ من بعض المتظاهرين على قطع الطرقات التي تعدّ الشريان الأساسي للتواصل، بهدف شلّ الحياة العامة في البلاد، وإجبار الدولة اللبنانية على الامتثال للمطالب.
وفي صيدا جنوب لبنان، حاول محتجون إقفال المصارف في المدينة، وآخرون قطعوا جسر الرينغ في بيروت بعد انسحاب القوى الأمنية. وفي طرابلس أيضاً، حاول المحتجون اقتحام مصارف لمنعها من فتح أبوابها، حيث كان قطع الطريق على المصارف من أولى مطالب المتظاهرين، الذين دعوا إلى إغلاق المصارف والطرقات التي تؤدّي إليها، ولكن ليس إلى قطع الطرقات.
يأتي ذلك في الوقت الذي بدأ فيه الكثيرون يتذمّرون من قطع الطرقات بوصفه يشكّل إيذاء للمواطن وليس للطبقة السياسية، ودعوا إلى عدم إغلاق الطرقات لأن إغلاقها “يضرّ بالمواطن اللبناني فقط”، ولكن عدداً ممن قطعوا الطرقات لم يستجيبوا، وبقوا على قرارهم.
وأمس عاد شعار “لا لقطع الطرقات” ليتصدّر مواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، ليصبح وجهة الناشطين الأولى في البلاد تزامناً مع بدء إغلاق المتظاهرين للطرقات.
العديد من الفيديوهات انتشر على مواقع التواصل، وبعضها يظهر إشكالات بين المواطنين أنفسهم، وانتشر أحدها بشكل كبير، وأظهر سيّدة أرادت المرور على حاجز قطعه المتظاهرون في خلدة ومُنعت من ذلك، حيث صرخت مستنجدة لأن أمها في المستشفى، وحاولت فتح الطريق بيديها، لكن أحد قاطعي الطريق رفض السماح لها بالمرور، وكل ذلك تحت أنظار عناصر قوى الأمن الداخلي اللبناني.
فيديو آخر انتشر على مواقع التواصل لرجل يصرخ بأعلى صوته ووجعه، ويقول: إنه يريد المرور ليجلب الدواء لزوجته المريضة بالسرطان، فردّ عليه أحد المتظاهرين “إنت على راسنا، وصرختك صرختنا”، وبعد أن تعاطف معه المتظاهرون، تمّ السماح له بالمرور.
بعض المغرّدين تفهّموا مطالب المتظاهرين، لكنهم دعوا إلى عدم إغلاق الطرقات، لأنها تؤثّر في لقمة عيش العمال، والدراسة في المدارس والجامعات، ومورد رزق أصحاب سيارات الأجرة.
إلى ذلك دعا الرئيس اللبناني مرة أخرى إلى الحوار مع المتظاهرين من أجل التوصل إلى تفاهم حول القضايا المطروحة.
وخلال استقباله المنسق العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش في قصر بعبدا أبلغ عون الأخير أن من أولى مهام الحكومة الجديدة بعد تشكيلها متابعة عملية مكافحة الفساد، من خلال التحقيق في كل الإدارات الرسمية، والمؤسسات العامة والمستقلّة، بهدف محاسبة الفاسدين.
وأوضح عون أن التحقيق سوف يشمل جميع المسؤولين الذين تناوبوا على هذه الإدارات والمؤسسات العامة والمصالح المستقلة، من مختلف المستويات، مؤكداً أن الإصلاحات التي اقترحها ووعد اللبنانيين بالعمل على تحقيقها، من شأنها تصحيح مسار الدولة واعتماد الشفافية في كل ما يتصل بعمل مؤسساتها، ومشدّداً على أن دعم اللبنانيين ضروري لتحقيق هذه الإصلاحات.
وأشار إلى أن النداءات التي وجّهها إلى المتظاهرين والمعتصمين في الساحات عكست تفهّمه للمطالب التي رفعوها، حيث قال أثناء تظاهرة حاشدة مؤيّدة له في قصر بعبدا: إن “ساحات التظاهر كثيرة، ولا يجب أن يأخذها أحد لتكون ساحة ضد ساحة”.
ونقل كوبيتش إلى الرئيس عون اهتمام الأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريس والمسؤولين في الأمم المتحدة بتطوّرات الأوضاع في لبنان، واضعاً إمكانات المنظمة الدولية بتصرّف لبنان لمساعدته في المسائل التي يرغب في تحقيقها لمواجهة الظروف الراهنة.