طريق الحوكمة إلى الشركات متعثرة بغياب المبادئ والتشريعات
دمشق – ريم ربيع
“في بلد جيد الحوكمة يكون الفقر هو المذلة.. وفي بلد سيئ الحوكمة تكون الثروة هي المذلة”، هي مقولة لخصت بكلمات قليلة مدى بعد الشركات السورية عن الحوكمة حتى الآن، فجميع الأسس والمبادئ الممهدة لتطبيق الحوكمة، وفي مقدمتها البيئة التشريعية ليست ملزِمة بعد كما يجب، وإن كانت المقولة المذكورة ترى أن تطبيق الحوكمة يؤسس لشفافية وعدل في أنظمة الشركات، إلا أن الواقع المخالف لها يشي بالكثير من العقبات، لعل أولها الفساد، واعتبر د.هشام الخياط رئيس مجلس إدارة الجمعية السورية لمستشاري الإدارة أن الحوكمة هي الترياق الأساس لمكافحته عبر أعضاء مجلس إدارة على دراية واسعة ومراعاة الشفافية وتلقي المستثمرين للمعلومات الملائمة ومحاسبة صانعي القرار الذي لا يجب أن يتخذ خلف الأبواب المغلقة.
خياط وخلال ندوة الأربعاء التجاري في غرفة تجارة دمشق بين أن معضلة الفساد تتمثل بالاعتراف بمدى ضرره بالأعمال، إلا أن الشركات الفردية المتورطة تجني منفعة قصيرة المدى منه، موضحاً أن القطاع الخاص يمكن أن يكون سبباً بالفساد كشريك في المشتريات العامة، وعبر كسب امتياز تنافسي غير عادل، أو قد يكون ضحية بسبب الابتزاز وفقدان التنافسية، أو حتى حل للفساد عبر حشد القطاع في عملية الإصلاح، إضافة إلى إصلاح الشركة داخلياً ومؤسسات الدولة خارجياً، وهو أمر تمثل الحوكمة جزءاً هاماً منه، فبيئة ممارسة الأعمال تتطلب أولاً تطبيق الحوكمة والحصول على المعلومات وسيادة القانون والدخول إلى السوق وحقوق الملكية.
ولم يرَ الأستاذ في كلية الاقتصاد د.أيمن ديوب في توزع الشركات وتصنيف 90% منها بأنها شركات عائلية وشركات صغيرة ومتناهية الصغر عائقاً من تشكيل مجالس إدارة فيها لتطبيق الحوكمة، معتبراً أن إدارة المؤسسات في القطاع العام أكثر أهمية من الخاص لكثرة الفساد والهدر فيها، حيث تعني الحوكمة التزام الشركات بالسلوكيات الأخلاقية الموجودة والممارسات المهنية وانفتاحها للسوق، وتهدف لحماية المساهمين وتعميق دور أسواق المال والشفافية وقابلية المحاسبة وتعزيز الثقة بالاقتصاد.
وفي حين تطغى المبادئ لا القواعد على تفعيل الحوكمة رأى ديوب أن كل جهة في سورية تطبق المبادئ بطريقتها، كما رأى أن السبب في غياب منظومة الحوكمة للبورصة هو ضعف المقومات المطلوبة لتطبيقها، وضعف تطبيق نظام التقاضي والضابطات العدلية، ونظام الشركات والاستثمار والإفلاس وحماية المنافسة، لافتاً إلى أن نظام الشركات لدينا لا يطبق الحوكمة، فضلاً عن اللغط الكبير الذي يتسبب به تعديل القوانين كل فترة. وعن دور سوق المال بين ديوب أن هيئة سوق المال تحتاج أولاً لتطبيق الحوكمة؛ فلا يمكن الحديث عن رقابة في ظل ضعف السلطة القضائية وضبابية القانون، وعدم القابلية للمساءلة، فنحن بحاجة إلى جهة خارجية تراقب هيئة الأوراق وسوق المال قبل أن تراقب الشركات بدورها.