ثقافةصحيفة البعث

حسام المهدي: الموسيقا علم وفن

لمعاناته الكبيرة في دراسة آلة القانون في ظل عدم وجود منهاج أكاديمي كان لا بد للعازف والمدرّس في معهد صلحي الوادي حسام المهدي من التفكير بشكل جدي بوضع منهاج دراسي أكاديمي في آلة القانون يمكن الاعتماد عليه في بلدنا والوطن العربي، مؤكداً أن جميع المعاهد تخلو من هكذا منهاج بحيث يعتمد كل مدرّس على أسلوبه الخاص في التعليم، لذلك كان مصراً على إنجازه وهو اليوم فخور لأنه رأى النور بعد أن صدر حديثاً وقد وضع فيه الأسس والمبادئ ليبدأ به الدارس من الصفر وصولاً إلى مرحلة متقدمة لما فيه من أسس علمية لحركة اليدين وتمارين كثيرة تطَوِّر المهارة والتكنيك من خلال استعمال مفتاحَي الصول والفا معاً، وفيه 183 تمريناً متدرجاً في الصعوبة، إلى جانب القسم النظري الذي يليه بعض المقامات الشرقية البسيطة، حيث عدد المقامات الشرقية يخضع لقانون الاحتمال من حيث النسب والاهتزاز، وهو بحث يطول، لذلك فإن المهدي بصدد وضع كتاب عن ماهية المقام الشرقي وأبعاده بالكوما والنسبة الاهتزازية العلمية الدقيقة .

 

ملَكة توصيل المعلومة

يبين المهدي أن هذا المنهاج يفتح الطريق أمام المحترفين ويساعدهم في عملية التدريس كونه يحوي -إضافة للتمارين-مقطوعات متنوعة وايتودات تمكِّن الطلاب والهواة من فهم الآلة والإبداع فيها، مشيراً إلى أنه ومن خلال تدريسه في معهد صلحي الوادي لاحظ نقصاً عند الطلاب في فهم الآلة، فمعظم الطلاب لا يتقنون الارتجال الذي يُعد من أهم أعمدة الدراسة في المقامات الشرقية، ولكنه لاحظ ومنذ فترة أن حب الآلة يزداد عند الأطفال، موضحاً أن هذه الآلة بحر من الأنغام ومليئة بالأحاسيس، إذا أحبها الطالب أبدع فيها، وهو كمدرس يعزف أمام كل طالب ليبين له مواضع الجمال فيها، مع التأكيد على أهمية عدم الانقطاع عن التمرين اليومي المتواصل لأي سبب، منوهاً إلى أنه لا يمكن لأي موسيقي ناجح أن يكون مدرِّساً إلا إذا توفرت لديه ملَكة توصيل المعلومة للطالب على جميع الأصعدة وفي كل العلوم، وأهمها الدوزان كونه يحوي على 78 وتراً ثلاثياً أي 26 درجة صوتية وأيضاً ثقل وزنه على الطفل وتكلفة صيانته، والأهم من هذا كله عدم وجود منهاج تعليمي أكاديمي، متمنياً أن يكون قد وضع أسساً تفيد الأجيال القادمة وتمنع هذه الآلة من الاندثار والضياع .

الموسيقا علم وفن

يوضح المهدي أن الموسيقا علم وفن، فالعلم هو العلاقة بين الصوت والزمن، والفن هو الإبداع الذي يحاكي النفس والروح، وأي كائن حي له إحساسه الخاص بالصوت المحرك لمشاعره من حيث الحزن والفرح والغضب والحماس إلى آخره، وقد بدأ ظهور الآلات منذ القدم وبدأت بإصدار الأصوات وتطورت تدريجياً إلى أن وصلت لشكلها، ومن الآلات التي تطورت آلة القانون التي بدأ ظهورها جلياً منذ العصر الأموي والعباسي إلى يومنا هذا وهي آلة أصيلة تطلق أنغاماً وأصواتاً عذبة جداً وقد استهوت المهدي منذ أن كان طالباً في المرحلة الإعدادية، حيث لم يكن التلفاز منتشراً في سبعينيات القرن الماضي وكانت الوسيلة الوحيدة للتسلية هي المذياع، ومن خلاله استمع للعزف المنفرد على العود والقانون والناي والكمان الذي كانت تبثه الإذاعة يومياً، وفي تلك المرحلة صنع المهدي بنفسه آلة من علبة معدنية بشكل متوازي المستطيلات وشدَّ عليها بعضاً من خيطان النايلون من خلال خشبة ثبّتها ببعض المسامير والبراغي، وعزف عليها النشيد الوطني ونشيد موطني من كتاب المدرسة للأناشيد، حيث لم يكن لدى عائلته إمكانية تسجيليه في معهد أو شراء آلة حتى تمكَّن من خلال عمله في أوقات الفراغ من شراء آلة الغيتار ثم العود لرخص ثمنهما بالمقارنة مع آلة القانون باهظة الثمن، وعندما بلغ المرحلة الثانوية التقى أستاذه ومعلمه الراحل عدنان إيلوش الذي ساعده في اقتناء آلة القانون وضمّه خلال فترة بسيطة لفرقة المعهد العربي الشرقية آنذاك، ومن هنا بدأ الاحتراف في الموسيقا بالنسبة اليه، بالإضافة إلى دراسته الجامعية في الرياضيات والفيزياء، منوهاً المهدي إلى أنه عمل في عدة فرق منذ بداية الثمانينيات، أولها فرقة العود الحديث التي أسسها إيلوش في المعهد العربي، وكانت تُقَدِّم الموسيقا الشرقية من سماعيات ولونغا وموشحات وغيرها، كما عمل مع فرقة العاشقين وفرقة الأرض للتراث الفلسطيني، وأسس لاحقاً فرقة أسماها فرقة عدنان أبو الشامات، وبعدها أسس أوركسترا يا مال الشام لتُقَدِّم التراث بطريقة أكاديمية، كما له عدة تجارب في كتابة الأغاني وتلحينها، وأيضاً في المقطوعات الموسيقية .

أمينة عباس