“اتفاق الرياض”.. وتجميل الاحتلال
يبدو أن المحاولة السعودية لتعويم اتفاق الرياض بين الميليشيات التابعة لها في جنوب اليمن، واعتباره ممراً لتحقيق “السلام”، بعد سنوات من العدوان الذي تقوده هي وحلفاؤها، ما هي إلا هروب إلى الأمام، وسعي إلى تجميل الاحتلال وفرضه عبر العملاء والطامحين للسيطرة على مقدرات المدن اليمنية، والأهم التغطية على الجرائم الوحشية التي ترتكبها في باقي المدن، وتقديم صورة لـ”العالم الحر” بأنها دولة تسعى إلى السلام في اليمن!!؟. ولكن هل تنطلي هذه الدعاية السوداء على الشعب اليمني؟، وهل ما جرى بالفعل سيؤدي إلى إنهاء الحرب على اليمن؟. أم أننا أمام مشهد جديد من القتل والفوضى بذرائع جديدة؟.
لاشك، أن الرياض وبعد سنوات من العدوان على اليمن وجدت نفسها في ورطة كبيرة جداً، لم تستطع حتى الآن إيجاد المخرج المناسب الذي يضمن لها فرض أجنداتها والسيطرة على موقع اليمن الاستراتيجي، لذا رأت في الاتفاق فرصة مناسبة لتحقيق انتصار وهمي أمام المجتمع الدولي، وأنها قادمة لتحقيق السلام بين القوى اليمنية، ولكن هذه القوى، التي تدّعي السعودية والإمارات أنها ساعدتها على تحقيق السلام والشراكة فيما بينها، هي القوى نفسها التي سهّلت دخول المحتل السعودي والإماراتي، وهي نفسها التي باعت الأرض اليمنية بأثمان بخسة للمحتل “سوقطرى- شبوة- ميناء عدن” عبر اتفاقيات طويلة الأمد، وهي ذاتها أيضاً التي دعمتها السعودية والإمارات عندما بدأت الاقتتال فيما بينها عبر تبني كل دولة طرفاً، ودعمه بالسلاح للسيطرة على كامل المدن الواقعة تحت الاحتلال، واليوم تأتي لتقول: إنها ساهمت في إبرام اتفاق تاريخي فيما بينها لإدارة البلاد.
إن ما جرى في مدن اليمن الجنوبية هو محاولة مفضوحة من السعودية والإمارات، وبتوجيه من السيد الأمريكي، للتغطية على الخلاف الكبير الذي حصل بين الحليفين، وإظهارهما بمظهر المتفقين على وحدة اليمن وسلامة أراضيه، ولاسيما بعد سيطرة القوات المدعومة إماراتياً على كامل مدينتي عدن والمخا، ولكن هل ستستمر هذه الكذبة مع خروج أصوات من المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي تدعمه أبو ظبي، ترفض الاتفاق، وتدعو إلى خروج كامل القوات المحتلة من اليمن؟.
والحال، فإن العدوان على اليمن مستمر، ما دامت السعودية ترفض حتى الآن الالتزام باتفاق استوكهولم وبنوده، وترفض أيضاً، أي مبادرة يمنية صادقة لإنهاء العدوان “مبادرة الرئيس المشاط مثالاً”.. بل على العكس وجدت في اتفاق السلام المزعوم الذي رعته، وروّجت له، ووحّدت فيه القوى المتحاربة فرصة مناسبة، لبدء جولة جديدة في مواجهة الجيش اليمني واللجان الشعبية، وما الغارات العنيفة على مديريات الحديدة وحرض إلا تأكيد لذلك.
وعليه فإن الاتفاق، الذي تم توقيعه في الرياض بين القوى اليمنية، لن يمنع الطائرات السعودية من الإغارة على الأسواق والمدارس والمستشفيات والجامعات، ولن يعيد فتح المطارات والموانئ لاستقبال المساعدات لشعب اليمن، ولن يحرّك المجتمع الدولي لوقف المجازر السعودية، والحل سيبقى فقط باستمرار المقاومة اليمنية، بقيادة الجيش واللجان الشعبية، لفرض معادلات جديدة على غرار صاروخ الدمام وهجوم أرامكو ومطاري دبي وأبو ظبي، فالعدو لا يفهم إلا لغة القوة، وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة.
سنان حسن