تونس: تعثر المفاوضات الحكومية و”النهضة” ترفع سقف شروطها
تتجه الأنظار هذه الأيام في تونس إلى المشاورات الأخيرة في تشكيل الحكومة الجديدة وفق الآجال التي حددها الدستور، مشاورات اتسمت بـ”شد الحبل” بين الأحزاب المتفاوضة؛ كل طرفٍ تمسك بموقفه، فوجدت حركة النهضة نفسها محشورة في الزاوية.
فلم يتبق سوى ساعات على تنصيب البرلمان الجديد المنتخب، وبدأ العد التنازلي للحسم حول الشخصية التي سيتمّ تكليفها بتشكيل الحكومة القادمة.
بعد انعقاد مجلس شورى حركة النهضة أواخر الأسبوع الماضي، أعلنت الحركة تمسّكها بقرار ترشيح شخصية من داخلها لرئاسة الحكومة وترشيح رئيسها راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان. وقد أقرت الحركة على لسان رئيس مجلس الشورى عبد الكريم الهاروني بتعثر المفاوضات مع أطراف سياسية بعينها، في إشارة إلى التيار الديمقراطي وحركة الشعب.
ويأتي تمسك “النهضة” بتعيين رئيس حكومة من داخلها، في ظل رفض عدد من الأحزاب المعنية بالمفاوضات، وهي بالأساس التيار الديمقراطي وحركة الشعب وحركة “تحيا تونس”، ترؤس النهضة للحكومة، ومطالبتها بتقديم تنازلات لتكوين ائتلاف حكومي واسع عبر اختيار شخصية مستقلة.
ورشح المكتب السياسي لحزب التيار الديمقراطي القيادي في الحزب، غازي الشواشي، لرئاسة مجلس نواب الشعب، وذلك بعد يوم من إعلان حركة النهضة عن موقفها، وأشار إلى أنه في حال قبول النهضة بشروط التيار الديمقراطي والمتمثلة في منحه وزارت الداخلية والعدل والإصلاح الإداري، واختيار شخصية مستقلة لرئاسة الحكومة، والاتفاق على برنامج حكومي، فإن الحزب سيسحب مرشحه لرئاسة البرلمان وسيدعم مرشح حركة النهضة راشد الغنوشي.
وقد أثار موقف حزب التيار الديمقراطي، جدلاً لدى فئة واسعة من التّونسيين، الذي اتّهموا الحزب بممارسة سياسة المقايضة والمساومة، وعرض مطالب تعجيزيّة لا تبتعد في جزئياتها عن مبدأ “اقتسام الكعكة”.
من جانبها أكدت حركة الشعب أنها لن تشارك سوى في حكومة لها برنامج لإنقاذ البلاد، واعتبرت على لسان أمينها العام زهير المغزاوي أن حركة النهضة تريد إعادة إنتاج الفشل من جديد. من جهته، شدد القيادي بحركة الشعب خالد الكريشي على تشبث الحزب بموقفه، وقال: إن حركة النهضة تعتمد سياسة الهروب إلى الأمام ورشحت رئيسها راشد العنوشي لرئاسة البرلمان في محاولة للمناورة بقصد كسب أهداف سياسية أكبر، بحسب تعبيره.
وأكد أن حركة الشعب ما زالت تعتقد أن الحل الوحيد هو أن يكون رئيس الحكومة شخصية مستقلة وأن تعمل الحكومة القادمة وفق برنامج توافقي بين كل الأطراف السياسية لتوفير حزام سياسي واسع للحكومة القادمة.
كما أشار إلى أنه من الصعب أن تحظى النهضة بأغلبية مريحة في البرلمان، باعتبار أن أغلب الكتل ضدها ما عدا كتلة ائتلاف الكرامة.
تجدر الإشارة إلى أن المتابعين للشأن السياسي يرون أن ضُعف المقاعد التي حصلت عليها حركة النهضة في البرلمان (52 مقعداً) جعلها في موقف تفاوضي ضعيف رغم ايحائها بأنها في موقع قوة. فهل ستقوم النهضة بتنازلات خلال الساعات القليلة القادمة وماذا عن السيناريوهات المطروحة في حال تمسكها بشروطها؟.