في الذكرى الأولى لاحتجاجات السترات الصفراء
ترجمة: هيفاء علي
عن ليبراسيون 17/11/2019
أطلقت شرطة باريس الغاز المسيل للدموع في شمال غرب وجنوب العاصمة الفرنسية يوم السبت 16 تشرين الثاني 2019 لصد المحتجين في الذكرى السنوية الأولى لمظاهرات السترات الصفراء المناهضة للحكومة الفرنسية. وفي ساحة بلاس ديتالي بجنوب باريس أشعل المحتجون، الذين ارتدوا ملابس سوداء وغطوا وجوههم، النار في صناديق قمامة وأطلقوا مقذوفات على شرطة مكافحة الشغب. واندلعت اشتباكات بين الشرطة والمتظاهرين قرب محطة بورت دو شانبرييه، فيما كان المحتجون يستعدون للسير باتجاه محطة جار دوسترليتس. وتدخلت الشرطة لمنع بضع مئات من المتظاهرين من احتلال الطريق الدائري في باريس.
يا له من عيد ميلاد حزين بطعم مرير. كانت ساحة ديتالي في جنوب العاصمة باريس مسرحاً للاشتباكات بين المحتجين والشرطة الذين استخدموا الغاز المسيل للدموع لتفريق متظاهري السترات الصفراء. عند سفح الأبراج المطلة على ساحة المركز التجاري “إيطاليا2″، تجمع المئات من المحتجين في الصباح الباكر، الكثير منهم لم يرتدوا سترات صفراء، بل ارتدى بعضهم قفازات، وكانت وجوههم ملثمة، حيث قاموا بإشعال الحرائق في حاويات القمامة في الطرق المختلفة. وفيما كان المتظاهرون يتوافدون إلى ساحات التظاهر، سارع رجال الشرطة إلى قطع حركة المرور وإغلاق محطة المترو، واستدعاء شاحنات الإطفاء التي اخترقت الحشود لإخماد حرائق القمامة أو المتاريس، وأخذ غالبية المتظاهرين بالتصفيق لهم عند مرورهم، وهم يهتفون “رجال الإطفاء معنا!”.
في منتصف النهار، تدهور الوضع وتحول إلى اشتباكات واسعة النطاق، حيث تم استهداف المركز التجاري “إيطاليا2” من قبل العشرات من المتظاهرين المقنعين الذين هاجموا الأبواب وواجهات المتاجر فيه، حيث تمكن بعضهم من التسلل إلى الداخل لفترة وجيزة، إلا أن عناصر الشرطة قامت بإجلائهم عن طريق وابل من القنابل اليدوية. وفي الوقت نفسه، هاجم البلطجية السيارات المتوقفة أمام ألجيكو، ما أغرق المكان بسحابة كثيفة من الدخان الأسود.
حول ساحة المركز التجاري “إيطاليا2″، تم إغلاق جميع المتاجر، وقبل أقل من نصف ساعة من بدء المسيرة المقررة، يظهر مدفع المياه ويرش على طول الطريق، يحاول العديد من المتظاهرين الفرار، لكن مغادرة الساحة أمر شبه مستحيل، حيث تصدر الشرطة أوامر بتجنب انتشار المصادمات إلى مناطق أخرى من العاصمة. “سوف ينتهي الأمر بشكل سيئ” يقول لوران، المسؤول عن التفاوض مع دائرة الاستعلام والأمن: إنهم يكسرون كل شيء وأي شيء”.
في حوالي الساعة 4 مساء، تبدأ جموع المتظاهرين بالتشتت. انقسم المتظاهرون إلى مجموعات صغيرة، لكن الكثير منهم ما زالوا يتصادمون مع حواجز الطرق لم يكن حتى وصول شاحنات التنظيف لمدينة باريس أمراً يسيراً، فيما تحولت ساحة المركز التجاري الإيطالي إلى مزيج هائل من الزجاج المكسور والدراجات البخارية الكهربائية المحترقة، المتاريس البخارية، وتم استبدال رائحة البلاستيك المحترق برائحة الغاز. وفي نهاية المساء، عندما خفت التوترات أخيراً في قطاع لي هاليس، اعتقلت الشرطة 147 شخصاً، كما أصيب أحد الصحفيين المستقلين بجروح خطيرة في الوجه جراء إصابته برصاص قنبلة يدوية.
وكانت احتجاجات السترات الصفراء انطلقت في منتصف تشرين الثاني 2018 بسبب زيادات في أسعار الوقود وارتفاع تكلفة المعيشة، لكنها تحولت إلى حراك أوسع ضد سياسات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الداخلية ومسعاه لتنفيذ إصلاحات اقتصادية.
وفقدت الاحتجاجات زخمها في الشهور القليلة الماضية وتراجع عدد المشاركين فيها من عشرات الآلاف إلى بضعة آلاف، لكن قادتها دعوا إلى الحشد من جديد يوم السبت لإحياء الذكرى الأولى للحراك. وفي ذروة الاحتجاجات أواخر العام الماضي، وصل عدد المشاركين فيها إلى 300 ألف شخص. ومنعت السلطات الاحتجاجات بالقرب من المعالم السياحية مثل برج إيفل وأغلقت العديد من محطات المترو يوم السبت 16 تشرين الثاني 2019.