عصف ذهني..! رغم اكتمال أضلاع “المثلث الذهبي” لا تزال العثرات تلاحق “الصغيرة والمتوسطة”..
اجتهد ما وصفه وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية باجتماع للمثلث الذهبي لكل من “مؤسسة ضمان مخاطر القروض – هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة – هيئة دعم تنمية الإنتاج المحلي والصادرات”، باتجاه تأسيس مرحلة تنموية جديدة عنوانها الرئيس الجدية باتجاه النهوض بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث تبدأ التنمية من هيئة المشروعات باعتبارها الجهة المشرفة على هذا القطاع والمعنية بتفعيل هذه المشروعات، انتقالاً إلى مؤسسة المخاطر الكفيلة بتسهيل عملية التمويل، وصولاً إلى هيئة الصادرات التي تشكل الضلع الثالثة لتسويق منتجات هذه المشروعات.
اعتبارات معروفة
إن الاعتبارات الدافعة لهذا الاجتماع –الذي فضل رئيس الوزراء أن يكون استراتيجياً حتى يؤتي ثماره- لا تخفى على أحد، أبرزها ما يشكله هذا المكون الاقتصادي من نقطة ارتكاز حقيقية للنهوض بالاقتصاد الوطني، ولكون هذا النوع من المشروعات يشكل الحامل الأساسي للتنمية وفق ما أكده رئيس الوزراء المهندس عماد خميس.
شبح التأخر
لا شك أن التأخير بإحداث مؤسسة ضمان مخاطر القروض ألقى بظلاله على واقع تفعيل المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي على ما يبدو لا ترغب المصارف بتمويلها نظراً لما تحمله من مخاطر –من وجهة نظر المصارف طبعاً- بسبب ما تفتقده من ضمانات تحبذها المصارف، كالعقارات مثلاً، وفق ما بينه المدير العام للمؤسسة مأمون كاتبة الذي أشار إلى أن المؤسسة ستساهم بتمكين المتمولين من الحصول على تمويل مشروعاتهم، من خلال عقد اتفاقيات إطارية مع المصارف لهذه الغاية.
لا تنسيق
على اعتبار أن مؤسسة ضمان مخاطر القروض باتت قاب قوسين أو أدنى من العمل الفعلي، إذ أشار رئيس مجلس إداراتها إبراهيم زيدان إلى “أنها ستباشر العمل الفعلي بداية العام القادم، وذلك بعد أخذ مقر لها في دمشق”، يكون المثلث الذهبي للتنمية قد اكتمل وإن كان متأخراً، لكن ذلك لا يعني عدم وجود إشكاليات تحتاج إلى معالجة، وأبرزها غياب التنسيق الذي ظهر واضحاً ضمن سياق الاجتماع بين هيئة تنمية المشروعات ومؤسسة ضمان المخاطر الحديثة الولادة، وتبدى ذلك عبر مداخلة مدير عام الهيئة إيهاب اسمندر عندما عرض عدة تساؤلات تفيد بعدم حدوث أي لقاء بين هيئته والمؤسسة، وخاصة عندما تساءل عن “نماذج العقود المعتمدة من قبل المؤسسة”، وآلية تعامل المؤسسة مع المصارف..؟ ليجيب مدير الأخيرة مأمون كاتبة بأنه ستكون هناك اتفاقيات إطارية، وليس نماذج عقود..!
مخاطر معرفية
كما أن مدير عام المصرف الصناعي الدكتور عمر سيدي رأى أن البيئة غير مهيأة للمشاريع الصغيرة؛ فالمصارف لا تقوم بتمويلها؛ لأنه لا يوجد لديها ضمانات ولا يمكن التأكد من جدارتها الائتمانية، في حين أشار المستشار لدى رئاسة الوزراء ناظم عيد إلى حيثية مساعدة أصحاب المشروعات ليس بمسألة التمويل فحسب، بل في مجال إدارتهم لمشروعاتهم، إذ إن لدى البعض سيولة أو كتلة مالية كافية لتمويل أي مشروع صغير أو متوسط، ولكن يحتاج إلى من يرشده إلى الطريق الصحيح. وتوافق الأمين العام لمجلس الوزراء الدكتور قيس خضر مع الأخير، مؤكداً أن المخاطر المعرفية هي عائق لا يقل أهمية عن المخاطر المصرفية، وبالتالي لابد من الأخذ بيد أصحاب هذه المشاريع وتوعيتهم باتجاه توظيف أموالهم، كما أنه لابد من معرفة هيكلية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة للوقوف على غير المنظم منها..! وضمن ذات السياق بيّن رئيس المجلس الاستشاري الدكتور محمود زنبوعة ضرورة تنظيم اقتصاد الظل الذي يشكل نحو 60% من المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وألا يقتصر التمويل على المشروعات الجديدة فقط، بل القائم منها أيضاً، وخاصة أن أصحاب الأخيرة لديهم الخبرة العملية والضمانات.
وختم رئيس الوزراء الاجتماع بتوجيه كل من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، ومصرف سورية المركزي، بوضع آلية متابعة لنتائج عمل المؤسسات الثلاث المعنية بالاجتماع وبشكل دوري، وتذليل أية عقبة تواجه عملها، وتأمين كل متطلبات العمل الكفيلة بتعزيز واقع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، مشدداً على ضرورة أن يكون لهذه المؤسسات فروع في كل المحافظات.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com