اقتصادصحيفة البعث

عليكم برأس الأفعى..!

اجتهدت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك باتجاه الاستقواء على المحال التجارية المنتشرة على مدى الجغرافيا السورية، عبر ملاحقتهم وتنظيم الضبوط تحت ذريعة رفع أسعار منتجاتهم، والطلب من المستهلكين اعتماد ثقافة الشكوى لمعرفة المخالف منهم، وبالتالي إغلاق محله..!
طبعاً.. نحن هنا لا ندافع عن أي مخالف كائناً من كان، ولا نستبعد تورط عدد من هؤلاء “الصغار” بمخالفات تتعلق بالدرجة الأولى بارتفاع الأسعار، ولكن يجدر بالوزارة ملاحقة كبار التجار الموردين لهؤلاء الصغار؛ فهم من يرفعون هوامش أرباحهم لما يوردون إليهم من سلع ومواد استهلاكية وخاصة الغذائية منها، بمعنى أنها تترك رأس الأفعى وتستقوي على ذنبها، بدليل أن الفواتير المأخوذة من تاجر الجملة هي الفيصل..!
إن ملاحقة صغار التجار أيها السادة.. أفضت إلى توخي هؤلاء متابعة تحركات حماية المستهلك في الأسواق، وبالتالي إلى إغلاق محلاتهم مسبقاً، ريثما يغادر “حماة المستهلك” المنطقة المستهدفة؛ ما أسفر عن قيام حماية المستهلك بمخالفة أصحاب المحال المغلقة، إضافة إلى إحجام تجار المفرق عن استجرار العديد من المواد الاستهلاكية الأساسية من تجار الجملة خشية أن يتحملوا هم وزر ارتفاع أسعارها..!
بدا مما حصل بالأسواق خلال الأيام القليلة الماضية أن الهم الأساسي لوزارة التجارة الداخلية، هو ذر الرماد بالعيون وإيصال رسالة إلى الرأي العام بأنها لا تدخر جهداً في سبيل ألا تذوب الزيادة الأخيرة للرواتب في بوتقة رفع التجار للأسعار، في حين أن الأجدى لها أن تنسق مع كل من وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية، ومصرف سورية المركزي، لمعرفة أسعار ما يستورده كبار التجار من السلع والمواد، للوقوف على هوامش أرباحهم الحقيقية ولاسيما الذين يستفيدون من تمويل المصرف المركزي لبضائعهم بالسعر الرسمي للدولار..!
غير أن الوزارة على ما يبدو مصرة على محاباة حيتان التجار وخاصة أولئك الذين لا يفتؤون يتغنون بأنهم طالما وقفوا إلى جانب البلد بأشد الظروف من خلال تأمينهم للمواد الأساسية للمستهلك، وكأننا بهم يريدون أن يقنعونا أن عملهم هذا خيري..!
وإذا كانت الوزارة مصرة على تعميم “ثقافة الشكوى”، فها نحن أولاء نقدم شكوى رسمية بحق بعض كبار التجار الموردين للسلع الأساسية وخاصة الغذائية منها، كالسكر والزيوت والسمون والشاي وغيرها، ولا نعتقد أن أسماءهم غير معروفة للوزارة… فما هي فاعلة بحقهم..؟!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com