ثقافةصحيفة البعث

واقع اللغة العربية في التعليم العام والجامعي تحت مجهر “مجمع اللغة”

تزامن الاحتفال بمرور مئة عام على تأسيس مجمع اللغة العربية في سورية مع جلسات المؤتمر الحادي عشر للمجمع، التي ابتعدت عن التنظير واتخذت جانباً تطبيقياً وذاتياً في بعضها، وحملت أفكاراً فاعلة تنم عن تغييرات جذرية تطال المقررات الدرسيّة وتأهيل المعلم قبل التعليم، وتنحو نحو التخصص الفعلي لمعلم اللغة العربية، مما يومئ بالحفاظ على العربية في بلد العروبة.

المعلم المتميز

وضمن محور”معلم اللغة العربية في التعليم العام والجامعي” أوضح د. عيسى العاكوب بأن معلم اللغة العربية يجب أن يؤمن برسالته المرتبطة بالوطن، وعليه أن يتحلى بالإدراك العميق لأهمية الرسالة التي يؤديها بتعليم الأجيال، وذلك في بحثه المعنوّن ب”المؤهلات التي نريدها من خريجي أقسام اللغة العربية..واقتراح لتسهيل رفدهم بها”، ووصف د. العاكوب بسرد جميل صفات المعلم المؤهل القادر على التعليم بأداء متقن سليم بعربية جذابة مشرقة، وأن يعمل بمحبة وليس بإكراه وتكلف، وتشجيع المبادرة الفردية والاهتمام بالمدرس المتميز وتخصيص جائزة سنوية للمدرس المتميز في كل عام. ليصل إلى اهتمام المقررات الدرسيّة في الجامعة –قسم اللغة العربية- بتدريس الطلاب جماليات اللغة بالبلاغة والأدب وإهمال متن اللغة ومعاني المفردات، فتبدو المسألة في غاية التعقيد والتركيب بعيداً عن الدلالة، مما يحدث فجوة كبيرة بين التعليم الثانوي والجامعي، ليخلص إلى أهمية استخدام الألفاظ بمعانيها وإعداد المعلم إعداداً تربوياً يسعى من خلاله لإعادة روح جديدة لتعليم العربية.

البحث العلمي

وأثنى د. رضوان الداية على ظاهرة لقاء أربعة أجيال بين علماء اللغة العربية وتلامذتهم الذين أصبحوا أساتذة الآن بحضور طلابهم الشباب، وانطلق ببحثه”مدرس اللغة العربية في التعليم الجامعي..إعداداً وتأهيلاً وتدريباً” من تجربته الذاتية حينما كان معيداً قبل إيفاده لدراسة الدكتوراه، شارحاً فكرة نظام المعيدية بإعداد المعلم المتخصص القادر على أداء المهمة العلمية، وتوقف عند البحث العلمي، ويرى د. الداية أن كتابة البحوث أهم من تأليف الكتب على أن يقدم الباحث فكرة جديدة، مستعرضاً أسس البحث العلمي القائم على الأعمال الإبداعية أو إتمام النقص أو شرح المغلق من الكلام أو اختصار المطوّلات أو جمع المتفرقات أو ترتيب المختلط أو إصلاح الخطأ. ليخلص إلى ضرورة تأهيل المعلم بالجامعة قبل أن يمارس مهمة التعليم.

جهود بين الممتازة والمتوسطة

وجمعت د. منيرة فاعور رئيسة قسم اللغة العربية في جامعة دمشق للمرة الثانية بين الجانبين النظري والتطبيقي، مبتدئة من دور دبلوم التأهيل التربوي في كلية التربية بتكاملية المادة المعرفية بين النظري والعملي التطبيقي وشمولية مواده وسدّ ثغرات مرحلة الإجازة، وإحاطة التربية العملية بالاختصاصات كلها، ثم من تجربتها بإقامة الدورات التخصصية من خلال ترؤسها قسم اللغة العربية في معهد تعليم اللغات، بإتباع الطلاب دورة إعداد المعلم ودورة التدقيق اللغوي، وقد اعتمدت في بحثها الذي قدمته ضمن جلسات المؤتمر على الجانب التطبيقي”جهود قسمي اللغة العربية في جامعة دمشق في إعداد معلم اللغة العربية وتأهيله وتدريبه” لمرحلة الإجازة الجامعية ومرحلة الدراسات العليا –الماجستير والدكتوراه- ودورات مكتب ممارسة المهنة، وقسم تعليم اللغة العربية في المعهد العالي للغات لمرحلة الطلاب في الدراسات العليا، وفي دورات مكتب ممارسة المهنة، وطرحت من خلال البحث سؤال”ما جهود قسمي اللغة العربية في جامعة دمشق في إعداد معلم اللغة العربية وتأهيله وتدريبه؟ فبيّنت د. فاعور ما يسجل للدورات التدريبية من أهداف تساعد المعلم وتؤهله تأهيلاً عملياً لخوض العملية التعليمية، وحصول المعلم المتدرب على شهادة تخوله التدريس في داخل سورية وخارجها، ولعل أهم ما في الدورات إثارة دافعية الطلاب المتخرجين حديثاً لخوض تجربة التعليم دون خوف ولا اتكال على التقليدية الموروثة، وتوصلت د. فاعور في نهاية بحثها التطبيقي إلى أن جهود قسمي اللغة العربية في جامعة دمشق ممتازة من حيث إعداد محتوى تدريبي يؤهل معلم اللغة العربية ويعدّه الإعداد السليم، وممتازة أيضاً من حيث اختيار المدربين فينعكس ذلك إيجاباً على إعداد المتدربين، وفيما يتعلق بالتجهيزات والوسائل، فالجهود متوسطة.

إلزام الخريجين بالدورات

وعادت د. فاعور إلى الواقع الحالي بوجود أعداد كبيرة بالقسم مما يقلل من تأهيل المعلم تأهيلاً جيداً، فوجدت الحل من واقع تجربتها العملية بفرض قانون يلزم الخريجين بإتباع دورات تخصصية قبل ممارسة مهنة التعليم، وإنشاء منصة إلكترونية لعرض الدروس المتميزة التي يقدمها المتدربون. وتقرير تدريس مادة طرائق تدريس اللغة العربية ضمن المرحلة الجامعية في قسم اللغة العربية مع العلم بأن المقرر مطبق في بعض جامعات القطر، ومنها جامعة حلب.

التخصص والتأهيل

وحظيت الجلسات بمداخلات هامة، منها مداخلة د. لبانة مشوح التي أشارت إلى ضرورة وجود تخصصات للخريجين وتأهيلهم بناء على ذلك، بطرحها سؤالاً ماذا نريد من الخريج؟ لتجيب: هل نريده لغوياً أو ناقداً أو مبدعاً أو مدققاً أو معلماً؟ لتصل إلى ضرورة إيجاد أساليب جديدة تتبع بقسم اللغة العربية، وإلى ضرورة إعادة النظر بالمقررات التي تدرس. وأثنى د. محمود السيد على اقتراح تدريس مادة طرائق تدريس اللغة العربية في قسم اللغة العربية. واقترح أحد الحاضرين إقامة دروس لغوية سماعية والتحاور بين الأستاذ والطلاب.

ملده شويكاني