لصوص النفط السوري
فقدت الولايات المتحدة ذريعة وجودها العسكري غير الشرعي أساساً في سورية بعد سقوط تنظيم “داعش” الإرهابي، وهو ما دفع ترامب إلى الإعلان صراحة عن لصوصية إدارته الدولية، وإعادة انتشار قواته في حقول النفط السورية، وأمس قالها بوقاحة: “النفط في أيدينا، ويمكننا أن نفعل به ما نشاء”.
لم يخفِ ترامب المولع بالنفط اهتمامه بالأرباح التي ستعود على الولايات المتحدة من عائدات النفط السوري، علماً أنه وبحسب أرقام اقتصادية تبقى العوائد قليلة قياساً بالأطماع الأمريكية في تدخلاتها العسكرية في دول نفطية أخرى، وقد صرّح قبل أسبوعين أنه يتوقع أن تجني بلاده ملايين الدولارات شهرياً من عائدات النفط في سورية طالما بقيت القوات الأمريكية هناك، لكن خلف الأرباح ما هو أهم بالنسبة لأمريكا.
الاستيلاء الأمريكي على النفط السوري يدخل في سياق الحصار الاقتصادي الذي تفرضه الولايات المتحدة على سورية، ومنع أصحابه الحقيقيين من استثماره، وبالتالي ابتزاز سورية اقتصادياً، للوصول إلى أهداف أخرى أكبر وأهم تقف خلف قيام واشنطن بإبقاء جنودها في حقول النفط، وفي المنطقة الشرقية تحديداً.
لاشك أن الإدارة الأمريكية التي تسعى دائماً لتعطيل الحل في سورية، طالما أنه يهمّش أجنداتها الخاصة، ترى في سيطرتها على حقول النفط ورقة ابتزاز وضغط، لفرض إملاءاتها على طاولة الحل، وقد بدا ذلك واضحاً من خلال بيان خارجيتها قبل يومين حول جلسات لجنة مناقشة الدستور المنعقدة في جنيف.
كذلك تعتقد واشنطن أن تمركزها في الجزيرة السورية عند الحدود مع العراق يشكّل حاجزاً يقيّد التواصل بين مكوّنات محور المقاومة، ويمنع دول المحور من ربط طرقها وتوحيدها، وهي اليوم رغم اندحار “داعش” وعدم قدرته على تشكيل خطر جدي من جديد، فإنها تحاول استثمار فلوله في البادية، لتبرير احتلالها لحقول النفط والشريط الحدودي السوري العراقي.
باختصار، يشكّل الوجود الأمريكي غير الشرعي في سورية حالة عدم استقرار تسعى واشنطن لتكريسها، من خلال تحركها في ثلاثة اتجاهات: تغذية مجموعات انفصالية شرق الفرات، وإعادة إحياء “داعش” في البادية، واستثمار ثروات هذه المنطقة اقتصادياً وسياسياً، وما خفي أعظم!.
وسام إبراهيم