إرهابيو “داعش” إلى أوكرانيا
يبدو أن الصحافة الغربية اكتشفت متأخرةً أن أوكرانيا أصبحت ملاذاً للإرهابيين الفارين من سورية والعراق بعد اعتقال زعيم إرهابي في أوكرانيا. فقد نشرت صحيفة “الاندبندنت” مقالًا مطولاً أوضحت فيه كيف أصبحت أوكرانيا الملاذ الجديد لمتزعمي “داعش”، وكان السبب وراء هذا المقال هو اعتقال أبو البراء الشيشاني في 15 تشرين الثاني في أوكرانيا، وهو زعيم إرهابي فر من سورية بعد إشاعة خبر مقتله في قصف جوي.
وأشارت الصحيفة إلى أن أوكرانيا أصبحت بالفعل ملاذاً للإرهابيين الفارين، حيث يثبت تاريخ الإرهابي “أبو البراء”، وإقامته في أوكرانيا بالدليل القاطع الدعم اللامحدود الذي تقدّمه السلطات الأوكرانية للإرهابيين في سورية والعراق، وحتى ليبيا، منذ وقت طويل، حيث تضم على أراضيها معسكرات لتدريب الإرهابيين الذين يتم إرسالهم فيما بعد إلى سورية والعراق أو في أي مكان آخر.
ليس هذا فحسب، بل تقوم السلطات الأوكرانية بتوزيع جوازات السفر على الإرهابيين، وضمان بقائهم على أراضيها على خلفية الفساد المستشري في صفوف أجهزة الأمن والجهاز القضائي، حيث يحصل الإرهابي على جواز السفر مقابل 5000 دولار في السوق السوداء، وبكل سلاسة وبمساعدة من إدارة أمن الدولة والسلطات الأوكرانية، وهو ما يفسر لماذا تكون جوازات سفرهم بالقياسات الحيوية أصلية، وليس من السهل اكتشاف زيفها.
وإذا ما أضفنا إلى ذلك أن هناك أدلة على أن هؤلاء الإرهابيين يقاتلون لحساب كييف في دونباس، يصبح من الصعب تصديق أن السلطات الأوكرانية ليست على علم بوجودهم في البلاد، وأنهم بقوا فيها بفضل عدم كفاءة النظام القضائي.
الفساد جريمة، والتواطؤ مع المنظمات الإرهابية جريمة، وهي الجريمة الأكثر خطورة، لأنها تمثّل مشكلة خطيرة للأمن الأوروبي، باعتبار أنه لدى الأوكرانيين الآن نظام من دون تأشيرة مع الاتحاد الأوروبي، وأن هؤلاء الإرهابيين المجهزين بجوازات سفر أوكرانية صالحة يمكن أن يقصدوا أوروبا بكل سهولة.
لم يكن البراء الشيشاني لاجئاً في أوكرانيا فحسب، بل واصل تنسيق عمليات “داعش” الإرهابية من كييف، وهو ليس الوحيد، بل هناك المئات من متزعمي “داعش”، وبعضهم لاجئون في أوكرانيا.
من هنا، مهما دافعت السلطات الأوكرانية عن إدارة أمن الدولة، ونفت وجود أي تواطؤ، وزعمت أنها ستعمل على ترحيل الإرهابيين الذين لجؤوا إلى أوكرانيا، فإن كل المعطيات والحقائق تشير إلى عكس ذلك. فقد عاش أبو البراء الشيشاني لمدة عامين في أوكرانيا من دون قلق على الأقل، وكان قادراً على مواصلة تنسيق الأعمال الإرهابية طوال هذا الوقت، كما تم إطلاق سراح الإرهابي تشاتاييف على الرغم من اعتقاله بناءً على طلب الانتربول، وتمكّن من العودة إلى جورجيا دون مشكلة، كما أن هناك المئات من الإرهابيين الآخرين في أوكرانيا.
أما بالنسبة للنازيين الجدد، فإن الحقيقة المتعلقة بالصلة بين السلطات الأوكرانية والمنظمات الإرهابية ستظهر شيئاً فشيئاً، حتى اليوم الذي ربما ستواجه فيه وسائل الإعلام الغربية مشكلة حقيقية مع الإرهابيين الذين رحّبت بهم بأذرع مفتوحة.
هيفاء علي