مع غياب المعالجات زهرة النيل.. استفحال المشكلة وتهديد محطة محردة الحرارية بالتوقف
رغم الجهود الكبيرة التي بذلت لمكافحة زهرة النيل، إلا أن واقع الحال يشير لتناميها واستهلاكها لآلاف الأمتار المكعبة صيفاً من المسطحات المائية، وتحديداً من بحيرة سد محردة، لدرجة باتت تهدد محطتها الحرارية بالتوقف، وفقاً لمديرها العام المهندس علي هيفا.
أسئلة عديدة تطرح نفسها: أين دائرة الأبحاث الزراعية في وزارة الزراعة؟ وأين الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية؟ ألم يحن الوقت لمعالجة هذه الزهرة وما تلحقه من منغصات لجهة فقدان المياه، ألا يكفي ما نعاني منه من قلة الواردات المائية، وسوء إدارة هذه الموارد، لتأتي زهرة النيل وتفعل ما تفعله؟.
مدير عام هيئة تطوير الغاب المهندس أوفا وسوف قال: آخر ما تمت مناقشته حول زهرة النيل كان ضمن ورشة عمل سورية لبنانية في الصيف الماضي، لم تضف جديداً على معلوماتنا، وطرق مكافحة هذه الزهرة، غير أن اللافت في القضية أيضاً هو ألا تتحرك الجهات المعنية لجهة مكافحة الزهرة إلا مع بدء فصل الشتاء، الأمر الذي يصعب من عملية إزالتها ميكانيكياً نظراً لصعوبة الحركة على طول مجرى نهر وأقنية ري سهل الغاب، واتساع رقعة بحيرة سد محردة.
وأشار أوفا في سياق حديث سابق معه إلى أن القاسم المشترك بين الجانبين السوري واللبناني لجهة وجود زهرة النيل هو النهر الكبير الجنوبي الذي تمتد على طول مجراه، كما سمعنا، زهرة النيل التي تمتص كل زهرة يومياً ما يقدر بلترين من المياه، وتلحق الأذى بالمسطحات المائية، وقد تمت مكافحتها هنا في سورية ميكانيكياً عدة مرات، ولكن ما إن تترك زهرة واحدة حتى تعود مجدداً بشكل كبير وسريع نظراً لسرعة النمو والتحول عندها.
من ناحيته قال مدير الإنتاج النباتي في الهيئة العامة لتطوير الغاب المهندس وفيق زروف في وقت سابق: لقد تمت مكافحتها ميكانيكياً في مطلع الألفية الحالية عدة مرات لكن دون جدوى في كثير من الأحيان، فكان لابد من البحث عن طرق أخرى أكثر نجاعة وهي المكافحة بالأعداء الحيوية، وكان هذا في مطلع عام 2011، حيت تم إطلاق 1000 حشرة من الخنفساء التي تشكّل زهرة النيل عائلاً مهماً لها.
ماذا كانت النتيجة بعد كل ذلك؟ يجيب زروف: بعد أربع سنوات قمنا بالكشف على وجود الحشرة، العدو الحيوي للزهرة، فلاحظنا انتشاراً كبيراً لها في بحيرة سد محردة، حيث تم إطلاقها هناك في تلك الفترة، وأضاف مدير الإنتاج النباتي في هيئة تطوير الغاب قائلاً: كما لوحظ تقزم للزهرة بشكل ملحوظ بسبب وجود الأعداء الحيوية، في الوقت الذي كان يبلغ ارتفاع الزهرة سابقاً بحدود المترين في البحيرة، أي سد محردة، ما يدل على الدور الذي يمكن أن تلعبه خنفساء الزهرة.
وأوضح زروف بأنه في عام 2017 تمت تعبئة بحيرة سد محردة، وخروج المياه من مفيضه لتتدفق معها زهرة النيل، وتملأ طول مجرى نهر العاصي وصولاً إلى أطراف سهل الغاب الشمالي مجدداً وكأننا لم نفعل شيئاً.
اليوم عادت زهرة النيل لتشكّل تهديداً على طول مجرى نهر العاصي بدءاً من بحيرة سد محردة، مروراً بسد العشارنة، وصولاً إلى كل الأقنية الفرعية والرئيسية في سهل الغاب، وما يقال عن معالجتها بالطرق الميكانيكية والحيوية هو بمثابة علاج آني، فسرعان ما تعود مجدداً، الأمر الذي يتطلب برنامجاً وطنياً شاملاً وهاماً تشارك فيه كل من وزارتي الزراعة والموارد المائية، والهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية، وزج كل الإمكانيات للتخلص من آثارها السلبية على مسطحاتنا المائية، وبغير ذلك يعني “دق المي وهي مي”.
مصادر في زراعة حماة أكدت بأن مكافحة زهرة النيل يجب أن تكون أولوية لما لها من خطورة على المسطحات المائية، وامتصاصها وشراهتها للمياه، ونحن بأمس الحاجة إلى كل قطرة منها صيفاً.
باختصار: قد تكون نقطة ضعف الزراعة لدينا وواقعنا المائي في السنوات القادمة هو قلة الواردات المائية، وبالتالي ضعف المخزون الجوفي الذي يستنزف جراء الاجتهادات المستمرة والطويلة على مدار الأعوام السابقة واللاحقة، يضاف إليه ما تمتصه زهرة النيل ، فالتركيز على القطاع الزراعي يجب أن يكون أولوية قولاً وفعلاً باعتباره الملاذ الآمن للنهوض الاقتصادي، وإزالة زهرة النيل يجب أن تكون في أولويات وزارة الزراعة.
حماة– محمد فرحة