التجار ضد العمال.. والضريبة!!
كشفت الاجتماعات التي عقدتها لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة في مجلس الشعب عن الهوة العميقة التي تفصل بين التجار ووزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك حول العديد من القضايا الحياتية والعمالية..!
انفجر التجار غضباً بسبب مواد وردت في مشروع قانون غرف التجارة، وكانوا واضحين أكثر من اللزوم: نريد قانوناً على قياسنا..!
وقد سمع الموظفون في المجالس حتى البعيدة مكاتبهم عن قاعة الاجتماع صراخ التجار خلال مناقشة بعض المواد، في حين نقل الإعلاميون الذين كانوا حاضرين النقاش: لم تغادر ملامح الغضب وجه وزير التجارة إلا لبرهة بسيطة..!
وبما أن الجانبين لم يتفقا؛ فقد وافقا على نقل مشروع القانون إلى مجلس الشعب الذي سيشهد حتماً نقاشاً ساخناً بين ممثلي التجار ووزير التجارة خلال مناقشة المواد التي أثارت حفيظة التجار وأخرجتهم عن طورهم..!
ترى ما المواد التي أغضبت التجار..؟
يمكن أن نستنتج بسهولة أن التجار ليسوا مستعدين لمساعدة العمال تحت أي ظرف كان، وبالتالي لن يقبلوا بقانون ينظم عمل اتحادهم يتضمن مادة تلزمهم بتسجيل عدد من العمال في التأمينات الاجتماعية..!
حاول أعضاء اتحاد غرف التجارة شطب المادة خلال اجتماعات لجنة الشؤون الاجتماعية والطاقة؛ لأنهم متأكدون أن غالبية أعضاء مجلس الشعب ستوافق عليها؛ لأن المجلس مع حقوق العمال التي لا يعترف بها معظم أرباب العمل..!
وبما أن اللجنة وافقت على إبقاء المادة فإن النقاش الحاد حولها سيتجدد تحت قبة المجلس..!
اللافت أن المادة غير ملزمة إلا للتاجر الذي يريد الانتساب إلى غرف التجارة، فماذا كان سيحدث لو أن القانون ألزم جميع التجار بتنسيب عدد محدد من العمال للتأمينات كشرط لممارسة عملهم..؟
ترى هل سبب غضب أعضاء اتحاد غرف التجار من “المادة الإلزامية” يعود ـ حسب تأكيد وزير التجارة ـ أن عدداً هائلاً من التجار لم يسجلوا عمالهم في التأمينات بدءاً من رئيس الاتحاد..؟
ربما كان الغضب أيضاً سببه أن مشروع القانون عالج ممارسات التجار التي رصدتها وزارة التجارة على مدى السنوات الماضية، وأبرزها: تجار وهميون، وفساد، وسجلات تجارية وهمية لتجزئة المناقصات، والتهرب الضريبي .. إلخ.
مهما كانت الصيغة النهائية لقانون اتحاد غرف التجارة.. فإن الثابت والمؤكد أن التجار كانوا وسيبقون ضد العمال، ولن يتيحوا لهم الانتساب إلى التأمينات الاجتماعية التي ترعاهم في المرض والتقاعد..!
أكثر من ذلك يتفنن التجار بالتهرب من دفع الحد الأدنى للرواتب وخاصة بعد رفع هذا الحد إثر الزيادة الأخيرة، ويلزمون العامل بتوقيع استقالة مسبقة لطرده في حال طالب بتنسيبه للتأمينات، أو تعرض لإصابة أو مرض، ويلزمونه في صك العمل بالتوقيع على تقاضيه لراتب وهمي، في حين الراتب الفعلي أقل بكثير من الحد الأدنى في معظم الحالات باستثناء أصحاب الخبرة والكفاءات العالية، التي لا يمكن للتجار الاستغناء عنها؛ لندرتها ولتمكن أصحابها من الانتقال إلى فرص أخرى أفضل..!
بالمختصر المفيد: التجار ضد دفع الضريبة، وضد العمال، ولم تتمكن الجهات المعنية حتى الآن من إيجاد آليات فعالة تلزمهم بالإيفاء بواجباتهم القانونية والاجتماعية والأخلاقية..!
علي عبود