برعاية الرئيس الأسد.. احتفالية بالذكرى الـ 50 لتأسيس اتحاد الكتّاب العرب العطار: القائد الأسد عظيم الأمة الثابت في مواقفه.. الفريد في بسالته.. الواثق بشعبه.. الحامل مشعل الكفاح ومشعل التنوير
دمشق-علا أحمد:
برعاية السيد الرئيس بشار الأسد، أقيمت في مكتبة الأسد الوطنية، أمس، احتفالية مركزية بمناسبة الذكرى الخمسين لتأسيس اتحاد الكتاب العرب.
وألقت الدكتورة نجاح العطار، نائب رئيس الجمهورية، كلمة فيما يلي نصها:
استدعاني في يوم بعيد القائد المؤسس حافظ الأسد، وكنت آنذاك وزيرة للثقافة، ليقول لي أنه حريص على بناء مقر لاتحاد الكتاب، وعلى إنجاز هذا البناء بالسرعة الممكنة، ويريد مني أن أتابع هذا الأمر، وأكلف الإسكان العسكري، بإدارة المغفور له خليل بهلول، ببذل كل جهد حتى ينهض هذا البناء الذي سيجد فيه الكتاب ما يساعدهم على أداء رسالة القلم، ويوفر ما يحتاجونه من إمكانات.
فوجئت وسعدت، وقلت في نفسي كم هو رائع أن نبني صرحاً ثقافياً للكتاب، وأن يفكر رئيس البلاد بذلك، رغم كل مشاغله، وكم هو جميل أن يكون هذا الصرح مقراً لمبدعي الثقافة، يعين على نشر إبداعاتهم، ويكون لهم بيتاً يلتقون فيه، يرسمون أهدافهم ويتدارسونها ويعملون بدأب على تحقيقها، ونعني بها القيم الفكرية والإبداعية والنضالية التي تنبع منها، وتشكل بالتالي قناعة وجدانية، والتزاماً ضميرياً ويكون في ذلك ما يعيد إلى دمشق مركزها الإشعاعي، وإلى سورية مكانتها العلمية والأدبية والكفاحية، ويكشف عما كان لها من معطى رحب المدى، عميق الانغراس في تربة الوطن.
لقد كنت أرى وما زلت أن الكتّاب هم الطليعة أو ينبغي أن يكونوا كفاحاً بالأدب، وسعياً للتمهيد للمد الآتي بالتنوير وبالنهضة الفكرية العقلانية التي هي مهاد لكل ما يحقق الارتقاء والنهوض، ورسم معالم المستقبل الأمثل، بالإيمان الصادق بقضايا أمتهم وبالرسالة التي يحملون، وبالسعي الدؤوب لإعلاء شأن الوطن والأمة، والتمسك بالقضايا المصيرية التي علينا جميعاً أن ننصرها بضمائرنا وقلوبنا وعقولنا بغير اقتصاد.
إننا نريد لأدبنا أن يغرس أنبل المفاهيم وأن يكون وطنياً وقومياً وتقدمياً وإنسانياً دائماً، متطلعاً في توجهاته إلى تحقيق النقلة النوعية التي تدفع بالمجتمع إلى أمام، والأمة إلى مزيد من الصمود في وجه التشتيت والتجزئة والانفصام عن تاريخها وعروبتها. ولعلكم تذكرون أن الشعر هز ذات يوم أركان سايكس بيكو، وانطلق حداؤه من الشرق إلى الغرب، ومن الخليج إلى المحيط، وحفظته الأجيال عبر مراحل المحن التي أنزلها الاستعمار على أرضنا، وما نظمه الشعراء من قصيد رائع في هذا المجال وكثيراً كثيراً من هذا الشعر الجميل والمؤثر والذي كان له دوره الكبير في إيقاظ المشاعر وتحدي قوي البغي والعدوان، ولعلكم تحفظون على الأقل بعضاً منه.
شعبنا عرف في تاريخه البعيد والقريب الكثير من الغزاة، جاؤوا وخرجوا، لأن الأرض أرضنا ولأن الكفاح كما البسالة من تقاليدنا، ومن تقاليدنا أن نكافح ونتحدى كل عدو يريد أن يحتل أرضنا، وأن يطأ صدر وطننا، ولا نفعل ذلك أمانة للتاريخ فحسب، ولا وفاء للشهداء فقط، بل إخلاصاً للبلد الذي نمانا ولأنفسنا ووجودنا وأجيالنا وأمتنا وكرامتنا.
لقد ارتفع حداء مقاتلينا في سبيل وطنهم، وتوهجت مواقفهم وشجاعتهم وتضحياتهم وبطولاتهم وصمودهم في وجه كل عدوان، مؤمنين بأن النضال العنيد هو السبيل للنصر، وأن الرد الشجاع اليوم على الغزو الإجرامي الأردوغاني هو طريق التحرير ولا استسلام. لقد غرسوا أقدامهم في جبهات القتال، وقالوا لا تراجع ولا نكوص، فههنا الموت أو النصر.
يا أبطالنا الميامين، الشعب من ورائكم وهو معكم، يأبى أن يكون استسلام، ومحال أن يخون ماضيه ومستقبله، وهو معكم مهما يطل النضال، حتى تتحرر أرض الوطن من الرجس التركي العثماني المعادي، كما تحررت من الإرهاب الإجرامي الذي زرعوه على أرضنا خنجراً عثمانياً، مقبضه أسود بأياد آثمة ملطخة بالدم، وفتنة محنة على اسم الدين، ممولة من كل الأعداء، ومن بعص أبناء عروبتنا، وفي ظنهم أنهم سيدمرون الوطن، بهجماتهم المسعورة، ويزرعون الفرقة بين أبنائه، وغاب عنهم أن وحدة سورية الوطنية، رغم جميع المؤامرات والافتراءات وتكاتف العدوان، وأصناف التمويل والتسليح والترهيب والترعيب، وتواصل الخيانات، وحدة سورية الشعب هي وحدة وطنية راسخة قوية، وكذلك عزيمة جيشنا وشعبنا قائمة على صخر، وعلى كفاح عنيد مهما أطاقوا عليها من الخارج والداخل..
العالم يعرف اليوم أن سورية أمنع من أن يوهنها عدو، وأعز على القلوب والنفوس من أن تطولها مكائد التهديدات الأمريكية أو الإسرائيلية أو الإرهابية، ولا محاولات الحاكم المجرم العميل على مشارف حدودنا في الشمال أردوغان بفكره الذي يحمل تراثاً عثمانياً رثاً تحررنا من جرائمه منذ زمن بعيد، ولن نسمح له مهما حاول ومهما ارتكب هو وإرهابيوه الذين أسهم في تجنيدهم ليكونوا سلاحه في القتل والذبح والنهب والسلب، ومهما جنّد من عسكر بائس، ومن إرهابيين، ليقتحم بهم حدودنا ويكونوا جزءا من الترسانة العدوانية على أرضنا.
إن كبير أمتنا الرئيس البشار كان أقوى من كيدهم، وكان يدرك وهو يقود معاركنا مع الإرهاب، ومختلف أشكال الفتن والمؤامرات، وآخرها العدوان الآثم الأردوغاني، أنه مازال علينا أن نقدم مزيداً من التضحيات، وأن نواجه مزيداً من المصاعب، فسورية لن تستسلم وجيشها الباسل لن يرضخ وقد قررنا جميعاً أن نترك لأمتنا وأجيالنا تركة أبطال مهما غلا الثمن.
كلماتكم النيرة أيها الإخوة والأخوات هي التي تمنح الرؤية الصحيحة للناس، وهي التي تعطي لأدبكم النسغ المحيي الذي يعيد للنفوس بلهبه المتوهج، الجذوة التي ينبغي ألا تنطفئ في الصدور أبداً.
أمر أخير أود أن أوكد عليه هو أن تظل وجوهكم مشرقة كريمة لا تقبل الزيف، وأن يظل قلبكم عامراً بالإيمان وبالأثرة وبالمحبة والتآخي، وأن يكون كفاحكم للجمع لا للتفريق، وهذه السمات كلها عنوان شعبنا منذ وجد.
هذا أمر أعيد التأكيد عليه بالرغم من ثقتي الكبيرة بنبالة نفوسكم، وحرصكم على سمو قيمكم وسعيكم لأن تكونوا المثل الأعلى في الحياة..
ختاماً أحييكم جميعاً، ضيوفاً كراماً، وإخوة وأصدقاء ورفاق درب متضامنين متحابين متعاونين متمنية لكم المزيد من التوفيق في عملكم وفي تحقيق كل ما نطمح جميعا إلى تبديه في إنتاجكم المبدع والأصيل، وأن يظل اتحادكم أيها الأعزاء، الرمز والأمثولة للتآلف والتضامن والتكامل والمحبة والتعاون والحوار البناء، ولقيم النبالة والنزاهة والاستقامة، وتلك سجايا نجلّها جميعاً.
كما أحيي، باسمكم وباسمي، الرئيس المناضل، عظيم أمتنا، بشار الأسد، مجلّة فيه ثوابته المبدئية، وبسالته الفريدة وإيمانه الواثق بشعبه وجيشه، وحرصه على أن بكون موقفنا، َفي أحلك الظروف هو الموقف الشجاع الصامد، وأن يتعزّز ارتباطنا بقضايانا، ويستقوي انتماؤنا لوطننا وعروبتنا وأمتنا وفلسطيننا، ونحن نمضي في الشوط إلى نهايته.
لقد حمل الرئيس البشار مشعل الكفاح ريادة وإقداماً بيد، كما حمل مشعل الفكر تنويراً وإبداعاً ورعاية للثقافة والمثقفين بيد ورعايته اليوم لمؤتمركم الراهن الذي يحتفي بمرور خمسين عاماً على تأسيسه، شاهد على ذلك، ونحن بالتالي، وإضافة لكل ما ذكرت نعتز اعتزازاً كبيراً بما يربطنا به وعبر كلماته البليغة الحكيمة والصادقة من زمالة الفكر الرفيع الذي يتجلى أجمل تجلٍ في أحاديثه ومقابلاته، وتلك سمة نادرة بين الرؤساء والزعماء.
الشعب السوري وقف في وجه الإرهاب الأسود وقوى الظلام
وألقى رئيس اتحاد كتاب آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، الدكتور شريف الشوباشي، كلمة قال فيها: “نحن نمثّل خمسة وأربعين اتحاداً ورابطة، جئنا لنتضامن مع الشعب السوري الصامد، الذي وقف في وجه الإرهاب الأسود وقوى الظلام بشكل مدهش ورفض التطرّف والخنوع، وهذا ليس غريباً عليه لأنه صاحب تاريخ نضالي عبر الزمن، وهو الآن مع جيشه وقيادته يعبر عن نصره الكبير”، وأضاف: اتحاد الكتاب في سورية ذو تاريخ حافل، ويمثّل ضمير الأمة أمام كل القضايا، وخاصة قضية فلسطين وهو يقاوم اليوم بالفكر والإيمان بالوطن الفكر الإرهابي التكفيري والغزو الثقافي، لافتاً إلى أن كل المثقفين الذين يناصرون القضايا الإنسانية مع اتحاد كتاب سورية في موقفه من المقاومة.
دمشق والقدس تواجهان محاولات التفكيك والهيمنة الأمريكية
وأكد الأمين العام لاتحاد كتاب فلسطين، مراد السوداني، في كلمة الوفود المشاركة، إلى أن دمشق والقدس تشكّلان ثقافة واحدة تدل على مواجهة محاولات التفكيك والهيمنة الأمريكية والصهيونية والرجعية، مضيفاً: إن الكتاب الذين جاؤوا إلى سورية بهدف المشاركة في هذه الاحتفالية يعبّرون عن وقوفهم مع هذا البلد أمام الإرهاب الذي يشكل خطراً على الأمة العربية بكاملها.
أما رئيس اتحاد الكتاب العرب مالك صقور فرأى في كلمته أن سورية الآن التي تشغل العالم بنصرها وتحتل شاشات العالم فيما تقدّمه من صمود مبهر تقوم بواجبها الذي يحتم عليها التضامن مع قضايا الحق، ولا سيما قضية فلسطين، مشيراً إلى تزامن العيد الذهبي لتأسيس الاتحاد مع انتصارات الجيش العربي السوري، المحتضن من شعبه، وإلى دور الأدباء الأخلاقي والوطني في بناء ثقافة أطفالنا وتنوير شبابنا.
حضر الاحتفالية الرفاق والسادة: نائب رئيس الجبهة الوطنية التقدمية اللواء محمد الشعار، وعضو القيادة المركزية للحزب، رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام، الدكتور مهدي دخل الله، ووزير الثقافة محمد الأحمد ووزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور بسام إبراهيم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان، وسفير سورية في لبنان علي عبد الكريم علي، والسفير الإيراني في دمشق جواد ترك أبادي، وعدد من أعضاء مجلس الشعب، ومدير عام مؤسسة القدس الدولية- فرع سورية الدكتور خلف المفتاح، ومديرو مؤسسات ثقافية وإعلامية، وحشد من الكتاب والأدباء والمثقفين.
محطات
كيف كانت الظروف السياسية والثقافية والاجتماعية التي سبقت ورافقت وتلت تأسيس اتحاد الكتاب العرب في عام 1969، وماهي الإرهاصات التي أدت إلى ولادته، والجمعيات والروابط والندوات الأدبية والفكرية لتصل إلى هيئة جامعة ضامة هي اتحاد الكتاب العرب، هذا ما عرضه فيلم قصير عن محطات أضاءت مسيرة الاتحاد خلال خمسين عاماً، مستعرضاً الأدباء الذي قاموا بتأسيسه، كالأديبين سليمان الخش وصدقي اسماعيل والشاعر سليمان العيسى وغيرهم.
يذكر أن الاتحاد سعى منذ تأسيسه إلى توحيد كلمة العرب والشرفاء في العالم كله، فأولى اهتماماً شديداً بالاتحادات الصديقة والعربية الشقيقة، التي جعلت حرية الشعوب نبراسها والدفاع عن حقوق الانسان قنديلها.