إلى متى يستمر حصار الولايات المتحدة لكوبا؟
ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع كاونتر بانش 14/12/2019
يرى الكاتب أنه، في عالم متزايد العولمة، يمكن للعلاقات بين الدول أن تؤدي إلى إحداث مناخ عام من العداء أو إلى مناخ من التعاون يتخطّى حدود البلدان التي تشهد نزاعات. تشكل العلاقات بين كوبا والولايات المتحدة أحد هذه النماذج، فالحصار الأمريكي المستمر على كوبا عكّر العلاقات بين الولايات المتحدة وجيرانها في أمريكا اللاتينية والعالم بأسره.
بدا ذلك واضحاً، عندما أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة في تشرين الثاني الماضي، بأغلبية 187 صوتاً مقابل 3 أصوات ضد تمرير القرار الذي يدعو إلى رفع الحصار الاقتصادي الأمريكي المفروض على كوبا، والذي بلغ عامه الثامن والعشرين.
عزّزت إدارة ترامب سياسة الولايات المتحدة تجاه كوبا التي كانت آخذة في التحسن خلال إدارة أوباما، إذ قرّر ترامب السماح للمهاجرين الأمريكيين من أصول كوبية بمقاضاة الحكومة الكوبية لاسترداد ممتلكاتهم المصادرة بعد تولي فيدل كاسترو السلطة في عام 1959، كما حدّدت الإدارة مبلغ الأموال التي يمكن للأمريكيين الكوبيين إرسالها إلى أقاربهم في الجزيرة.
ويتابع الكاتب قائلاً، أثناء الزيارات المتعلقة بالصحة العامة إلى كوبا، استطعت على الفور ملاحظة المشكلات التي تحيق بالمجتمع الكوبي: مثل الحاجة إلى القطع الأجنبي، والمشكلات التي يعانيها عامة الناس، واستياء العنصر الشاب نتيجة الحصار.
تمّ التصديق على هذه الانطباعات خلال زيارة للجزيرة، بصفتي رئيساً لبعثة الأمم المتحدة لأطباء أمريكا اللاتينية، لتقييم التقدم المحرز للعلماء الكوبيين في تطوير مضاد للفيروسات.
خلال محادثاتي مع فيديل كاسترو، تمكّنت من تقييم اهتمامه الكبير ومعرفته بالقضايا الصحية وقيمة التعليم. هذا الاهتمام والمعرفة بالحالة الصحية في كوبا هما السبب لاستمرار إنجازات الحكومة الكوبية في الصحة والتعليم، إذ تحتل كوبا موقع الصدارة في كلا المجالين بالمقارنة مع دول أمريكا اللاتينية الأخرى، وفي بعض المناطق، تكون على قدم المساواة مع الولايات المتحدة.
ومع ذلك، فقد أعاق حصار الولايات المتحدة هذا التقدم، وما يثير الجدل أن الولايات المتحدة تستمر بالحصار بالرغم من أن تكلفته الاقتصادية مرتفعة ليس بالنسبة لكوبا فحسب، بل بالنسبة للولايات المتحدة أيضاً. كما أنه أضرّ بمكانة الولايات المتحدة بين حكومات أمريكا اللاتينية، التي تعتبره انتهاكاً لحقوق وسيادة دولة من دول أمريكا اللاتينية.
لا شك في أن الضغط السياسي من جالية المهاجرين الكوبيين في فلوريدا، كان عاملاً مهماً في الحفاظ على الحصار الأمريكي. ومع ذلك، فإن أحفاد هذا الجيل المهاجر لديهم الآن رؤية أكثر دقة للنظام الكوبي.
رغم أن الكوبيين كانوا دائماً واضحين بشأن إعجابهم بالشعب الأمريكي -وهو ما لاحظته عن كثب أثناء زياراتي للجزيرة- إلا أن الحصار قد زاد من كراهية وعدم ثقة الكوبيين بالحكومة الأمريكية.
قد يكون لهذه الإجراءات الجديدة آثار ضارة أيضاً بالولايات المتحدة، تقول نائب مساعد وزير الدفاع السابق في عهد أوباما “ريبيكا بيل تشافيز”: إن سياسة ترامب تجاه كوبا تزيد في الوقت نفسه من خطر حدوث أزمة إنسانية من خلال تهيئة الظروف للهجرة الجماعية من جزيرة تبعد 90 ميلاً (144 كم) عن شواطئ فلوريدا. كما أن القيود المفروضة على الأموال التي يمكن أن يرسلها الأشخاص في الولايات المتحدة إلى أقاربهم في كوبا هي قرار خاطئ سيزيد من معاناة الشعب الكوبي.
إذا كانت الأصوات المتكررة في الجمعية العامة للأمم المتحدة اختباراً، فإنه باستثناء الولايات المتحدة وإسرائيل، لا يوجد بلد في العالم يدعم الحصار حالياً. والمثير للشفقة أن أقوى بلد في العالم يعجز عن مقاومة عزم الشعب الكوبي، لقد حان الوقت لوضع حدّ لهذه الظلم.