أخبارصحيفة البعث

العالم و”الإلغائية” الأمريكية!

لا تزال الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على مبدأ الوصاية الدولية، بحيث تدعي أنها تقوم بدورها  لأنها تسعى إلى عالم أكثر صلاحاً وقيماً وعدالة وديمقراطية!، بينما تثبت الوقائع أن الصلاح المنشود صلاح أمريكي المقاييس، فما يقوّض استقرار واشنطن غير صالح بينما استقرار الدول الأخرى غير مدرج في قائمة الاهتمامات الأمريكية، أي إن الازدواجية  لا تزال تسيطر على مواقفها، فلماذا لا تنادي واشنطن بالإطاحة بنظام ماكرون أو ماي، في حين كان تيار التصريحات الأمريكية غزيراً لجهة دعوة رؤساء عرب للتنحي في ظل ما سمي “الربيع العربي”؟!.

إن ما يقضّ مضجع الولايات المتحدة ليس جماعة دينية بحدّ ذاتها أو قيام الحروب في مكان ما من العالم، فما يخيفها حقّاً هو وجود “الآخر المختلف”، فالفكرة الأمريكية بالتفوق على الحضارات والشعوب الأخرى حاضرة، والأهداف العولمية والشمولية أو الكونية التي تطمح إليها واشنطن تلزم بألّا يكون هناك طرف آخر ينازعها على القيادة والصدارة!.

وتعلم الولايات المتحدة أن القيادة والتصدّر ليس طموحها وحدها، إذ تقف كل جماعة حضارية أو ثقافية أو دينية لتؤكّد أنها تتفوق على غيرها من الجماعات، وتبادلها النظرة الدونية دونما البحث عن “سبل حوار لتلك الحضارات”، وتمثّل ذلك في المنطقة العربية، ففي الوقت الذي شهدت تنظيماً أكبر لجهود العرب في تعزيز التضامن العربي، وبرزت سورية كدولة قائدة تنشد تنظيم الجهود لبلوغ الأهداف بدأ السمّ الأمريكي بالتسلل إلى الجسد العربي، ليقتطع منه أجزاء مختلفة، ويخدّر أجزاء أخرى ليوقف وظائفها حتى إشعار آخر، وليس الهدف في العمق سوى “إلغاء الآخر”، تزجّ لأجله جهات متعددة في صراع مفتعل لتقف معجبةً بهذا الخراب في العالم ومصفقةً لمنفذيه.

ومع صعود الرئيس “الشعبوي” الجديد للولايات المتحدة، الذي عمل على كسب التأييد، لكنه لم ينله من قبل جميع مستشاريه والمقربين منه في الإدارة الأمريكية- فقد شهدت استقالات بالجملة – تصاعدت الروح الإلغائية في السياسات الأمريكية، ولا سيّما مع ظهور الأقطاب “المعاندة”، كالصين، أي مع ظهور “آخرٍ” مختلف جديد يمتلك عوامل قوّة تؤهله ليكون، في الوقت الحاضر، ثاني أقوى سلطة في العالم.

إذاً، وبـ”فضل” سياسات الولايات المتحدة الأمريكية، يغرق العالم اليوم في الفوضى، فيما تتوالى الأحداث بمختلف أنحاء العالم لتؤكد أن دول العالم اليوم باتت أقوى موقفاً في وجه العجرفة الأمريكية، كما أنها أضحت أكثر درايةً بتبعات الانجرار وراء تيه واشنطن وبمكاسب التكتل والتكاتف في إطار مجموعات تقوى على كسر شوكة التفوق الأمريكي المزعوم.

ريناس إبراهيم