العرس الديمقراطي في دارة الحزب
صابر فلحوط
إن متابعة مسؤولة للاجتماعات بين قيادة الحزب وقواعده، في مؤتمرات الفرق والشعب الحزبية، كما في الحوارات الجماهيرية خلال هذا العام، والتي شملت سورية العربية في مختلف ساحاتها، سهلاً، وساحلاً، وجبلاً وبادية، تؤكد إصرار الرفاق على الانتقال بالانتخابات الديمقراطية في الحزب إلى مناخ يفرز (للقيادة الأعلى)، في الهرم التنظيمي، العضو الأكفأ والأقدر على العطاء، والأكثر استعداداً للتضحية بالذات من أجل الوطن والجماهير، وتقديم الصورة الأمثل للرفيق البعثي المؤهل ليكون الأنموذج الأرفع في مجتمع عروبي استوى على جمر الأحداث في الحرب الكونية التي كان الانتصار فيها حصيلة تلاحم مدهش، وغير مسبوق، بين الحزب والشعب والقيادة والجماهير.
كما أكدت الحوارات التي سادت اللقاءات بجناحيها “الحزبي والشعبي” وكذلك الاجتماعات الانتخابية للفرق والشعب جملة من النقاط الفارقة والمضيئة في حيانتا التنظيمية والحزبية عموماً..
– الشعور العالي بالمسؤولية لدى المتحدثين في هذه الاجتماعات لجهة الاحترام الكبير للوقت، وعدم بعزقته خارج دائرة هموم المواطنين واهتماماتهم وحاجاتهم وطموحاتهم.
– المنافسة البريئة والشجاعة في آن، بين الأجيال الشابة في الحزب على النجاح في الانتخابات بهدف تحمّل المسؤولية في العمل الحزبي رغم أشواكه ومتاعبه وخلوه من المكتسبات المادية. ذلك أن العمل في الحزب هو مهام تكليفية وليست تشريفية، وهي مهام نبيلة في خدمة الحزب والشعب، عنوانها التضحية ونظافة اليد والقلب واللسان، وجزاؤها برد اليقين ورضا الوجدان.
– تأكيد أهمية الاستفادة بوعي وعمق من التجربة المريرة التي تجرّعها شعبنا، وحزبنا في طليعته، في بداية الحرب الكونية على الوطن يوم اهتزت وتهاوت وانزلقت قامات وهامات كانت تماثيل من الوهم في مسيرة الحزب ومهرجان السلطة غداة غادرت الوطن إلى صفوف أعدائه عند أول موجة عصفت بسفينته!!.
– تعزيز الخطوات التنظيمية التي نهضت بها قيادة الحزب في حقل إعادة الغربلة والفرز الحزبي الدقيق، وتثبيت عضوية المؤمنين في الاستمرار الجسور في المسيرة الرفاقية التي لم تزلزلها عواصف الربيع المدان، ولم يحرفها موبوء الإغراءات النفطية.
– تأكيد صلابة التنظيم الحزبي، وتعميق جذوره في تربة الجماهير العظيمة التي أثبتت أهميتها واستعدادها لتحمّل تبعات النضال لتحقيق طموحات شعبنا في تحرير الأرض واستعادة الحقوق وبناء المستقبل القومي المنشود لأجيال العروبة.
– إن العرس الديمقراطي الانتخابي الذي يشهده البيت البعثي هذه الأيام، إنما هو خطوة واسعة وواثقة في تعضيد البناء التنظيمي للحزب، ويتوافق بقوة مع مرحلة إعادة إعمار النفوس التي أصابها بعض الوهن والارتجاف خلال الحرب، كما يتوافق مع إعادة الإعمار والبناء والتي لابد أن تكون هدية كريمة وغالية لجماهيرنا التي كانت الدرع الأصلب، والحاضن لجيشنا العقائدي الذي جعل بدمه الطهور سورية العربية الشريك الاستراتيجي في تشكيل عالم ما بعد الإرهاب والاستكبار الصهيوني والقطبية الأحادية.
– استحوذت مسألة المواطنة والهوية الجامعة لأبناء سورية العربية على جوانب واسعة من الحوارات الرفاقية خلال اللقاءات الجماهيرية والاجتماعات الحزبية مع التشديد على بذل كل الجهود كي لا ينفرط زرد واحد من درع المجتمع العربي السوري على تعدد مكوناته وأطيافه، خاصة وأن الأحداث التي اجتازها البلد، والغزو الإرهابي الذي أطبق عليه من أربع جهات هذا الكوكب، قد فشل حتى الآن، وتلاشى دون أن يقطع ولو غصناً واحداً من شجرته الباسقة والمباركة.
– إن حزبنا الذي أكد منسوب الوعي لدى قواعده خلال حواراته ومناقشاته، والتي لم تخرج لحظة واحدة من دائرة عقيدته العروبية ومنطلقاته الفكرية ومواقفه النضالية ليعتز بعشرات الآلاف من أصدقاء الحزب الذين يتسابقون لنيل شرف الانتساب للحزب، ونيل شرف عضويته، ومواكبة المسيرة الرائدة لحزب العروبة الذي ولد عام 1947، ومايزال يتجدد كونه ابن الحياة، ويتنامى لأنه مولود من رحم الجماهير وآلامها وتطلعاتها، في زمن يشهد المواطن العربي تساقط النظريات الحزبية التي لم تكن قابلة للتطور الإيجابي، وفشلت في التلاحم مع أهداف الشارع الشعبي في الدار العربية والعديد من مجتمعات العالم.
ولعله من حق كل رفيق بعثي أن يردد باعتزاز، بعد الصمود الرائع لرفاقنا الذين قبضوا باقتدار على جمر العقيدة والقضية المركزية للأمة، قول جدنا المتنبي:
سأطلب حقي بالقنا – وبواسلٍ
كأنهم من طول ما التثموا مُردُ
ثقالٍ إذا لاقوا، خفافٍ إذا دعوا
قليلٍ إذا عُدوا كثيرٍ إذا اشتدوا
بضربٍ يذوق الموت من ذاق طعمه
ونارٍ كأن النار من حرّها بردُ