سجال حاد بين الصناعة والحرفيين.. واستنكار المخططات الحالمة أمام إهمال الواقع
دمشق – ريم ربيع
بدا انعدام الانسجام بين مسؤولي الصناعة وممثلي اتحاد الجمعيات الحرفية واضحاً خلال ندوة الأربعاء التجاري التي عقدت حول المناطق الصناعية الحرفية، حيث أطال مدير صناعة ريف دمشق حديثه حول المشاريع الاستراتيجية والمدن الصناعية الواعدة والمخططات والدراسات التي رآها أبناء الكار بعيدة عن أرض الواقع، فحديث الاستراتيجيات لم يعجب الحاضرين من المشرفين على المناطق الصناعية الحرفية، إذ اعتبروها منعزلة عن الواقع المتطلب لكل ورشة أو آلة تنتج ولو حتى على الرصيف، متسائلين عن ضخ كل الأموال لإقامة مناطق صناعية جديدة، في حين يوجد عشرات المناطق الموجودة التي يستمر فيها الإنتاج رغم التخريب والتدمير، وكل ما تحتاجه دعم بسيط أو تخفيف الإجراءات البيروقراطية والتضييق عليها على أقل تقدير.
عضو غرفة تجارة دمشق منار الجلاد شدد أن المقصود بالحرف ليس التراثية وحسب، وإنما كل منشأة صغيرة ومتناهية الصغر كونها تشكل عماد الاقتصاد السوري اليوم خاصة بعد تدمير المنشآت الكبيرة، مطالباً بتأمين أموال لهذه المشاريع عبر قروض ميسرة بفوائد بسيطة، وشمولها بدعم التصدير أسوةً بالصناعي الكبير. فيما قدم مدير صناعة ريف دمشق محمد فياض عرضاً مطولاً لاقى الكثير من العتب لعدم تطرقه للمناطق الحرفية العاملة، حيث أشار فياض إلى اقتراح المحافظة لمنطقة حرفية في خربة الشياب، ومنطقة حرفية لاستقبال حرفيي منطقة القدم والقابون، ومنطقة صناعية في حران العواميد، وحفاظاً على البيئة اقترحت المحافظة منطقة صناعية صديقة للبيئة في خربة الشياب لتطرح على التشاركية بمساحة 250 هكتاراً، كما تم إعادة الإنتاج لعدد من المناطق المتضررة وإنجاز مخططات تنظيمية لها، حيث عادت 200 منشأة في منطقة فضلون، ويتم دراسة المخطط التنظيمي لتل كردي الذي شهد عودة 55 منشأة صناعية وتحضير 12 منشأة للإقلاع و30 منشأة ترمم حالياً، وتم تصديق المخطط لإقامة منطقة حرفية وصناعية مركزية في أوتاية في الغوطة تعنى بالحرف الخشبية؛ الأمر الذي أثار حفيظة البعض حول جدوى إقامة منطقة بيئية على بعد 15 كم عن دمشق في خربة الشياب، مقابل منطقة صناعية في أوتاية بقلب الغوطة..!
ولم يخفِ رئيس المكتب الاقتصادي في اتحاد الجمعيات الحرفية بدمشق خلدون المسوتي تململه أثناء حديث مدير الصناعة واستغرابه كم المخططات والأفكار التي تحدث عنها، حيث استهل المسوتي حديثه بقوله “دعونا نعود إلى كوكب الأرض قليلاً”، فدعم الحرفيين القائمين بعملهم اليوم أولى من المناطق الجديدة، ويفترض تأهيل المناطق المتأزمة وشبه المتأزمة من جديد، واستثمار المباني المهملة وتوظيفها بشكل إيجابي من قبل حرفيين، مطلقاً أمثلة عدة عن تشويش عمل الحرفيين وتضييقه كما في نقل حرفيي حوش بلاس والقدم، وتغييب دور المناطق الحرفية في الزبلطاني، ومحاولة نقل منطقة السليمة، مقترحاً أن تكون المناطق الصناعية لكبار المستثمرين، ويُدعم الحرفيون في مناطق عملهم.
ورفع ممثلو المناطق الحرفية الصوت لعل المسؤولين يستمعون لمشاكلهم مع التسويف وانعدام التمويل، معتبرين أن مدينة عدرا الصناعية تحولت إلى تجارة، فالصناعي فيها فقد الثقة أمام الفوائد المرتفعة والتكاليف الجديدة التي تظهر كل مرة، متسائلين أيضاً عن سبب غياب تنظيم الحكومة للبنى التحتية في منطقة دير علي التي تكلف الحرفيون بإنشائها، فدعم مجلس الوزراء للمنطقة حُول إلى محافظة ريف دمشق وضاع في المعاملات الروتينية، واعتبر الحرفيون أنهم يُعاملون كسكان الخيم؛ فكلما استقروا في مكان ما يتم نقلهم لمنطقة أخرى، فيما جدد الجلاد النداء للإبقاء على صناعيي القابون وتشجيع إنتاجهم.