السيادة الوطنية أولاً
أحبطت روسيا والصين، أول أمس، بالفيتو المزدوج في مجلس الأمن، مشروع قرار قدّمته الكويت وألمانيا وبلجيكا لتجديد مفاعيل القرار 2165 الخاص بإدخال المساعدات عبر الحدود السورية دون موافقة الحكومة السورية. وجاء الفيتو حفاظاً منهما على مبادئ القانون الدولي وأحكام ميثاق الأمم المتحدة، وفي مقدمتها احترام سيادة الدول ومراعاة قواعد العمل الإنساني.
في الوقت ذاته، أعربت روسيا والصين عن أسفهما حيال إصرار ممثلي بعض الدول الأعضاء في المجلس، ومعهم “حملة القلم الإنساني”، على الاستمرار في سلوك غير بناء وغير متوازن، عكسه تصويت تلك الدول برفض مشروع القرار الروسي الذي يبقي دخول المساعدات عبر معبرين رئيسيين. وطالبتا تلك الدول بالنأي بالملف الإنساني عن السياسة والسلوك المسيس، خاصة وأن قرار إدخال المعونات إلى سورية عبر الحدود كان مؤقتاً بسبب الوضع الإنساني الصعب الذي كان سائداً في 2014، نتيجة سيطرة المجموعات الإرهابية المسلحة على العديد من المناطق، لكن الآن، وقد استعادت سورية السيطرة على غالبية المناطق، فإن الأسباب انتفت ولا بد من عودة المساعدات إلى يد الدولة السورية، وضرورة تقديمها لجميع السوريين دون تمييز أو تسييس.
وقال القائم بالأعمال بالنيابة لوفد سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الوزير المستشار الدكتور لؤي فلوح: إن قمة النفاق السياسي والأخلاقي أن يأتي البعض إلى مجلس الأمن ليتحدث عن أزمة إنسانية في سورية بينما يمارس بحق شعبها الحصار والعدوان والاحتلال، مشيراً إلى أن سورية رفضت مشروع قرار “حملة القلم الإنساني” جملة وتفصيلاً بسبب ما يشوبه من عيوب جوهرية تمّ توضيحها في رسائل وجهتها إلى وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك في الخامس عشر من الشهر الجاري، وفي رسالة أخرى قبيل أيام وجهها وفد سورية الدائم إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن رداً على التقرير الرابع والستين حول الشأن الإنساني في سورية، مؤكداً أن صاحب القرار بالموافقة على العمل الإنساني في سورية هو الحكومة في دمشق وهذا مبدأ رئيسي في احترام السيادة الوطنية، وما عدا ذلك، فلا يمكن تصنيفه إلا محاولة بائسة جديدة تنتهك السيادة الوطنية.
وهذا يستوجب إعادة التأكيد، أن القضاء على التنظيمات الإرهابية المسلحة وطردها، وإنهاء أي احتلال أجنبي أولوية يسبقان أي حلول سياسية، وموقف بعض الدول التي تدعي حرصها على مساعدة الشعب السوري تتعامى عن سرقة قوات الاحتلال الأمريكية آبار النفط والغاز السوري، وعن القانون الأمريكي “قيصر” الذي صادق عليه مجلس الشيوخ مؤخراً، ويفرض إجراءات اقتصادية قسرية على الشعب السوري بهدف عرقلة انتصارات الجيش العربي السوري ضد الإرهاب.
كما أن إنهاء التداعيات الإنسانية التي فرضها الإرهاب على سورية ودعم العملية السياسية يتطلبان مقاربة مختلفة تتجاوز تقديم المساعدات الإنسانية وتضمن رفع الحصار المفروض على الشعب السوري وعدم التدخل في شؤونها الداخلية ومساعدة الدول الصديقة في عملية إعادة إعمار.
صلاح الدين إبراهيم