المحافظة أمام اختبار الحفاظ على معالم المدينة القديمة تفعيـــــل قـــــروض الترميـــــم والاســـــتثمار بشــــروط وأرشـــيف وطني إلكتــــروني “لليونســـكو”
دمشق – ميس خليل
تضم 40 مسجداً و16 كنيسة و22 سوقاً مغطاة و6 مكشوفة، وتمتد على مساحة 128 هكتاراً، وبعدد سكان يقارب 62 ألف نسمة، إنها مدينة دمشق القديمة التي سُجلت أثرياً عام 1976 كنسيج معماري متميز وفريد، ليتبعه قرار تسجيلها على لائحة التراث الثقافي العالمي “اليونسكو” في عام 1979، حيث تسعى محافظة دمشق بشكل دائم للحفاظ على ملامح المدينة التي يقصدها مئات الآلاف يومياً، مع رسم ملامح جديدة لها، وتقديم رؤى وأفكار تناسبها، والحفاظ على طابعها ورونقها الخاص.
قاعدة بيانات
معاون مدير مدينة دمشق القديمة المهندسة إيمان السمارة أوضحت في تصريح “للبعث” أن هناك العديد من المشاريع التي تعمل عليها المحافظة فيما يخص المدينة القديمة والواردة ضمن خطتها، فهناك مشاريع بُدء بها قبل الحرب وتوقفت، والآن يجري العمل على استكمالها، بحيث يتم الاستمرار بالعمل على خطة إدارة الكوارث والحرائق التي كان لدينا لها قاعدة بيانات هامة قبل الحرب، يتم بالتعاون مع فوج الإطفاء التحضير لإعادة تفعيل فوهات الحريق الموجودة ودراسة طريقة تغذيتها بالمياه، كما يتم العمل على تفعيل صندوق دعم المدينة القديمة، وتم تشكيل لجنة، وعن طريقها سيحدد من سيستفيد منه وآلية الاستفادة، أما بالنسبة للممول لهذا الصندوق فهم المتبرعون.
وفيما يخص سور دمشق القديمة في منطقة الفرايين والذي تعرضت نقطة منه لانهيار جزئي، ذكرت السمارة أنه تم تدعيم عدة نقاط رصدت على أنها خطرة ضمن السور، ويتم الآن إعادة بناء أحجار النقطة المنهارة، كما يتم العمل على إعادة تأهيل عدة محاور مدروسة سابقاً، كباب توما والدقاقين وسوق السروجية.
أما الملف الآخر والوارد ضمن خطة المحافظة – وفق معاون مدير المدينة القديمة – مواد البناء في دمشق القديمة التي تمتاز بمواد بنائها التقليدية، ولكن نتيجة ظروف الأزمة والحصار خلال الأزمة كان هناك صعوبة في تأمين العديد من المواد التقليدية وبالأخص الخشب، لكننا – والكلام للسمارة – في مكتب عنبر نحاول تعريف سكان دمشق القديمة بنماذج لبناء متر جدار بغدادي مثلاً، أو نماذج للجدران، وتم التعاون مع مديرية الصيانة الموجودة في المحافظة من خلال المركز التابع لها بصنع نماذج تحت مسمى “قوالب اللبن التقليدية” بقياسات وأحجام مختلفة، ونعمل على تأمينها وبيعها لسكان دمشق القديمة للاستفادة منها في الترميم، وسيتم تنظيم ورشة عمل خاصة بتلك المواد بهدف تعريف المواطنين عليها، وطريقة الحصول وأسعارها.
بدون سيارات
أما الملف المروي الذي يأخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام لدى المحافظة، وبُدء بالمشروع في عام 2011 وتوقف، عملنا هذا العام – بحسب السمارة – على إعادة تحديث قاعدة بيانات المشروع، وجاء إطلاق مبادرة دمشق القديمة بدون سيارات لتكون التجربة المبدئية والأولى، ووجدنا قبولاً من قبل الأهالي لها؛ كونها تؤمن بيئة نظيفة وتحافظ على البنية التحتية التي تتأثر بمرور السيارات، وسيتبعها خطوات لاحقة لتأمين المرائب المناسبة لصاحبي السيارات، منوهة إلى أنه تم خلال الفعالية توزيع أكثر من 1000 استبيان، ومن خلال نتائج الاستبيان سيتم رصد المؤشرات عن إيجابيات وسلبيات التجربة والاقتراحات الممكنة بهدف تحديث قاعدة البيانات والوصول إلى خلو دمشق القديمة من السيارات.
تعاون
وبينت السمارة أنه ضمن خطة المديرية فيما يخص ملف المسارات السياحية الذي تم دراسته بين 2008 و2010 يتم الاستمرار بالعمل عليه، وهناك إعادة تأهيل لتلك المسارات والفراغات بالتعاون مع عدة جهات، إضافة إلى إبرام اتفاقيات تعاون مع عدة جهات، ومنها جامعة دمشق بغية تبادل الخبرات والاستفادة من المشاريع التي يقوم بها الطلاب عن دمشق القديمة، وتقديم كل ما يحتاجونه في أبحاثهم بحيث تكون مشاريعهم منفذة على أرض الواقع.
وبعد أن تم إدراج مدينة دمشق القديمة من قبل اليونسكو على لائحة الخطر وتهديديها بالانسحاب من قائمة التراث العالمي بسبب الأحداث التي تعرضت لها سورية، أوضحت السمارة أنه تم مؤخراً إعداد دراسة بالتشارك مع مديرية الآثار والمتاحف لرفع مدينة دمشق عن لائحة قائمة الخطر وتم تقديمها لليونسكو، بالإضافة إلى موافاتهم بكافة المشاريع والخطط التي تم تنفيذها في المدينة القديمة بغية التراجع عن القرار، كما أنه ضمن عمل اللجنة التي تم تشكيلها فيما يخص هذا الموضوع يتم حالياً جمع وأرشفة وتوثيق لكل المجهود المبذول من قبل عدة جهات سواء المحافظة أو مديرية الآثار والمتاحف وجامعة دمشق، وجمعها ضمن أرشيف وطني إلكتروني سيتم رفعه “لليونسكو” أيضاً.
بالأرقام
وفي حديث الأرقام ذكرت السمارة أن عدد قاطني دمشق القديمة بلغ ما يقارب 62.600 ألف نسمة، ويوجد فيها 156 مطعماً ومقهى مرخصاً، و56 فندقاً ونزلاً، و38 مدرسة وخمسة حمامات منها: ( نور الدين، الملك الظاهر، البكري )، و18 خاناً، و19 موقعاً كلاسيكياً، و6000 عقار (مع حساب المقاسم) و2060 دوراً سكنياً، أما عدد المنشآت السياحية غير المرخصة فهي قليلة جداً. وفي هذا الإطار توضح معاون المدير أن هناك شروطاً معينة حددتها المحافظة للسماح بالاستثمار بحيث تم السماح بالاستثمار في المدينة القديمة بتعديل نظام البناء في عام 1996، وحينها سمح بالتوظيف لمطاعم ومقاهٍ، وخلال هذه الفترة كان هناك مايقارب 50 منشأة سياحية مرخصة، وفي عام 2005 – 2006 بُدء بدراسة المخطط التوجيهي إلى حين صدروه في عام 2008، ومن خلاله تم تحديد محاور للسماح بالاستثمار، وعدة شروط فنية عامة لكافة المنشآت، وشروط خاصة لكل مهنة، مع ضرورة الحفاظ على الطابع العمراني الخاص لدمشق القديمة بحيث كان هدف المخطط التوجيهي إيجاد التوازن بين كون دمشق القديمة كأقدم عاصمة مأهولة سكانياً، والسماح بالاستثمارات بشروط معينة لا تشكل أي خطر عليها.
تفعيل القروض
السمارة عرجت على موضوع إعادة تفعيل صندوق القروض لمساعدة القاطنين من ترميم منازلهم، والتي تمنح للمالكين القاطنين فقط “بغية الترميم أو إعادة التأهيل فقط”، منوهة إلى أنه سيتم إقامة ورشة عمل وشرح لتفاصيل القروض.
وختمت حديثها بالإشارة إلى أنه ضمن خطة مدينة دمشق القديمة للحفاظ على القاطنين وراحتهم سيتم التشديد على مواعيد إغلاق المطاعم بما يتناسب مع طبيعة المنطقة.