صحيفة البعثمحليات

غياب الضمانة ينسف مقترح الاستثمار ومشروع قانون جديد خلال أشهر الخروج من نظام الأعراف في إدارة مال اليتيم إلى إجراءات مقوننة وموجهة

دمشق – ريم ربيع
طال الانتظار لتخرج وزارة العدل بمشروع قانون ينظم أموال الأيتام المقدرة بالمليارات في المصارف، والتي لا حسيب لها ولا رقيب إلا الأعراف والتقاليد.! فالقانون الذي مرّ بمراحل عديدة ومحاولات متعثرة لإصداره كان يلاقي كل مرة خللاً يؤجل الإعلان عنه لسنوات، وكان آخر ما حرر في هذا المجال نشر وزارة العدل لمشروع القانون على موقعها الإلكتروني منذ عام 2015 بعد عام ونصف من التحضير له لأخذ آراء الخبراء والمختصين قبل أن يعود القانون ليختفي ويتوقف التداول بشأنه حتى اليوم.
وللعلم فقد اقترح مشروع القانون السابق إنشاء مؤسسة لاستثمار أموال الأيتام تابعة لوزارة العدل؛ لتقوم بالاستثمار في كل المجالات وتوزع الأرباح على الأيتام، ولاقى المشروع حينها قبولاً كبيراً لجهة الفائدة المحققة للطرفين من خلال مشاريع إنتاجية تدعم الاقتصاد، وأنظمة تضمن تحويل الأرباح لمصلحة اليتيم، إلا أن الحديث عن هذه المؤسسة اقتصر على أيام قليلة دون معرفة ما حلّ بها أو البديل عنها، قبل أن يعود الحديث مؤخراً عن القانون خلال المؤتمر القضائي السابع، وإعلان استكمال أسباب إصداره قريباً، حيث كشف القاضي الشرعي الأول المؤازر د.عمار مرشحة في حديثه لـ”البعث” أن تغييراً جذرياً طرأ على القانون، فالفكرة الأولى بإحداث مؤسسة خاصة لإدارة أموال الأيتام عبر أعمال تجارية لتنمية واستثمار هذه الأموال ألغيت في المشروع الحالي خشيةً من غياب الضمانة لمال اليتيم، فالبيئة الاستثمارية غير مواتية لتقديم الضمانة الكافية لنجاح المشروع وسلامة الأعمال، وبالتالي من سيعوض الخسارة فيما إذا خسر المشروع؟ لذلك أعيد النظر في مشروع القانون وأوكلت مهمة الاستثمار للنائب الشرعي (الوصي أو الولي أو الوكيل القضائي أو القيّم على اليتيم القاصر).

محكومون بالأعراف.!
وأوضح مرشحة أن المشروع الجديد لم يوضع من قبل وزارة العدل فقط، بل استعانت بعدة جهات معنية بهذا الموضوع، كوزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ووزارات الأوقاف والتربية والتعليم والداخلية وغيرها، والقوانين المعمول بها حالياً تشير إلى أن أي تصرف بأموال اليتيم يحتاج إلى إذن من القاضي الشرعي ليتأكد من صحة الإجراءات ويراقب سلامة العمليات، ولا يكون هناك غبن في حق مال القاصر، لكن القاضي الشرعي الآن يقوم بهذه الأعمال عن طريق “أعراف” قضائية، ولم تكن هذه الإجراءات مقننة في قانون موحد، وإنما يحال الأمر إلى لجنة خبرة ليتم تخمين السعر عند بيع أو شراء أو إيجار عقار، وإذا كان مناسباً يوافق القاضي على التصرف بالعقار.

توحيد إجراءات
أما اليوم فقد اتجهت اللجنة المكلفة بدراسة القانون إلى أنه بدل الاعتماد على الأعراف التي قد تختلف من محكمة لأخرى في بعض الحالات حسب وجهة نظر القاضي وتقديره للأمر، تم تقنين الإجراءات وفق نصوص محددة، كأن تحدد واجبات وحقوق النائب الشرعي واختصاصات القاضي. كما تم تحديد خطوات منح إذن البيع والشراء والإيجار، وسحب نفقة للرعاية بالقاصر سواء للتطبيب أو الدراسة أو السفر، وتحديد الخطوات المطلوبة لكل معاملة، وبذلك أصبحت الإجراءات موحدة بشكل كامل في كافة العدليات، وهو برأي مرشحة يشكل ضمانة هامة لمال اليتيم.
وفي حين تستقبل المحاكم الشرعية بدمشق 100 معاملة يتيم يومياً لفت مرشحة إلى أن القانون الجديد أحدث قاضياً متخصصاً ومتفرغاً في إدارة هذه الأموال ليخفف الضغط عن القضاة الشرعيين ضمن دائرة لإدارة أموال الأيتام حدد القانون اختصاصاتها، مبيّناً أن المشروع الجديد لاقى استحسان اللجنة الاقتصادية مبدئياً، وقد يرى النور خلال فترة قريبة لا تتجاوز أشهراً كتجربة جديدة ورائدة في سورية.

ضمانات
وحول ضمانة تصرف النائب الشرعي بالأموال بيّن مرشحة أن القانون حدد إجراءات تضمن سلامة أعمال النائب، وعند أية إساءة تحرَّك ضده دعوى إساءة ائتمان أو دعوى محاسبة أمام القضاء الشرعي، وإذا ثبت عدم صحة إجراءات النائب يتم عزله، ويعين بديل عنه ويطالب بالفروقات، فضلاً عن متابعة تحويل أرباح المشاريع للقاصر باستمرار، وتسجيل ملكية المشروع باسمه، وتسليم المال له بالكامل عند بلوغه سن الرشد. ويمكن للقاضي أن يحدد للنائب الشرعي نفقة من مال اليتيم إذا تبيّن أنه معسر وبحاجة لها، كما حدد القانون مدة سنة للنائب الشرعي في بعض المشاريع الخاصة لتسليم المال للقاصر، وتم منح إعفاءات خاصة من الرسوم في عمليات البيع والشراء، إضافة إلى التطرق إلى حقوق الجنين غير المولود بعد بحيث تجب له حصة من الميراث.