صحيفة البعثمحليات

الدعم الشعبي للحكومة؟!

 

يبدو أن الحراك الحكومي المتواصل والباحث عن مسالك آمنة للتخفيف من الارتدادات الاقتصادية والاجتماعية الحياتية المعيشية الناتجة عن جملة من العوامل المتعلقة بالحرب على بلدنا، بات بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى جرعة دعم شعبي تسهم في ترميم الثقة بالأداء، فكما يقال “إن المحن والشدائد تكشف الحقائق (المعادن)” بمختلف أنواعها، وفي الوقت ذاته تزيد من التماسك المجتمعي وتفعل جميع قنوات التواصل بين الناس ومع المؤسسات التنفيذية العاملة على خطوط حلحلة الأزمات، وبمقدار ما يكون التفاعل مسؤولاً ومبنياً على المكاشفة والشفافية يكون التقدم أسرع نحو إحداث تغيير فعلي في الواقع، واختراق التحديات وتبديد تداعياتها وتذليل العقبات، بحيث يصبح ذلك أكثر واقعية ومصداقية.
ومن الخطأ الآن الفصل بين الأداء الشعبي والآخر الحكومي، والاستمرار بإلقاء المسؤوليات على طرف واحد دون النظر إلى أهمية التكامل والتلاحم الذي يزيد من القدرة على تخطي التحديات بأقل الخسائر، وعلى الجميع تبادل الأدوار افتراضياً، والتفكير بعقلية منفتحة على الآخر؛ فالفريق الوزاري مهما كانت إمكاناته لن يستطيع تحقيق المعجزات دون أن تمد له يد العون من المجتمع الأهلي بكل مكوناته الاجتماعية والفئوية، والحالة الاستثنائية تتطلب الخروج من عقدة المواجهة بين المواطن والمسؤول إلى الاندماج في حالة وطنية يتم فيها تقاسم المسؤوليات والواجبات كل حسب موقعه، مع التأكيد على المساءلة الفردية وعدم التعميم.
وبكل صراحة عدم تبني الإيجابية أو السلبية المطلقة، يشكل معبراً آمناً نحو الحلول التي يمكن أن يسلم الجميع من مغبة أحكامها الخاطئة وعواقبها التي تجر الأداء الحكومي إلى مقصلة الفشل دون الأخذ بمعطيات الواقع الناضح بالتحديات والصعوبات، وخاصة في هذه المرحلة المتخمة بالضغوط الداخلية والخارجية.
ورغم الاتفاق مع الآراء السائدة في الشارع حول ما يمكن أن نسميه التخبط وعدم القدرة على فرض إيقاع العمل الحكومي على أرض الواقع، إلا أن ذلك يعني أن المسؤولية تلاحق فقط الفريق الحكومي؛ فهناك الكثير من المسؤوليات التي يجب أن يتصدى لها المجتمع للمساعدة في إنجاز العديد من المهام الملحة وخاصة لجهة تنفيذ القرارات المدرجة في خانة الضبط وفرض الاتزان على الأسواق بمختلف أنواعها، أو على صعيد إنجاز الخدمات التي لا تبرئ المواطن من مسؤولية المشاركة والمساهمة في إيجاد الحلول لها أو التخفيف من تداعياتها، كالنظافة مثلاً وقمع الاستجرار غير المشروع للكهرباء، وغيرها من المخالفات التي ترتكب على مدار الساعة، ولابد أن يقترن هذا العمل الشعبي بسلسلة من الإجراءات الحكومية التي تضمن في الوقت نفسه عدم التغاضي عن تقصير بعض مفاصل القرار، ورفع مستوى المحاسبة والمساءلة، واتخاذ المزيد من القرارات التي يمكن من خلالها لجم بعض المنغصات والتجاوزات المرتكبة بحق البلد أولاً والمواطن ثانياً.
إذاً القضية لا تختصر بمفاهيم مع أو ضد العمل الحكومي، بل بمدى الفاعلية والتجاوب والتكامل، والقدرة على تحقيق الفرق بين قبل وبعد أي قرار يهدف إلى ردم الفجوات في حياة المواطن السوري.. وما أكثرها.

بشير فرزان