حـــرب واشـــــنطن الطويلـــة على ســــــــورية
يؤكد د. غياث بركات أن ترجمته لكتاب “حرب واشنطن الطويلة على سورية” تأليف ستيفن غاونز والصادر حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب تأتي إسهاماً متواضعاً في بيان القليل من الكثير مما يحدث في سورية، حيث يقدم قراءة للحرب الإرهابية التي شُنّت على سورية في الفترة الممتدة ما بين (2011-2016) والتي ما زالت مستمرة، ويدرس مراحل تشكلها ويبحث في القوى الثلاث التي تصارعت على سورية، ليس فقط منذ العام 2011 بل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وهذه القوى هي: القوى القومية العربية العلمانية، الإسلام السياسي المتعلق بالإخوان المسلمين وأشباههم، الإمبريالية الأمريكية.
يعطي المؤلف اهتماماً خاصاً لفكرة أن الذين تحاربهم الإدارة الأميركية من العرب هم أولئك الذين يتبعون سياسات تلبي مصالحهم الوطنية ويديرون سياسيات اقتصادية تستجيب لاحتياجات شعوبهم وتحرم سوق المال، والشركات الأميركية من استغلال ثرواتهم ويرفضون هيمنة الولايات المتحدة وإملاءاتها، مشيراً د. بركات في تمهيده للكتاب إلى أن الكاتب كشف استراتيجيات الغرب وخططه ومؤامراته بقيادة الإدارة الأميركية، خاصة ما تضمنته استراتيجيات الأمن القومي الأميركي حول سورية التي بدأت بقرار مجلس الأمن القومي الأميركي برئاسة الأميركي ترومان عام 1945 وقد حدد المجلس الأهداف السياسية والعسكرية للولايات المتحدة للهيمنة على سورية التي تعمل الإدارات الأمريكية المتعاقبة على تنفيذها والتي تتمحور حول محاولات واشنطن الدائمة لإخضاع سورية للهيمنة السياسية والاقتصادية وإدماجها بالإمبراطورية الاقتصادية التي تدّعي الولايات المتحدة الأميركية قيادتها، وكذلك العمل على كل ما من شأنه ضمان أمن إسرائيل وقد اعتمدت في تحقيق ذلك على إيجاد صراعات عرقية وطائفية من خلال تفعيل أدوار أدواتها في المنطقة العربية وإبقاء دول المنطقة ضمن المشروع المشبوه المتمثل بالمحاصصة الطائفية والمذهبية والقبلية والعشائرية التي تمثل مرحلة ما قبل الدولة والتي هي إسفين في مشروع الدولة المدنية.