اقتصادصحيفة البعث

رغم الوعد الذي قطعه وزير الكهرباء بعدم الرجوع إليها كخيار.. “الحمـــاية الرديـــــة”.. لا عدالة في التوزيع.. وشـــــبهات بـ30 ميغاواط

 

في آخر اجتماعات مكتب الاقتصاد القطري، وكان هذا قبل حوالى عامين، وعد وزير الكهرباء المهندس محمد زهير خربطلي ، أن لا عودة أبداً بعد ذلك اليوم لاستخدام “الحماية الردية” على شبكتنا الكهربائية.
وجاء الوعد إثر النقد المغلف بالعتب والتمني، الذي وجهه رئيس المكتب لوزير الكهرباء، حيث لم يعد وضع “الردية” مقبولاً أبداً، نظراً لأثرها المخرّب، سواء للأجهزة الكهربائية للمشتركين كافة، أو للشبكة الكهربائية عامة. فعلى صعيد المشتركين المنزليين أو التجاريين، أدت وتؤدي “الردية” إلى إعطاب الأجهزة والتمديدات الكهربائية ووقوع حوادث مؤسفة في الممتلكات، أما على صعيد الشبكة العامة، فإن وضعها يؤدي أيضاً إلى تخريبها وانخفاض وثوقيتها، وهذا يعني كلفاً وأثماناً مادية كبيرة يتحمّلها المواطن والدولة!.
أما الذريعة التي يتذرّع بها المعنيون لتبرير وضع “الردية”، فهي أنهم يلجؤون لهذا الخيار (رغماً عنهم) لحماية المنظومة الكهربائية من الانهيار، الذي وبحسب مسؤولين في الوزارة، لو حدث -لا سمح الله- فإن كلفته هائلة للحدّ الذي لا يمكن مقارنته بإجمالي كلفة الخسارة للأجهزة الكهربائية التي يمتلكها كل المواطنين السوريين!.

فشل بجدارة
لن نعلق على تلك المعلومة الغريبة المستهجنة في مقاربتها ومقارنتها، لكن لا بد من القول: المؤكد أن لتلك الذريعة، العديد من الدلالات السلبية، لعلّ أوجعها أن المسؤولين عن إدارة طاقتنا الكهربائية، سقط من يدهم أي حل، كي يلجؤوا لهذا الخيار السيئ جداً، علماً أن هناك من يؤكد وجود خيارات وحلول أخرى بديلة عن “الحماية الردية، والسؤال: لماذا لا يتم الإصغاء لأصحاب تلك الخيارات، وبالتالي تطبيق الحلول؟!.
وعندما تسأل المعنيين في الوزارة أو شركة كهرباء دمشق عن المناطق التي تفرض عليها “الردية”، لا يجيبون؟!!، ما يعني أن هناك مناطق مستثناة من هذه “البلوى”، حتى وإن لم تكن من المناطق ذات الخصوصية الأمنية وغير الأمنية.

لا عدالة أبداً..!
إن استطلاعاً بسيطاً للمناطق التي تطبق عليها “الردية” كافٍ لمعرفة أن هناك لا عدالة أبداً في توزيعها على المناطق والأحياء، لدرجة يصل الأمر إلى الشخصنة والمحسوبيات في وضع “الردية” على هذه المنطقة وإعفاء أخرى!.
مصدر في شركة كهرباء دمشق كشف، وبأسلوب الغمز والريبة لـ”البعث”، أن هناك 30 ميغاواط مفقودة في دمشق، يتمّ تغطيتها عبر وضع “الردية” على بعض مناطق الأطراف والأحياء غير “المدعومة”!. وسؤالنا في هذا المقام والذي نضعه بعهدة ومسؤولية الرقابة والتفتيش، هو: أين تذهب تلك الكمية ولمن وبأي ثمن؟!.
غياب المنطق..!
واقع كهربائي لا يخلو من الشك والريبة والشبهات، يثير العديد من التساؤلات المشروعة اليوم، ولا بد من أن يكون لدى المعنيين بها، الإجابات المنطقية والعلمية المقنعة، بعد أن وصل وضع التيار الكهربائي في عدد من مناطق دمشق بعينها، إلى الحدّ الذي لم يعد تعرف فيه أوقات تطبيق “التقنين” من أوقات “الردية”، إذ أصبح هذان النظامان متداخلين كثيراً، وفوق ذلك أصبح تطبيق “الردية” شبه يومي في بعض المناطق وعلى مدار الـ 24 ساعة، بينما مناطق أخرى تنعم بالطاقة الكهربائية وبشكل منتظم!.

وضع غير مفهوم
كذلك من الغريب العجيب أن يتمّ وضع “الردية” بعد منتصف الليل، الأمر الذي يفنّد ادعاء إدارة توزيع الكهرباء، بأن تطبيق “الردية” أو “التقنين” يرجـــــع للحمولات العالية عـــلى الشبكة خـــــــلال فـــترتي الذروة الشتوية أو الصيفية، وفترة الذروة اليومـــيـــــة بين الساعة الخامســـــة مساء ولغـــاية العـــــاشرة ليلاً، حــيـــــــــث الاستهلاك التجاري والاقتصادي في أوجهما، إلى جـــانب الاســـتهلاك المـــنزلي، ما يعـــــني أن ادعـــــاء الضـــرورة في تطــــبيق “الــــــردية” على الأقل، ساقط شكلاً ومضموناً!.
وضع يعلم المعنيون في الوزارة وشركة كهرباء دمشق، كم الاتصالات التي أجريناها مع بعضهم وعدم رد بعضهم الآخر، لأجل وضعهم بصورة واقع التيار الكهربائي وقساوة “الردية”، وعلى الرغم من لقائنا بعض القائمين على هذا واتفاقنا على إدارة عادلة لـ”الردية” بحيث يلحق كل منطقة مرة كل 15 يوماً، ورغم ترجمة ذلك وتطبيقه، لكن الأمر لم يدم سوى شهر واحد ليرجع الوضع إلى ما هو عليه، فلماذا؟!.

من فمهم..!
أحد المختصين العمليين في الهندسة الكهربائية، أكد لنا أن الوضع الحالي للتيار الكهربائي، أي وضع التقنين الجائر والطويل والحماية الردية التي وصلت حدّ التطبيق الومضي لعودة التيار وانقطاعه، يفاقم كثيراً جداً التكاليف المادية اللازمة لاســــــتبدال وصيانة وإصلاح شبكتنا الكهربائـــــيــــة، ويــؤثــــر على فعاليتهــــا ووثوقيتها.
تأكيد لا ندري إلى أي مدى يصحّ معه تأكيد أكثر من مسؤول كهربائي، بأن شبكتنا ومنظومتنا الكهربائية، لا تزال من أفضل المنظومات في المنطقة وأنها في جهوزية جيدة، لكنها فقط تعاني من قلة الفيول والغاز، وحين توفرهما سيكون وضع كهربائنا جيداً!.
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com