الأبنية المدرسية.. تصاميم هندسية لا تحقق الغاية التربوية في محاكاة التحديث
منذ عقود ونحن نرى التصاميم الهندسية ذاتها المعتمدة عند دوائر الأبنية المدرسية دون أي تغيير أو تحديث في تلك الصور النمطية عند تشييد المدارس الرسمية، بحيث بات من الضروري تغيير الكثير من المفاهيم والطرائق الهندسية بما يخدم العملية التدريسية والتربوية، ولاسيما في المراحل التعليمية الأولى نظراً لما يحتاجه الطالب في هذه المرحلة من رسومات وتصاميم، وحتى وجود لبعض المسطحات والمساحات الخضراء، وكذلك الألوان الجاذبة له المعتمدة على جدران الأبنية المدرسية، وأيضاً التصاميم المعمارية الحديثة، وتوجد الكثير من هذه النماذج المعتمدة.
علي شحود مدير تربية طرطوس أشار إلى الجهود التي تبذل من قبل وزارة التربية، ودائرة الأبنية المدرسية لاعتماد نماذج حديثة وملائمة لطبيعة المناخ، وتقلبات الطقس لناحية المعالجة الفنية والتقنية للكتل الاسمنتية القريبة من البحر، والمسطحات المائية، وكذلك ملاءمة شروط الأمان، وابتعاد المدارس عن مصادر التلوث والضوضاء، بالإضافة للعمل على مراعاة وجود الأشجار والنباتات لزيادة جمال المبنى المدرسي، وتوفر قاعات خاصة للموسيقا، والتربية الفنية، وغيرها الكثير من الشروط المطلوبة فنياً وصحياً، بكل الأحوال أجوبة دائرة التخطيط في تربية طرطوس وردها على أسئلة “البعث” كانت بعيدة عما كنا نود طرحه والإشارة إليه حول فكرة تغيير تصاميم الأبنية المدرسية المعتمدة، وهذا ما أوضحته م. ثريا الجندي عضو المكتب التنفيذي لقطاع التربية، حيث لفتت إلى أن الكثير من الدول تسعى لتغيير الشكل التقليدي للمدرسة، والنمطية المعتمدة في تصميم المدارس من خلال إعادة التعريف بالمدرسة، وجعلها أماكن لاكتشاف الطاقات والمواهب العلمية، وذلك من خلال التفاعل، وروح العمل الجماعي، حيث تعد المدارس من أهم وأكثر المباني تأثيراً في حياة الطفل وتكوين شخصيته، ومن هنا يأتي الحرص على الاهتمام بمبنى المدرسة، وذلك من خلال الثلاثية الأساسية للعمل التصميمي، وأولها الوظيفة أو الأداء المتميز للمبنى، ثم الإنشاء، ومن ثم الجمال من حيث توافر المعايير الجمالية المؤثرة على شخصية الطفل، حيث أثبتت التجارب أهمية ودور الهندسة المعمارية والفن المعماري فيما يتم تصميمه من مبان تخدم الأطفال في مراحلهم المختلفة من خلال التأكيد على العلاقة والتكوينات والألوان لإنتاج فضاءات معمارية مركبة، وإيجابية التعقيد، وتحمل جرعات لونية وتشكيلية محفزة، وكذلك أهمية المبنى الحديث من خلال التكوينات اللونية والبصرية المؤثرة نظراً لكونها تثير الحواس، وتفتح عوالم لتجارب حسية وإدراكية غير مسبوقة.
بالمحصلة تغيير تلك الصورة النمطية لأبنيتنا المدرسية يحولها إلى فضاءات محفزة على الإبداع من خلال خلق حالة توازن بين المعرفة المستمدة من الكتاب المدرسي والمعرفة المستمدة من تفاعل الطفل، تحديداً مع بيئته وطبيعته لما تختزنه من نماذج تؤثر في الطفل، وتساهم في توسيع مداركه الذهنية والإبداعية كوننا نحلم جميعاً بمستقبل أكثر إشراقاً وتطوراً، وهذا لن يحدث إلا من خلال هذه الصورة المتكاملة بين الروح والعقل، وهو ما يجسده المعلم من جهة، والفضاء الخارجي، وما يحمل من تكوينات وتلاوين وصور يجد الطفل فيها مجالاً رحباً لعالمه بكل ما فيه من إبداعات ومواهب خلاقة.
لؤي تفاحة