قاسم سليماني هو من حارب “داعش” وهزمها
ترجمة: هيفاء علي
عن موقع انفيستيج اكشن 5/1/2020
يبدو أن الولايات المتحدة لم تحسب حساب العواقب الوخيمة لجريمتها البشعة في اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، فهي تجاهلت حقيقة هذا الرجل ولا يمكنها تقدير حجم تأثير جريمتها على إيران والشرق الأوسط. سليماني هو النتيجة المباشرة لسياسة واشنطن غير المسؤولة والعدوانية في عالم يحدّده السبب والنتيجة.
اكتسب قاسم سليماني مكانة بارزة في إيران خلال الثورة الإسلامية الإيرانية، حيث لفتت سمات قيادته وشجاعته وتصميمه انتباه كبار القادة الإيرانيين، بمن فيهم قائد الثورة علي خامنئي. خلال هذه الفترة طوّر سليماني المهارات التي سيستخدمها لاحقاً كقائد لفيلق القدس.
كان الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 فرصة للتعاون الإيراني الأمريكي، لكن إيران كانت تعارض بشدة أي وجود عسكري أمريكي في المنطقة. ومع ذلك، كان الأمريكيون غير مستعدين لمواجهة واقع عراق ما بعد صدام، خاصة وأن غالبية السكان سيطالبون بدور رئيسي في تحديد كيفية حكم العراق. قام سليماني وقوة القدس التابعة له بمبادرة تنظيم المقاومة لأمريكا في العراق والتي أثارت مواجهات عنيفة بشكل متزايد.
لم يظهر سليماني من فراغ، بل كان مظهراً من مظاهر ردّ إيران المنطقي على التهديدات الخارجية الناجمة عن تصرفات الولايات المتحدة وحلفائها. اكتسب دور إيران في لبنان كامل حجمه وأهميته عقب قرار الكيان الإسرائيلي باجتياح جنوب لبنان عام 1982، حيث جعل الإمام الخميني القضية الفلسطينية قضية مركزية حتى قبل انتصار الثورة من خلال تقديم الدعم المالي لمنظمة التحرير الفلسطينية وللمقاومة اللبنانية.
جاء الدور الإيراني في سورية بطلب من الحكومة الشرعية أيضاً بعد تدخل سافر لعدد من القوى الخارجية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وأتباعها البريطانيون والفرنسيون، والنظام التركي والسعودية، التي دعمت جميعها التنظيمات الإرهابية في محاولة يائسة لتغيير نظام الحكم في سورية، فكانت تصرفات سليماني في إصدار أمر لفيلق القدس لتشكيل وحدات مؤازرة للجيش السوري ردّ فعل على هذا التدخل الأجنبي في الشؤون السيادية لسورية.
وبالمثل، عندما اقتحم تنظيم “داعش” المشهد في عام 2014، طلبت الحكومة العراقية المساعدة من إيران لمحاربة “داعش”، فجاء اللواء قاسم سليماني لتنظيم وتجهيز مختلف الوحدات تحت رعاية وحدات التعبئة الشعبية. ثم قاد سليماني هذه الوحدات في سلسلة من المعارك التي ساعدت على دحر إرهابيي “داعش” قبل وقت طويل من مباشرة الولايات المتحدة في زعم القتال ضد “داعش”. لعب سليماني دوراً مهماً في تشكيل الشرق الأوسط في أعقاب أحداث 11 أيلول، حيث وضع إيران كقوة رئيسية في المنطقة، إن لم تكن القوة الرائدة.
ومع ذلك، فإن تصرفات سليماني لتحقيق هذه النتيجة لم تكن جزءاً من خطة إيرانية رئيسية للهيمنة الإقليمية، بل جزء من قدرة إيران على الاستجابة بفعالية للأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة وحلفاؤها في تنفيذ سياسات العدوان في المنطقة.
في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من الصفقة النووية الإيرانية في عام 2018 والتنفيذ اللاحق لما يُسمّى “أقصى ضغط” بحملة العقوبات الاقتصادية والاحتواء الجيوسياسي التي قامت بها الولايات المتحدة، حذّر سليماني ترامب من السير في طريق المواجهة.
الحقيقة هي أن الشيء الوحيد الذي كانت تعتبره الولايات المتحدة الأكثر خطورة على أمنها القومي يتمثل بعالم مع قاسم سليماني، ولذلك تم اغتياله بناءً على أوامر مباشرة من ترامب.