دراساتصحيفة البعث

بعد سليماني سترد إيران بقوة على جبهات متعددة

ترجمة: هناء شروف
عن الاوبزرفر 4/1/2020
لدى إيران خيارات عسكرية وسرية ودبلوماسية، وهذه المرحلة الجديدة من المواجهة ستتخطّى التوقعات. هناك في ضواحي طهران، تعدّ المقابر الشاسعة بمثابة تذكير قاتم بالثمن الباهظ الذي دفعته إيران خلال حربها بين عامي 1980 و1988 مع العراق. فقد قاتل مئات الآلاف من الشباب الإيراني وماتوا في صراع مروّع ضد قوات غزو صدام حسين، التي سلحتها الولايات المتحدة. وكان من بين هؤلاء الجنود الإيرانيون الذين نجوا مع قاسم سليماني.
كانت الحرب، بكل المقاييس، تجربة تكوينية للرجل الذي ارتقى لاحقاً إلى موقع مرموق في المؤسسة العسكرية والأمنية والاستخباراتية الإيرانية. كان ولاؤه للنظام الثوري الإيراني، الذي استولى على السلطة في عام 1979 بحزم. وكتب إيمانه بأن أمريكا التي لا تقهر هي العدو الأول لبلاده بالدم.
أصبح سليماني المهندس الرئيسي للمقاومة، والذي بدأ بجدية في أعقاب الإطاحة الأمريكية بصدام في عام 2003. وهو مكّن طهران من إقامة علاقات مع العراق وامتدت علاقاته تدريجياً إلى سورية وغزة ولبنان واليمن، دائماً في معارضة للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.
إن هذا التاريخ من المواجهة المتواصلة مع واشنطن هو إرث سليماني، لذلك أقدم ترامب على اغتياله يوم الجمعة. فكيف ستردّ إيران؟.
ما قاله بعض المحلّلين في واشنطن بأن إيران ستتراجع، وأن ما تقوله فقط هو لإصابتها بالصدمة يدلّ على أن القليل من الأميركيين فقط يفهمون الإيرانيين. سليماني شهيد لا بد من الانتقام لموته العنيف، وقد أوضح آية الله علي خامنئي، المرشد الأعلى لإيران، ومحمد جواد ظريف وزير خارجيتها، ذلك بالفعل. لا يمكن أن يكون هناك شك في أن إيران ستردّ بقوة، في وقت ومكان تختاره، وربما على جبهات متعددة.
قال دونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي في فترة الحرب في العراق، إن القواعد والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط تشكّل “بيئة غنية بالأهداف”. إذا كانت القوات المسلحة الإيرانية ستشنّ عمليات انتقام عسكرية شاملة وجهاً لوجه، فإن القاعدة الأمريكية الكبيرة في البحرين، مقر القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية والأسطول الخامس الأمريكي، سيكونان خياراً واضحاً.
لكن بالنظر إلى الممارسة السابقة، فإن مثل هذا الهجوم المباشر على الولايات المتحدة نفسها يبدو غير مرجح. لدى إيران خيارات عدة، فهي قد تضرب مراكز إنتاج وتصدير النفط في السعودية باستخدام الصواريخ والطائرات من دون طيار. ويمكن أن تحاصر مضيق هرمز عند مصبّ الخليج لإحداث صدمة نفطية دولية وإحداث اضطراب اقتصادي عالمي.
ستحتاج حكومة بوريس جونسون، التي تبنّت موقفاً متشدداً مؤيداً لترامب تجاه إيران، إلى أن تكون على أهبة الاستعداد أيضاً، إذا تفاقمت الأزمة، فإن ترامب يتوقع دعم بريطانيا، عندها سيكون جونسون ووزير خارجيته دومينيك راب، معرضين للكشف عن موقفهما، وهما في حاجة ماسة لمصالح ترامب، وعديمي الخبرة على نحو خطير. ماذا سيفعلان، على سبيل المثال إذا تعرّضت القاعدة البحرية البريطانية في البحرين للهجوم أو تمّ الاستيلاء على المزيد من السفن البريطانية في الخليج أو إذا غرقت؟.
لدى إيران أصدقاء، فهي سوف تناشد الصين وروسيا للحصول على دعم سياسي ودبلوماسي في أي صراع، ومن المرجح أن تحصل عليه. تتعاون طهران بالفعل عن كثب مع الزعيم الروسي فلاديمير بوتين في القتال المشترك ضد “داعش” والإرهاب الجهادي. كذلك ليس لدى الصين أي سبب واضح لمساعدة ترامب، إيران والصين تعارضان التدخلات العسكرية الأمريكية الخارجية من أي نوع، من حيث المبدأ. وقد حافظ كلاهما على علاقات قوية فيما بينهما، إذ واصلت الصين شراء النفط الإيراني في تحدٍّ للحظر الأمريكي.
لدى إيران خيارات دبلوماسية وقانونية أيضاً على الأقل من الناحية النظرية. إن تصرف ترامب في إصدار أوامره بوقاحة بقتل مسؤول حكومي أجنبي رفيع المستوى على أراضٍ أجنبية، يؤكد سخريته من القانون الدولي واستخفافه بقانون سلطات الحرب بالكونغرس. يمكن النظر في الأمر في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وكذلك في المحاكم الأمريكية والإيرانية والعراقية المحلية.
الآن، الكل يسأل: ماذا ستفعل إيران؟ لكن السؤال الأكبر هو: ما هي خطة ترامب إذا ردّت إيران بقوة. كل شيء سيذهب إلى الجحيم!.