إرهاب الولايات المتحدة في العام الجديد
ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع نيو ايسترن أوتلوك 11/1/2020
تشكّل الضربات التي شنّتها الولايات المتحدة ضد أهداف في العراق وسورية، مباشرة قبل رأس السنة الجديدة، تردياً جديداً للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة، خاصة وأنها أعقبت هذه الضربات باغتيال قائد لواء القدس الجنرال قاسم سليماني، وقد أفضت هذه الاستفزازات إلى قيام إيران بضربة مضادة متناسبة وفعّالة استهدفت القواعد العسكرية الأمريكية في العراق.
وبينما تصف الضربات بأنها ذات طابع دفاعي، فإن الولايات المتحدة في الواقع، تحتل شمال سورية بشكل غير قانوني وترغم الحكومة العراقية على قبول احتلالها المفتوح وغير المرغوب فيه هناك.
وما يزيد الأمر سوءاً، هو أن المجموعات التي ضربتها الولايات المتحدة تشكّل واحدة من أكثر القوى الهائلة التي تعمل في المنطقة ضد المنظمات الإرهابية، مثل تنظيم القاعدة وفروعه المختلفة و”داعش” في سورية والعراق.
تحاول سردية الولايات المتحدة حول حماية قواتها -التي تحتل المنطقة بصورة غير قانونية وبانتهاك مباشر للقانون الدولي- إخفاء الجهود المستمرة للتشبّث بالهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط.
وتعتبر الضربات على هذه المجموعات وقيادتها العليا محاولة عقيمة لإعادة رسم المشهد الجيوسياسي المتغيّر في المنطقة، حيث أصبحت سورية وحلفاؤها، خاصة روسيا وإيران، في موقع الصدارة.
في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة تصوير ما تقوم به على أنه ضمان للأمن الإقليمي أو العالمي، أدانت تلك الدول ذاتها الهجمات التي نفّذتها الولايات المتحدة، ووصفت الحكومة العراقية الهجمات بأنها غادرة. كما تمّ إدانة اغتيال الجنرال قاسم سليماني على نطاق واسع في جميع أنحاء المنطقة. لذا فإن ما قامت به الولايات المتحدة من إجراءات أحادية الجانب داخل بلد تحاول تصويره كحليف وشريك هي أفعال تدينها الحكومة العراقية نفسها.
وتمثّل الضربات الأمريكية الأخيرة تصعيداً بين الولايات المتحدة وإيران، في خضم صراع أوسع شمل المنطقة بأسرها، من سورية ولبنان إلى العراق، إلى الجنوب في اليمن، وصولاً إلى أفغانستان، حيث تشنّ القوات الأمريكية الحرب منذ ما يقرب من عقدين على طول الجهة الشرقية لإيران.
حتى داخل إيران نفسها، تسعى الولايات المتحدة بشكل متواصل لزعزعة الاستقرار اقتصادياً وسياسياً بهدف إخضاعها.
يمكننا أن نرى بشكل واضح المفارقة في زعم الولايات المتحدة بأنها تضرب المجموعات التي تدعمها إيران دفاعاً عن النفس أو في محاولة لمحاربة “الإرهاب”. فالولايات المتحدة التي تدّعي أنها تشنّ حرباً عالمية على الإرهاب قصفت القوى ذاتها التي تُعتبر الخط الأمامي لمواجهة القاعدة وداعش. علاوة على ذلك، لدى النظر إلى الولايات المتحدة وحلفائها السعوديين، الرعاة الرئيسيين لتنظيم القاعدة وداعش، فإن المفارقة تزداد عمقاً.
تشكّل الإجراءات التي تقوم بها الولايات المتحدة واحدة من أكثر العوامل التي تؤدي إلى عدم الاستقرار الإقليمي.
في الحقيقة، تواصل الولايات المتحدة عزل نفسها بمضاعفة سياساتها الفاشلة، إذ تلجأ إلى تكتيكات خطيرة ويائسة تهدّد السلام والاستقرار الإقليميين والعالميين، حيث يشير اللجوء للاغتيالات عالية المستوى إلى تنامي يأس واشنطن.
بالنسبة للدول التي تحمّلت عدوانية الولايات المتحدة يجب أن تستمر عملية الكشف عن السياسة الخارجية الأمريكية ومواجهتها بشكل جديّ وصبور، وتمثّل الضربات الصاروخية الإيرانية الصارمة التي تستهدف القواعد الأمريكية في العراق مثل هذا الصبر، فاستعراض القوة يذكّر واشنطن بما يمكن أن يحدث في حال زادت من أعمالها العدائية وإظهار ضبط النفس يوضح لبقية العالم أن إيران عقلانية حتى في وجه الاستفزازات غير المعقولة.
أصبحت الولايات المتحدة معزولة بشكل متزايد، فقد كانت عوائد الحرب واسعة النطاق التي شنّتها في جميع أنحاء المنطقة متناقضة. كذلك الضربات الجوية والاغتيالات الإضافية لن تكون ذات جدوى في محاولة الضغط على المجموعات التي تدعمها إيران، أو إضعاف جهودها المستمرة لإخراج المنطقة من الهيمنة والعدوان الأمريكي والإرهاب والانقسام والدمار.