ترامب أمام المحاكمة.. والجمهوريون يتلاعبون بإجراءاتها
إجراءات متسارعة يواجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمحاكمته وعزله، بعد أن وافق مجلس الشيوخ الأمريكي على القواعد الناظمة للمحاكمة، إثر اتهامه بطلب مساعدة دولة أجنبية للتدخل بالانتخابات الرئاسية المقبلة في البلاد، وترجيح كفّة السباق الانتخابي لمصلحته، إضافةً إلى قيامه بإساءة استغلال السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، وسط محاولات من حزبه الجمهوري عرقلة تلك المحاكمة.
مجلس الشيوخ وافق على القواعد المنظمة لمحاكمة ترامب، بما يشمل تأجيل المناقشات بخصوص استدعاء الشهود حتى منتصف المحاكمة.
وصوّت المجلس، بتأييد من جميع الأعضاء الجمهوريين، بأغلبية 53 صوتاً مقابل 47، لصالح إقرار خطة المحاكمة، التي تسمح ببدء المرافعات الافتتاحية من أعضاء مجلس النواب، لكنه منع أربع مذكرات منفصلة، من الزعيم الديمقراطي تشاك شومر، لاستدعاء سجلات ووثائق من البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع ومكتب الإدارة والميزانية المتعلقة بمعاملات ترامب مع أوكرانيا، كما رفض أعضاء مجلس الشيوخ طلبات الحصول على مذكرات استدعاء للحصول على شهادة القائم بأعمال كبير موظفي البيت الأبيض مايك مولفاني ومستشار الأمن القومي السابق جون بولتون ومساعد البيت الأبيض روبرت بلير ومسؤول الميزانية بالبيت الأبيض مايكل دافي.
نقاشات المحاكمة شهدت مشاحنات وتبادل اتهامات بين الديمقراطيين والجمهوريين حول قواعد المحاكمة، حيث رفضت الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ بزعامة السيناتور ميتش ماكونيل استدعاء الشهود أو الاطّلاع على وثائق رئيسة، في حين طالب فريق الدفاع عن ترامب بـ”تبرئته على الفور”، فيما قال قادة الحزب الديمقراطي: “إنه تم التلاعب بإجراءات المحاكمة، لأنه لا يوجد ما يضمن إمكانية تقديم الأدلة إلى لجنة المحاكمة، وأن هذا الأمر يرقى إلى “جريمة تستر”.
القرار الاتهامي بحق ترامب، الذي تلاه النائب الديمقراطي آدم شيف رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب كبير المدعين في المحاكمة، يتضمن “جرائم وجنحاً خطيرة”، ولا سيما الاتهامان اللذان وجههما مجلس النواب إليه في الـ 18 من كانون الأول الماضي، وهما استغلال السلطة وإعاقة عمل الكونغرس، كما يشير القرار إلى أن ترامب تصرّف بشكل ينافي الثقة التي منحت له، وأن تصرفه يسيء لسلوك الحكومة، لافتاً إلى أن الأخير أعاق تحقيقاً في الكونغرس عبر منع مستشاريه من الإدلاء بشهاداتهم أو تقديم معلومات.
الجمهوريون تلاعبوا بإجراءات المحاكمة، حيث حدد السيناتور ماكونيل قواعد أساسية تمنع استدعاء الشهود أو الكشف عن وثائق رئيسة، ما حدا بشيف للقول: “معظم الأمريكيين لا يعتقدون أنه ستكون هناك محاكمة عادلة.. هم لا يعتقدون أن مجلس الشيوخ سيكون نزيهاً، وأن النتيجة معدّة مسبقاً”، مشيراً إلى أن زعيم الجمهوريين ماكونيل يريد أن تنتهي المحاكمة بأسرع وقت ممكن.
صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية اعتبرت أن مجلس الشيوخ اجتمع للبدء بـ”جدية” في محاكمة ترامب، حيث استهل النقاش بشكل المحاكمة، وهي مسودة أصدرها السيناتور ماكونيل، ما تسبب بنقاش حاد بعد أن انتقده الديمقراطيون، واتهموه وغيره من الجمهوريين بمحاولة التستر على تصرفات ترامب.
رئيسة مجلس النواب الأمريكي الديمقراطية نانسي بيلوسي أكدت، في وقت سابق، أن إدارة ترامب انتهكت القانون من خلال حجب مساعدات عن أوكرانيا كان الكونغرس أقرها، في إطار الضغط على كييف لفتح تحقيق بشأن جو بايدن نائب الرئيس السابق ومنافس ترامب الديمقراطي المحتمل في الاستحقاق الرئاسي المقبل، والذي جدّد خلال تجمع انتخابي أقيم في ولاية نيفادا الأمريكية الشهر الجاري انتقاداته اللاذعة لسياسات الرئيس ترامب، مؤكداً أنه مسؤول عن التوترات التي تحدث في الشرق الأوسط، وأن سياساته الخارجية تلحق الضرر بالولايات المتحدة ومصالحها.
الفضائح والأزمات التي يمثّل ترامب المحور الأساسي لها لم تعد تقتصر على القرار الاتهامي الذي تسلّمه مجلس الشيوخ لمحاكمته وعزله، حيث كشفت شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية في تشرين الأول الماضي أن المستشار العام لوزارة الدفاع الأمريكية وجّه مذكرة رسمية إلى الوكالات التابعة للوزارة طلب فيها تحديد وجمع وحفظ كل الوثائق المتعلقة بالمساعدات الأمنية والعسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا استعداداً لتقديمها إلى اللجنة الخاصة بإجراءات مساءلة ترامب.
ويحتاج عزل ترامب إلى تأييد ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 100 عضو، أي 67 عضواً، وتجري هذه المحاكمة في توقيت حرج لإدارته مع تصاعد حمى الانتخابات الرئاسية التي ستجري أواخر العام الجاري، ومع تواصل تراجع شعبية ترامب منذ انتخابه عام 2016 ليكون بين الرؤساء الأمريكيين الأقل شعبية، وخاصة بعد تنصّله من المعاهدات والاتفاقيات، سواء الدولية منها أو الثنائية، ضارباً عرض الحائط بالمواثيق والعهود التي وقّعت عليها واشنطن، وأعلنت الالتزام بها فضلاً عن سياساته التدخلية بشؤون الدول المستقلة.
في سياق آخر، أعلن ترامب إن إدارته تحضّر لإضافة “بضع دول” إلى لائحة الدول التي يمنع على مواطنيها السفر إلى الولايات المتحدة، وذلك رغم الإدانات الواسعة لقرار حظر السفر الذي وقّعه في 2017.
وقال ترامب من منتدى دافوس الاقتصادي في سويسرا: “سنضيف بضع دول، وستعلن أسماؤها قريباً جداً”، متذرّعاً بأن هدف هذا القرار ضمان أمن الولايات المتحدة.
وأفادت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية في وقت سابق بأن الإدارة الأمريكية تريد إضافة نيجيريا إلى لائحة حظر السفر، وأنها تجري دراسة فرض قيود جديدة على بيلاروس وإريتريا وقرغيزستان وميانمار والسودان وتنزانيا.
وكان ترامب وقّع في الـ 27 من كانون الثاني عام 2017 مرسوماً حظر الهجرة والسفر بصورة “مؤقتة” من سبع دول إلى الولايات المتحدة، وهي سورية وإيران والعراق وليبيا واليمن والسودان والصومال، ما أثار حملة تنديد دولية واسعة اعتبرت أن القرار عنصري ومخالف لحقوق الإنسان.