رياضةصحيفة البعث

ألعاب القوة الحلبية.. أندية مهمّشة وصالات بائسة وكوادر وأبطال مظلومون

 

حلب- البعث
بقوة ودون أي تأخير أو تسويف شد رئيس مكتب ألعاب القوة في التنفيذية الحلبية، أمير شمسي، الوتر في سبيل توليف وتأليف نغمة جديدة تعيد لألعاب القوة الحلبية ألقها، لتجاوز مرحلة جس النبض، وبرهن عن حماسة وإيجابية الشباب وإقدامهم على العمل، وفتح باب الحوار المبرمج بأجندة مرسومة مع مفاصل العمل كافة خلال الاجتماعات التعارفية النقاشية التقييمية التي سبرت واقع المرحلة الفائتة، وما تخللها من نتائج وصعوبات اعترضت العمل والتصورات والمقترحات الكفيلة بتطوير الأداء والارتقاء بالألعاب، وتوسيع القواعد، والبناء على ما تم تكريسه، لتعود القوة الحلبية ضاربة في المنافسة، ومتواجدة في المنتخبات الوطنية في التمثيل والإنجازات.
ولأن الأندية القاعدة الأساسية للبناء الرياضي فقد بدأت جولة العمل مع مشرفي ألعاب القوة في الأندية الحلبية، وكانت “البعث” حاضرة في المعادلة التي حاولنا موازنتها من خلال حوارنا مع أصحاب الشأن في كل ناد من الأندية الفاعلة.

الفتات في الاتحاد
الانطلاقة من نادي الاتحاد الأبرز على المستوى الشعبي والجماهيري، حيث يلاحظ التهام اللعبتين الشعبيتين، القدم والسلة، للبيضة والتقشيرة من دعم واهتمام ورعاية، سواء من الخزينة العامة للنادي، أو من “الرعاية”، ورغم ذلك يلاحظ تفوق ألعاب القوة على المدللتين بمؤشرات النتائج على مستوى حلب والجمهورية، والتخطي إلى المستوى العربي والدولي، وذلك بفتات الفتات، والمشكلة، بالنسبة لواقع إهمال الأندية لتلك الألعاب المنجزة المظلومة، تبدأ، حسب مشرف ألعاب القوة في نادي الاتحاد، أحمد كامل، من المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام، واللجنة التنفيذية الفرعية، فهم لا يلتفتون أو يراعون الكفاءة والخبرة الفنية من أهل كار القوة في اختياراتهم لأعضاء مجالس إدارات الأندية التي عادة ما يكون همها الأوحد هو لعبتا القدم والسلة التي ترمى ميزانيات الأندية تحت قدميهما دون نتائج موازية لما يصرف عليهما.
وأكد كامل أن الراتب الشهري لأدنى مدرب في الفئات العمرية في كرة القدم يفوق مستحقات مدرب ألعاب القوة لسنة كاملة، دون أن يضاهي راتب موظف فئة خامسة، في الوقت الذي يحاسب فيه الأخير على أدنى هفوة، أو تعثر بنتيجة، وطلب الكابتن كامل أن تكون هناك معالجة مع الأندية تراعي حقوق ألعاب القوة التي تشترك فيها الألعاب الفردية من النسبة المنصوص عليها في تعميم المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام من العوائد الاستثمارية 30%، مضيفاً بأنه من الصعب الاستمرار وتحقيق الإنجازات من قبل اللاعبين الذين يخرجون ويبرزون من العدم، ودون أن يمنحوا “بيجاما” تحمل شعار النادي، قبل أن يصلوا إلى مرحلة يتوقف فيها عطاؤهم عند حدود معينة.
واقترح مشرف ألعاب القوة في نادي الاتحاد أن ترسل اللجنة التنفيذية بلاغات للأندية بموعد البطولات أسوة بالقدم والسلة، وانتقد وجود عضوين شقيقين في اللجنة الفنية للملاكمة، بينما يخسر نادي الاتحاد الذي كان حاضراً بقوة في أجواء اللعب طوال الفترة الماضية مكانه في فنية اللعبة، واقترح تدعيم اللجنة بعضوين آخرين، أحدهما من نادي الاتحاد لتصبح مؤلفة من خمسة أفراد.

“لناس وناس”!
وطرح أحمد هلال عضو مجلس إدارة نادي شرطة حلب، مشرف ألعاب القوة، أموراً عدة متعلقة بواقع أماكن وأوقات التدريب وتوزيعها، لافتاً إلى الحالة المزرية لصالة الملاكمة ومرافقها في صالة الأسد الرياضية التي تتزاحم عليها جميع الأندية دون وجود بديل، مشيراً إلى عدم توفر صالة خاصة لألعاب القوة في نادي شرطة حلب الذي يعتبر أحد معاقل ألعاب القوة، وخزانات أبطالها الغزيرة العطاء، كما تساءل هلال عن الأسباب التي تمنع فتح أبواب هنغار الملاكمة ضمن المدينة الرياضية التي تتوفر فيه مرافق عصرية، وساونا، وتجهيزات حديد لتدريبات فرق ومنتخبات الملاكمة الحلبية بعد أن تمت صيانته قبل سنتين من آثار القذائف الإرهابية التي طالته، منوّهاً بأنه شبه محجوز لتدريبات فرق الكيك بوكسينغ، والأمر نفسه بالنسبة لصالة البعث المستأثرة لصالح لعبة المصارعة دون غيرها.
وانتقد هلال بشدة، وهو البطل العربي السابق بالملاكمة، والمدرب صاحب الكفاءة المشهودة، السلبية في التعاطي مع الأبطال المنجزين على مستوى الجمهورية من خلال تمثيلهم للمنتخبات الحلبية وتشريفها، حيث لا يجدون التكريم الذي يعبّر عن التقدير المعنوي، كأضعف الإيمان، لعطائهم، مردفاً بأن مجرد كلمة “يعطيكم العافية” لا تمنح لهم على صنيعهم، ما يترك أثراً سلبياً كبيراً لديهم، مطالباً أن يلحظ هذا الموضوع ويكون محط اهتمام المعنيين.

متاهة الهيئات
وتنسحب المعاناة بالنسبة لمقرات وأماكن التدريب على نادي عمال حلب الذي تحولت أرضه المخصصة لتشييد منشآته في مدينة هنانو السكنية إلى كراج حجز للسيارات، بينما لا تجد الإدارة مقراً لاجتماعاتها وألعابها، وعلى رأسها ألعاب القوة، ولا تجد أماكن خاصة لتدريباتها، كما يروي عضو الإدارة مسؤول ألعاب القوة، محمد بكري أورفلي الذي أوضح بأن ألعابه لا تنال إلا النذر اليسير من دعم وميزانية اتحاد العمال، بينما تشيح اللجنة التنفيذية بوجهها عن دعم النادي كونه من أندية الهيئات الذي يستأثر ممثّلو كرة القدم بمقاعد العضوية فيه، وهذا أحد المنغصات التي تواجه تلك الألعاب غير المدعومة رغم نشاطها، وإنجازاتها، ومحدودية مصروفها ومتطلباتها، وعدم تشكيلها أية أعباء باهظة على الخزينة، مقارنة بلعبة كرة القدم، وكونه أحد كوادر لعبة الأثقال العاملة، طالب أورفلي بإعادة صالة ميسلون، معقل اللعبة، ومفرخة أبطالها سابقاً، والتي تحولت إلى مستودع للكتب المدرسية كونها مملوكة من قبل التربية، إلى أسرة رفع الأثقال.

معاناة متشابهة
المعاناة نفسها تكاد تكون نسخة مكررة لواقع ألعاب القوة في نادي حرفيي حلب، كما تحدث مشرف الألعاب في الإدارة علاء الدين الأيوبي، من حيث غياب الدعم، وعدم توفر الأماكن الخاصة للتدريب، بينما كشف مشرف ألعاب القوة في نادي عمال السكك الحديدية حسين نايف عن حالة التأرجح التي تلف النادي المحسوب على أندية الهيئات دون أي قرار رسمي بذلك، وهو الذي يتبع إلى اتحاد العمال، في حين ينتظر قراراً مبرماً لتسميته نادي هيئة مستقلة مالياً، وإدارياً، وتنظيمياً تعطيه آفاقاً رحبة للانطلاق بحرية، والسعي لتطوير رياضته ومنشآته واستثماراته، وتوظيفها لصالح ألعاب النادي.
وأشار النايف إلى أن هناك مشروعاً لتثمير ملعب النادي بعد تعشيبه والصالة المطلة عليه، ما سيتيح توسيع قاعدة ألعاب القوة، وإضافة جديد إلى خارطتها، وحدد المصاعب والمطالب بتجهيزات الألعاب والدعم للمدربين.

قاعدة بيانات
بدوره مشرف ألعاب القوة المكلّف من قبل إدارة نادي الحرية السابقة، نور شمسة، تحدث عن تجربته التي استعاض فيها بمبدأ الحوافز عن المستحقات الشهرية، حيث يمنح كل مدرب مكافآت من غير سقف، نظير أية بطولة يحققها في المشاركات والبطولات الحلبية والمركزية، ما يخلق حالة من التحدي والعطاء المضاعف في العمل، ويطور اللاعبين، ويكشف الجيد من غيره من المدربين، ويعطي لكل منهم ما يستحقه، ويمنع التعيينات الصورية، موضحاً أن هذا النظام أثمر في نتائج المصارعة والجودو.
وطلب عضو التنفيذية السابق من اللجان الفنية للألعاب تقييماً دورياً وعاماً لجميع الفئات، ولعمل ونشاط كل مدرب، يكشف مدى الاهتمام وحجم المشاركة في بطولات الفئات العمرية كافة، وعلى ضوء ذلك يكون التقييم أكثر موضوعية وجوهرية، كما شدد شمسة على ضرورة أرشفة الترتيب العام في كل بطولة تقام على مستوى حلب والجمهورية، بحيث تكون في آخر كل سنة بمثابة قاعدة البيانات التي تعطي تقييماً لا لبس فيه للعمل.

كلهم أوائل!
أما الملاحظة الخاصة بنا التي نختم بها فقد تمثّلت بمزاجية وضياع الرؤية الواضحة بالنسبة لتصنيف ترتيب الأندية في البطولات التي تقام على المستوى الحلبي، حيث لاحظنا من خلال سؤالنا لمشرفي ألعاب القوة في مختلف الأندية أن كلاً منهم يشد اللحاف صوب ناديه، ويؤكد أنه المتربع على عرش الصدارة، وهذا دليل على عدم وجود معايير واضحة للتصنيف في كل بطولة، حيث تتحكم مزاجية اللجان الفنية في بعض الأحيان، وواقع تبعية أعضائها، وازدواجية مهامهم بين اللجان الفنية والمهام التدريبية في الأندية، إذ يصدرون الجداول في الترتيب العام عقب كل بطولة في حال كان ناديهم بين المراكز الطليعية، ويحجبونها في حال لم تكن النتائج على هواهم، وهذا ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، بحيث تكون هناك مقاييس ومعايير موحدة ومنظمة بعيداً عن المزاجية والاعتباطية والعشوائية التي لا تراعي أسس التقييم الواقعي الذي يساعد على فرز منتجات العمل، وعطاء المدربين، وأرشفة النتائج بصورة منظمة تقيم العدالة، وتصب في النهاية في صالح تطوير الألعاب.