الخارجية: سورية تجدّد وقوفها مع كفاح الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة قيادة الحزب: “صفقة القرن” ستفشل.. ومحور المقاومة مستمر في مواجهة المشاريع التصفوية
أكدت قيادة الحزب أن ما يسمّى “صفقة القرن” ستفشل كما فشلت جميع المحاولات السابقة لتصفية القضية الفلسطينية، فالشعب العربي الفلسطيني سيقاومها، ومحور المقاومة الذي تمرّس على مواجهة المشاريع التصفوية سوف يستمر في هذه المواجهة التاريخية، مشدّدة على أن جيشنا الباسل عندما يحرّر معرة النعمان فإنما يؤكّد أن مسيرة الانتصار مستمرة، وهي مسيرة موجّهة ضد كل عدوان يستهدف المصالح والثوابت القومية، بما في ذلك “صفقة القرن”، فيما أكدت وزارة الخارجية والمغتربين رفض سورية المطلق وإدانتها الصفقة التي تمثّل وصفة للاستسلام لكيان الاحتلال الإسرائيلي الغاصب، مجدّدة وقوفها الثابت مع الكفاح العادل للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة.
وقالت قيادة الحزب في بيان: إن إعلان ترامب بعض تفاصيل مؤامرته الكبرى لتصفية القضية الفلسطينية، وتعزيز سيطرة الكيان الصهيوني على المنطقة، يندرج في إطار مشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد، ووصفت “الصفقة” بأنها مرحلة متقدّمة في مسار متعدّد المراحل لتصفية القضية الفلسطينية، وضرب المشروع القومي النهضوي العربي، مشيرة إلى أن هذا المسار بدأ مع كامب ديفيد ثم وادي عربة وتطوّر وصولاً إلى حشد أكبر قوى عدوانية عرفها التاريخ المعاصر لضرب سورية وإخضاعها لأنها واجهت هذا المسار المعادي منذ بدايته..
وتابع البيان: لقد جنّدت أمريكا طاقات العدوان جميعها، بما في ذلك أتباعها في المنطقة والمرتزقة الإرهابيون من جميع أنحاء العالم، في محاولتها لإنهاء محور المقاومة، الذي يواجه مخططها باقتدار وشجاعة، مشيراً إلى أن ما أغاظ أمريكا والكيان الصهيوني أن المقاومة، ومركزها سورية، حققت إنجازات مهمة في مواجهة المخطط المذكور عبر مراحل متتالية، بدءاً من تحرير بيروت والجنوب اللبناني وانتصار 2006 و2009 وصولاً إلى التصدّي البطولي في مواجهة الحرب الإرهابية الوحشية على سورية، وأوضحت أن توقيت “الصفقة” جاء كي يخرج ترامب ونتنياهو من المأزق داخل أمريكا والكيان الصهيوني، ففي وقت يواجه ترامب قضية عزله في الكونغرس يحاول تحسين صورته لدى الناخبين وفي العالم وهو على أبواب حملة انتخابية رئاسية في الخريف القادم، يبدو مأزق نتنياهو أشد وأصعب، إذ لأنه ولأول مرة – في الممارسة السياسية كما يعرفها العالم – جرت جولتان من انتخابات “الكنيست” في الكيان الصهيوني في عام واحد، والجولة الثالثة في آذار القادم، وذلك كله بسبب فشل نتنياهو في تشكيل حكومة، وهو يعتقد أن الصفقة ستسهم في تحسين صورته كـ “صانع سلام”.
من جهتها، أعربت الجمهورية العربية السورية عن إدانتها الشديدة ورفضها المطلق لما تسمى “صفقة القرن”، والتي تمثّل وصفة للاستسلام لكيان الاحتلال الإسرائيلي الغاصب، وتندرج في إطار المحاولات المستمرة للإدارات الأمريكية المتعاقبة والكيان الصهيوني لتصفية القضية الفلسطينية وتجاهل الشرعية الدولية وإجهاض قراراتها بخصوص الصراع العربي الإسرائيلي، فيما شهدت المدن والبلدات في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة يوم غضب شعبي وإضراباً شاملاً رفضاً للصفقة المشؤومة.
وقال مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين: لقد أوضحت الخطة الأمريكية الأخيرة مجدداً التحالف العضوي بين الولايات المتحدة والكيان الصهيوني في عدائه المستحكم للأمة العربية وقضاياها، وأن السياسة الأمريكية في المنطقة تهدف أولاً وأخيراً إلى خدمة “إسرائيل” ومخططاتها التوسعية على حساب الحقوق والمصالح العربية، مشيراً إلى أن من شكّل على الدوام الداعم الرئيس للعدوان الإسرائيلي غير مؤهّل البتة للاضطلاع بدور صانع السلام، وتابع: إن الجمهورية العربية السورية تطالب المجتمع الدولي بإدانة هذا الازدراء الأمريكي للشرعية الدولية، والتأكيد على قراراتها، وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية المحتلة، وضمان الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدّمتها حق العودة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس.
وشدّد المصدر على أن سورية، التي جعلت من القضية الفلسطينية بوصلة سياستها الخارجية والقضية المركزية للأمة العربية، تجدّد التأكيد على أهمية إيجاد موقف عربي فاعل للتصدي لهذا التمادي الأمريكي الصهيوني السافر على الحقوق العربية، والذي يشكّل خطراً على حاضر الأمة ومستقبلها، كما تجدّد سورية وقوفها الثابت مع الكفاح العادل للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة.
وكان ترامب، وفي انتهاك سافر للقرارات الدولية، أعلن الاثنين بنود الصفقة المشؤومة، زاعماً أن مخططه المؤلّف من 80 صفحة هو الأشمل حتى الآن للتسوية، فيما أكد الفلسطينيون، رسمياً وشعبياً، رفضهم القاطع لهذه الصفقة، وأنه لا تنازل عن حقوقهم المشروعة غير القابلة للتصرّف، التي كفلتها القوانين الدولية، وفي مقدمتها حق تقرير المصير وعودة اللاجئين إلى ديارهم وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس.
وفي الداخل الفلسطيني، انطلقت فعاليات ومسيرات شعبية في مختلف أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة رفضاً لـ “صفقة ترامب-نتنياهو”، كما عمّ الإضراب الشامل مختلف مناطق قطاع غزة المحاصر، ونظّمت فعاليات ومسيرات شعبية رفضاً للصفقة.
وجرى تعطيل المؤسسات الحكومية والمدارس وإغلاق المحال التجارية، تلبية لدعوة من لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية في القطاع، والتي أضافت: إن الإضراب يشمل كل مرافق الحياة في قطاع غزة، ما عدا وزارة الصحة، ويهدف لتوجيه رسائل واضحة بأن “صفقة القرن المشؤومة لن تمر، وسيقاومها شعبنا بكل الأشكال والأساليب حتى يسقطها”، وحثّت على “رفع الأعلام السوداء على أسطح المباني والمؤسسات الرسمية والحكومية، تعبيراً عن حالة الغضب الشعبي الرافضة للصفقة الأمريكية”، وأكدت “استمرار الفعاليات والأنشطة وحالة الاشتباك المفتوح مع الاحتلال من أجل إسقاط الصفقة”.
وفي الضفة، أصيب عدد من الفلسطينيين وطلبة المدارس بحالات اختناق جراء قمع قوات الاحتلال مسيرة شعبية في مخيم العروب شمال الخليل بالضفة الغربية، كما أصيب عشرات الفلسطينيين بحالات اختناق جراء قمع قوات الاحتلال فعالية شعبية في الأغوار.
وأصيب عدد من الفلسطينيين بجروح، وآخرون بحالات اختناق جراء قمع قوات الاحتلال مسيرة شعبية عند المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم بالضفة الغربية.
وتظاهر عشرات الفلسطينيين في مدينة حيفا، رفضاً لـ “صفقة القرن” بدعوة من حركة أبناء البلد، ووصف المحتجون الصفقة بالمؤامرة الصهيونية الاستعمارية ضد الشعب الفلسطيني وقضيته، رافعين الأعلام الفلسطينية والهتافات، كما أكدوا فلسطينية وعروبة القدس وكل المدن الفلسطينية حتى الواقعة داخل الأراضي المحتلة عام 48.
وفي السياق نفسه، أكدت اللجنة المركزية لحركة فتح الانتفاضة رفضها القاطع لما تسمى “صفقة القرن”، وما يتفرع عنها من أشكال أخرى تنال من الحقوق الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني، ونبّهت من خطر المؤامرات التصفوية التي تتعرّض لها القضية الفلسطينية، وتستهدف وجودها وهويتها التي ناضل أهلها للحفاظ عليها والدفاع عنها عبر مسيرة وطنية كفاحية، معتبرة أن إعلان ترامب يعبّر بشكل واضح وعلني عن الوجه الأمريكي الحقيقي الداعم للعدو الصهيوني، ويؤكد العلاقة الاستعمارية التي تربط الطرفين، وتتكامل في هدف استراتيجي واحد يقوم على إخضاع أمتنا ونهب ثرواتها والحيلولة دون تقدمها وازدهارها، وأكدت أن الشعب الفلسطيني بكل قواه وهيئاته ومنظماته سيعمل بكل جهده من أجل إسقاط تلك الصفقة، كما أسقط المؤامرات السابقة، وأن المقاومة هي الطريق الوحيد لاستعادة الحق الفلسطيني.
وفي بيان مماثل دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الشعب الفلسطيني لتوحيد الجهود ورص الصفوف في التصدي لإسقاط الصفقة، مشددة على أهمية جهود استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ودورها في مواجهة المخططات الصهيوأمريكية.
من جهته دعا المطران عطا الله حنا رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس الشعوب العربية إلى أن تكون اليوم درعاً واقياً لفلسطين من المؤامرات والمخططات الكبرى التي تهدف لتصفية قضيتها، وقال في بيان: “منذ وعد بلفور وحتى اليوم والفلسطينيون يتعرّضون للمؤامرات من كل حدب وصوب، وذلك بقيادة الإدارة الأمريكية وحلفائها، وبالرغم من كل ذلك فإن الفلسطينيين باقون على العهد، وهم متمسّكون بانتمائهم لهذه الأرض المقدسة”، وشدّد على أن “صفقة ترامب لن تزيد الفلسطينيين إلا صموداً وثباتاً وتشبثاً بحقوقهم”، موضحاً أن ما تريده الإدارة الأمريكية من العرب هو سرقة نفطهم واستسلامهم وقبولهم بالمشاريع الاستعمارية المشبوهة التي لا تستهدف فلسطين لوحدها، بل أمتنا العربية كلها.
كما اعتبر الأمين العام لحركة الجهاد، زياد النخالة، أن “صفقة القرن” لا تستهدف الشعب الفلسطيني فقط، بل هي خطة استقواء علينا جميعاً كعرب وكمسلمين، وتمثّل تحدياً كبيراً لأمتنا، مؤكّداً على أن البيانات والخطابات والمجاملات لم تعد تجدي، وأضاف: إن الكثير من المواقف العربية وردود الفعل تعني هروب أصحابها من مسؤولياتهم تجاه فلسطين، داعياً الشعب الفلسطيني وقواه السياسية وفصائله المقاتلة لأخذ زمام المبادرة ومغادرة الخلافات والأوهام، وأشار إلى أن هذه الخطة المؤامرة تفرض أمامنا تحدياً كبيراً يستوجب منا تغيير منهجنا في التعامل مع كل شيء، مضيفاً: إن هذا التحدي “يجب أن يجعلنا نغادر المألوف، ويدفعنا لخلق وقائع جديدة بتضحياتنا”، واعتبر أن هذه المرحلة مختلفة، وتحتاج لأدوات مختلفة وتفكير مختلف، داعياً الفصائل لتكون أكثر جرأة وأكثر استعداداً للتضحية لمواجهة هذه المؤامرة بكل ما تملك من قوة.