الحل الوحيد هو الثورة الشعبية
ترجمة: عناية ناصر
عن موقع غلوبال ريسيرش 31/1/2020
هذه الخطة غير المقبولة هي دليل آخر على أن الرئيس الأمريكي لا يعرف شيئاً عن الجيوسياسة، علاوة على ازدرائه للناس العاديين في كل مكان، فهو لا يهتمّ إلا بسياسة القوة وكسب الثروة.
تظهر استطلاعات الرأي في إسرائيل حتى الآن عدم وجود أي عثرة أمام نتنياهو بعد كشف النقاب عن الخطة، إذ من المتوقع أن يفوز حزب الليكود بـ 33 أو 34 مقعداً من أصل 120 مقعداً في الكنيست في انتخابات 2 آذار، وأن يذهب 35 مقعداً لحزب أزرق أبيض الذي يتزعمه غانتس، ما يعني أن كلا الحزبين الرئيسيين سيكونان أمام طريق مسدود كما حدث في نيسان وأيلول من العام الماضي، ولم يتبق للانتخابات سوى بضعة أسابيع. ووفقاً لاستطلاعات القناتين 12 و13، فإن نحو نصف الإسرائيليين يؤيدون خطة ترامب، بينما يعارضها نحو الربع، فيما لم يحسم الآخرون أمرهم بعد.
انتقدت منظمة “بتسيلم” الخطة، ووصّفتها بـ”الجبن السويسري”، فالجبن يقدّم للإسرائيليين فيما تترك الثقوب للفلسطينيين، مضيفةً: تضفي الخطة على، بل وتوسّع، نطاق انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان، التي تُرتكب منذ الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية التاريخية، التي لم تُسرق في عام 1948.
بموجب الخطة سيُعزل الفلسطينيون في جيوب صغيرة مغلقة ومعزولة، دون أي سيطرة على حياتهم، لأن الخطة ترمي إلى تجزئة الفضاء الفلسطيني إلى الأبد، إلى شظايا منفصلة في الأرض في مجال يسيطر عليه الإسرائيليون، على غرار نظام البانتوستانات لنظام الفصل العنصري الذي كان قائماً في جنوب إفريقيا.
لن يكون الفلسطينيون، من دون تواصل جغرافي، قادرين على ممارسة حقهم في تقرير المصير وسيظلون يعتمدون اعتماداً تاماً على حسن نيّة إسرائيل في حياتهم اليومية، بلا حقوق سياسية ولا وسيلة للتأثير على مستقبلهم، سيظلون تحت رحمة نظام التصاريح الإسرائيلي الوحشي ويحتاجون إلى موافقته على أي بناء أو تطوير.
لم تفشل الخطة فقط في تحسين مأزقها بأي شكل من الأشكال، لكنها في الواقع تجعلها أسوأ حالاً لأنها تديم الوضع وتسبغ عليه الاعتراف. إنها تشرعن، بلا شرعية، الإخضاع الدائم للفلسطينيين تحت الحذاء القمعي لإسرائيل، الصفقة تعاقب الضحايا وتكافئ المعتدين.
وبدلاً من معارضة الفصل العنصري الإسرائيلي، فإن خطة ترامب تؤيده، فهي تتلاعب بالحقائق وتفتقر إلى الواقعية، وتفشل في فهم العواقب المدمّرة المحتملة لعمليات بيع الحقوق غير المقبولة.
من جانب آخر تقول رسالة منظمة التحرير الفلسطينية إلى الدبلوماسيين الأجانب: لم تنتج محاولات ترامب لإضفاء الشرعية على الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية، وكذلك تأييد السياسات والرواية الإسرائيلية، بما في ذلك الاعتراف غير القانوني بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتدمير الأونروا، وإضفاء الشرعية على المستوطنات، وإيقاف جميع المساعدات الإنسانية والإنمائية للشعب الفلسطيني، وإغلاق البعثة الفلسطينية في واشنطن والقنصلية الأمريكية في القدس وتبرير مثل هذه السياسات بشكل خطير باستخدام الرواية التوراتية، إلا تعزيز التطرف في منطقتنا، مما أضرّ أكثر بفرص الأمن والاستقرار في العالم العربي وباقي العالم. وتضيف الرسالة: تظل قضية فلسطين بمثابة اختبار لم ينجح فيه المجتمع الدولي فيما يتعلق بالتزامه بالقانون الدولي. ودعت الرسالة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام يستند إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
لقد فشلت مبادرات سابقة مماثلة، ومن الواضح أن أية مبادرة أخرى ستسير على المنوال نفسه من التلاعب الأمريكي والإسرائيلي لضمان النتيجة وما يليها. الحل الوحيد هو الثورة الشعبية والمقاومة المستمرة ضد الاحتلال غير الشرعي، فلا شيء آخر يمكن القيام به.