دراساتصحيفة البعث

“صفقة القرن” ليست وسيلة لحل الصراع

ترجمة: هناء شروف
عن موقع الاندبندنت 30/1/2020

إن ما سُمّي صفقة القرن التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في العاصمة الأمريكية واشنطن ليست خطة سلام، إنها تعتمد بشكل غريب على قبول الفلسطينيين دولة بالاسم فقط. ووضعت الخطة، التي وصفها البعض بـ”صفقة القرن”، تحت إشراف جاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترامب، وتهدف لتسوية أحد أطول الصراعات في العالم.
منذ مفاوضات أوسلو للسلام عام 1993 كانت الآمال كبيرة في أن يتمّ تأسيس الدولة الفلسطينية على أغلب أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية، لكن صفقة القرن تنكرت لكل ذلك وقلّصت حجم الدولة الفلسطينية وشوّهتها بحيث لم يعد لها فرصة للوجود. فقد تضمنت الخطة وضع عوائق لمنع الفلسطينيين من المطالبة بالعدالة في مواجهة جرائم الحرب التي ارتُكبت ولاتزال تُرتكب بحقهم حتى الآن، بينما يسعى ترامب الذي يصف نفسه بأنه صانع صفقات ليعرض على الفلسطينيين 50 مليار دولار كاستثمارات في مقابل تخليهم عن حقوقهم المدنية وعن حقهم بوطن، لكن الفلسطينيين يرون فيه رجلاً محتالاً لا رغبة لديه لتقديم شيء سوى وعود فارغة. فإدارة ترامب لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة مخالفة للقانون الدولي، كذلك اعتراف ترامب في كانون الأول 2017 بالقدس عاصمة لإسرائيل وضع الولايات المتحدة في خلاف مع المجتمع الدولي.
صفقة القرن هي تعبير عن رغبات المتطرفين في الولايات المتحدة وإسرائيل، وهي تنهي بالفعل أي أمل في أن تلعب الولايات المتحدة الأمريكية دور الوسيط في الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محقاً عندما اعتبر زيارته الأخيرة لواشنطن اللحظة الأفضل في حياته، فقد كان يحذّر من أن إسرائيل ستبقى في خطر حال وجود دولة فلسطينية إلى جوارها، ومن المتوقع أن تصوّت حكومة نتنياهو خلال أيام على بدء ضم المستوطنات في الضفة الغربية ووادي الأردن.
أكدت مايا إيلاني نائبة مدير حركة (يشاد) اليهودية البريطانية المناصرة لحل الدولتين أنه “لاشيء مؤيد لإسرائيل في خطة ترامب للسلام. إن الخطة بالاسم فقط تؤيد مبدأ حل الدولتين، لكن في الواقع فإن أغلب المحلّلين المحافظين يؤكدون أنها أفضل خطة سلام كان يمكن أن تحلم بها إسرائيل”.
وتضيف أن الخطة “تستقطع ثلث الضفة الغربية وتمنحها لإسرائيل تاركة الفلسطينيين يعيشون في مجموعة من الجزر المنعزلة وسط بحر من الأراضي الإسرائيلية، وأنها لا تشكّل خطة طريق للسلام إنما وسيلة إلهاء وصرف انتباه مثالية لخدمة رئيس أمريكي يواجه محاكمة برلمانية بهدف عزله ورئيس وزراء لإسرائيل يواجه اتهامات خطيرة بالفساد”.
أعطى ترامب مباركته لتدشين سياسة متفجرة ليس لها تأييد حتى داخل المجتمع الإسرائيلي، فالخطة تمنح إسرائيل أراضي لم يطالب بها أحد قط في الضفة الغربية، حيث يعيش أقل من 5 في المئة من الإسرائيليين خارج الخط الأخضر. وقد أكدت استطلاعات الرأي في إسرائيل أن أغلب المواطنين لا يرغبون ولا يتطلعون إلى ضمّ أراض جديدة، بينما خطة ترامب ستضع أعباء عسكرية لانهاية لها على جيل الشباب في إسرائيل لبقية عمرهم، وهذا هو السبب في أن أغلب المواطنين لا يؤيدون الحركة الاستيطانية التوسعية ويساندون حل الدولتين.
إن الخطة التي ناقشها الأمريكيون والإسرائيليون لن تكون وسيلة أبداً لحل الصراع مع الفلسطينيين، فهي خطة تتجاهل الأولويات الفلسطينية وتحابي إسرائيل بقصر نظر كارثي. كما أن الكثير من المحلّلين الأمنيين الإسرائيليين يرون أنها تجعل مستقبل إسرائيل عرضة لمخاطر جمّة ما لم تكن هناك دولة فلسطينية موجودة جنباً إلى جنب معها.