تهمة الحب!
يتفاخر الناس في كل أنحاء العالم بالحب والغرام وبالــورد، فهي أمور تستحق أن نظهرها ونعلن عنها ونعتز بها، فهي مشاعر سامية نبيلة وأسمى الروابط الإنسانية وأجملها، فكل العلاقات يجب أن تكون قائمة على الحب أولاً وأخيراً. وإن كان الحب حظي بهذا الاعتراف الإنساني في بقاع الأرض كلها! لماذا في مجتمعنا الشرقي ما يزال يعامل كـ”هارب من القانون” يتحاشى الجميع الإعلان عنه والتحدث عن أسراره وخباياه وكـ”لغم” خطير من يقترب منه لابد خاسر ونادم، بل وكأنه معصية ابتلينا بها وعلينا أن نستتر! وجميعنا مضطرون لتقديم “صك براءة” منه إلى جميع من قد يخطر بباله أننا في علاقة حب، فكيف نصارع كل هؤلاء البشر من حولنا عن أبسط الحقوق شرعية في الحياة كالحب؟ ولماذا نخاف من أن نعلن الحب؟ لماذا نعتبر أن الورد تهمة؟ والغرام جريمة؟ وإن كان الحب وهو العاطفة الأنبل على الإطلاق يجب أن لا نعلن عنها، فماذا إذاً عن الكره والحقد وغيرها من المشاعر السلبية التي تملأ الروح عتمة وهي من علينا أن ندفنها ونقتلها، فـإلى متى سيتوشح الحب بالسر وتبقى حكايات المحبين حبيسة القلوب، وإلى متى سنوجه أصابع الاتهام إلى القلوب المحبة بدلاً من أن نعيب القلوب الخرساء التي لم تعرف الحب يوماً، إنه من الغريب قلب الموازين بهذه الطريقة “الفجة” جداً بدون أن يعترض أحد، بل الأغرب هو أن الجميع يمتثلون لرغبات المجتمع ويهللون له بإنكار الحب حتى أنهم ينظرون بعدم الرضا إلى معتنقي الحب وإلى من يجاهر به وكأنهم مجموعة من الآثمين، ببساطة نحن مجتمع يغضب من الحب ولا يتقن الفرح وفي تعبير أكثر مباشرة يمكن القول إننا “لا نعرف كيف نحب” ولا كيف نحتفي بأنبل العواطف وأكثرها إيجابية، والحقيقة ليس الهدف هو معرفة أسباب ما نحن عليه بقدر ما هو طرح مجموعة تساؤلات على أنفسنا، لعلنا جميعاً -على الأقل- نكف عن الخجل بسبب كلمة طيبة نسمعها أو غزل جميل يهدينا إياه القدر، وأن نتوقف عن “تخباية” وردة حمراء تلقيناها هدية كي لا يراها من حولنا ويتهموننا-لاقدر الله- بـ”الحب”، ربما عندما نفعل هذا سيزهر الحب من حولنا شيئاً فشيئاً ويكف عن كونه تهمة! على الأقل بالنسبة لنا قبل أن يكون بالنسبة للآخرين.
لوردا فوزي