إجراءات للحدّ من التسوّل.. استراتيجية جديدة لتنمية المجتمع المحلي وتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية
ريف دمشق – عبد الرحمن جاويش
يقدّم برنامج “مشروعي” قروضاً متناهية الصغر لدعم مشاريع صغيرة مدرّة للدخل تسهم في تحسين دخل الأسرة والتمكين الاقتصادي ليس للمستفيد فقط بل للتجمع السكاني الذي يستهدفه البرنامج بالكامل، حيث ساهم في دعم قطاعات الإنتاج كافة في المناطق المستهدفة كالزراعة والثروة الحيوانية، كما عمل على دعم الصناعات التراثية والتقليدية وحمايتها من الاندثار، مثل التنور وصناعة الخبز والأعمال اليدوية المختلفة من خياطة وحياكة وتطريز وصناعة دمى وصناعات غذائية.
ووفقاً لمدير التنمية المحلية بمحافظة ريف دمشق المهندس أحمد كنعان، فإن الحكومة بصدد تنفيذ استراتيجية جديدة في خططها بتأمين عائدات مالية للوحدات الإدارية من خلال مشاريع استثمارية ذات جدوى اقتصادية، ولاسيما في ظل الظروف الراهنة، ما سيسهم في تشغيل عدد كبير من الأيادي العاملة حسب مؤشرات عدد السكان وذوي الشهداء وجرحى الجيش من المدينة أو البلدة، مبيّناً أن المحافظة شكّلت لجنة تنموية بناء على توجيهات رئاسة الحكومة، تدرس المشاريع الاستثمارية المرسلة من الوحدات الإدارية وفق الجدوى الاقتصادية التي من الممكن أن يقدمها المشروع المقترح، علماً أنه تم رفع 10 مشاريع إلى وزارة الإدارة المحلية ليتم اعتمادها، ونتابع في مكتب التنمية المحلية بالمحافظة تنفيذ كل المشاريع، مع الدعوة إلى تحديد آلية لإدارة المشاريع بمشاركة المجتمع المحلي، إضافة إلى الرقابة على تنفيذها خطوة بخطوة من أجل تحقيق الغاية المرجوة منها، معتبراً أن المحافظة نجحت بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية المحلية ووزارة الإدارة المحلية بتفعيل المشاريع التنموية من خلال منح القروض الميسّرة للأسر المحتاجة والفقيرة، مع منح سلف مالية طلابية، حيث استهدفت هذه المشاريع 19 تجمّعاً، ووصل عدد السلف الممنوحة إلى 3250 سلفة، ما حقق فرصاً استثمارية تركت أثرها الإيجابي على الأرض، مؤكداً توسيع الرقعة واستهداف 34 تجمّعاً لتكون السلة كبيرة وشاملة للوصول إلى تغذية راجعة.
وقال مدير التنمية بالمحافظة: من الخطط الاستراتيجية الجديدة للمكتب توسيع التجربة الناجحة في مجال السلف الصغيرة والمتناهية الصغر التي بادرت بها جهات من القطاع الأهلي وأوجدت من خلالها عشرات الآلاف من فرص العمل عبر مشاريع منتجة صغيرة خلال أقل من عامين وبتمويل ليس كبيراً.
ويشير كنعان إلى أن الأمانة السورية ووزارة الإدارة المحلية من الجهات التي يتم التعاون معها في هذا المجال عبر القروض والسلف الصغيرة أو المنح الإنتاجية التي يتم تقديمها لجرحى الجيش من ذوي الإصابات الدائمة، بينما سيتم توزيعها لاحقاً لجرحى الجيش بمستوى إصابات أقل ولعائلات الشهداء أيضاً، معتبراً أن الأبواب مفتوحة أمام الجميع لتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي.
ولفت كنعان إلى أهمية الدور الذي تلعبه المشروعات الصغيرة والمتوسطة في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، بينما أصبح هدف تنمية هذه المشروعات خياراً استراتيجياً حتمياً لدعم القدرة الاقتصادية من خلال إقرار الحكومة أولوية إحداث هيئات متخصصة لدعم الإنتاج المحلي عبر دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، من خلال قروض تشغيلية تساعد المنتجين على التخفيف من آثار الأزمة على إنتاجهم. ويرى مدير التنمية المحلية أنه رغم صغر قيمة السلفة إلا أنه يعمل على تأسيس بذرة لمشاريع كبيرة، تكتسب قيمتها من الاختيار المناسب للسلفة وتلبيتها لاحتياجات المجتمع المحلي والاستفادة من المهارات والخبرات المكتسبة لدى المستفيد من العمل في مثل هذه المشروعات.
وبيّن أن البرنامج يعمل على دعم قطاع التعليم من خلال تقديم سلف طلابية تساعد الطلاب على متابعة التحصيل العلمي بعد الثانوية لاستكمال الدراسة في المعاهد والجامعات ما يسهم في خلق جيل شباب واعٍ وفعّال وقادر على لعب دور قيادي في مجتمعه في المستقبل.
ويشير إلى أن البرنامج يشجع على التكافل والتعاضد بين المستفيدين لتنفيذ مشاريع جماعية استناداً إلى العمل المشترك وتضافر الجهود لتقليل التكلفة وتعظيم أثر المشاريع في تحسين الوضع الاقتصادي للمنطقة، كما يدعم برنامج “مشروعي” برامج نوعية تستهدف التجمعات والفئات السكانية في مناطق مختلفة جغرافياً ضمن المحافظة تصل إلى مستوى المشاريع الوطنية، حيث يكون التنسيق في التنفيذ بالتشارك مع جهات اعتبارية حكومية ومنظمات أهلية ودولية وقطاع خاص.
البرنامج يؤكد أهمية التشارك بين الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والأفراد من أجل المضي قدماً في دعم عجلة التنمية عامة والتنمية الاقتصادية خاصة حيث يسهم في تعزيز دور المجتمع الأهلي ممثلاً بلجان التنمية المحلية التي تدير صناديق القرية، وتلعب هذه اللجان دوراً فاعلاً في قيادة عملية التنمية وتنفيذ البرنامج والمساهمة في تعزيز العمل الطوعي وتنفيذ مبادرات أخرى تنبع من احتياجات المجتمع المحلي.
مشاريع وفوائد أسرية
بلغ عدد المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر التي يدعمها برنامج مشروعي بمحافظة ريف دمشق حتى الآن 3251 مشروعاً تنوّعت بين المشاريع الزراعية بشقيها النباتي والحيواني والحرف اليدوية والتجارية. وبداية البرنامج كان في مدينة جرمانا بدعم ثلاثة مشاريع فيها وفي بلدتي هريرة وإفرة، بينما بلغ عدد الصناديق التابعة للبرنامج 19 صندوقاً موزعة في قرى وبلدات أشرفية صحنايا ومعلولا والحرجلة وحرفا وعرنة ورخلة وخربة السودا والكفرين والهيجانة والسحل والبيطارية والمراح ومعرونة وبلودان والروضة.
كنعان لفت إلى أن البرنامج يركز بالدرجة الأولى على المشاريع الزراعية مثل التوسع في زراعة الوردة الشامية في المراح وتربية النحل في معلولا وزراعة الفطر المحاري في أشرفية صحنايا وتربية الماعز البلدي في إفره، إضافة إلى إنتاج الألبان والأجبان ومشاريع استصلاح الأراضي والتقليم ورش المبيدات والشتول وزراعة الكرز والتفاح.
كما أشار إلى أن مكتب التنمية يقوم على إدارة البرامج التنموية في محافظة ريف دمشق وتوجيه العمل التنموي وخاصة المشروع الذي يقوم بالشراكة مع الأمانة السورية للتنمية، إذ يقوم المشروع على تقديم سلف بسيطة ودون فائدة لإقامة مشاريع متناهية الصغر بمبلغ 200 ألف ليرة سورية ومنح التسليف التعليمي لمتابعة التعليم العالي بمبلغ 50 ألف ليرة سورية ودون فائدة، وهذا المشروع منذ فكرته الأولى يستهدف الشرائح الفقيرة ويمنح الأولوية لذوي الشهداء وجرحى الجيش العربي السوري والأرامل، وقد شمل برنامج “مشروعي” 19 تجمعاً على مستوى محافظة ريف دمشق، وأشار إلى أنه تم إعداد خريطة تنموية على مستوى أصغر قرية في المحافظة توضح احتياجات كل قرية والمشاريع التنموية التي يمكن إقامتها فيها والتي تشكّل قيمة مضافة للأهالي، مع التنويه إلى أن برنامج “مشروعي” ينفذ بالشراكة بين محافظة ريف دمشق والأمانة السورية للتنمية، بالإضافة إلى دور مكتب التنمية المحلية بالعمل على تأمين مشاريع تنموية واستثمارية للوحدات الإدارية، بحيث تعود بالفائدة والريع على الوحدات الإدارية، إضافة إلى تأمين فرص عمل للمجتمع المحلي مع مراعاة خصوصية كل وحدة إدارية.
آراء مجتمعية
“البعث” استطلعت بعض الآراء من خلال لقاء عدد من المستهدفين من برنامج مشروعي، حيث أكدوا لنا أن الفائدة الكبرى من المشروع تقديم مساعدات مالية ساهمت بتحسين وضعهم المعيشي، وخاصة لذوي أسر الشهداء وجرحى الجيش والأسر الأشد فقراً والأرامل. رأي آخر أكد أن المساعدات من خلال تقديم قروض ساهمت بشكل كبير في الحد من البطالة وتأمين فرص عمل وزيادة عدد المشروعات الصغيرة من خلال شراء محل أو ماكينة تريكو أو خياطة وغيرها من المهن، وطالبوا بتطوير المشروع والبحث عن مشاريع جماعية لتفعيل التشاركية بشكل كبير، والاعتماد على جهود أفراد المجتمع نفسه مع المساهمة الجماهيرية والمساعدات الخارجية لوضع الخطط المطلوبة، وربط حركة التنمية في المجتمع المحلي مع حركة التنمية في المجتمع القومي بشكل شامل، وتحقيق وعي أفراد المجتمع للتأثير في البيئة ومحاولة استغلال جميع المصادر الموجودة استغلالاً يصب في مصلحة تنمية المجتمع، ومن هنا كانت المشاريع الصغيرة للطبقات الفقيرة تلاقي صدى كبيراً لأنها تنعش المجتمعات الفقيرة والمحتاجة.