صحيفة البعثمحليات

فرصة واعدة لتصدير المنتجات يقتلها غياب الدعم .. ترخيص أول شركة مانحة لشهادات المنتج العضوي وقريباً إنتاج للزيوت العطرية

لم يُجدِ حديث المؤتمرات والاجتماعات المتفائل نفعاً في تقديم أبسط مقومات الدعم لتنشيط الزراعة العضوية في سورية، حيث جُمّدت المؤهلات الطبيعية ريثما يجد المزارع من يقدم له أبسط أنواع الدعم، ولاسيّما أن الزراعة العضوية مرّت بمراحل إنتاجية لا بأس بها في محاصيل القطن والحمضيات، وكان من اللافت إقبال المزارعين عليها لميزاتها العديدة كالاستغناء عن المبيدات الكيميائية والمحافظة على الموارد الطبيعية واستدامتها، إلا أن ارتفاع تكاليف الإنتاج والحصول على شهادة مصدقة للإنتاج العضوي دون أي نسبة دعم وصعوبة التسويق لارتفاع ثمن المنتج العضوي، تسبّبت بعزوف المزارعين عن تطبيق هذا النوع من الزراعة، وهنا تجدر الإشارة إلى وجود تجارب فردية لبعضهم إلا أنها غير حائزة شهادة المنتج العضوي، وبالتالي لا تختلف في التسويق عن أي منتج عادي.

بدائل آمنة
وفي ظل تزايد الاعتماد على الأسمدة والمبيدات في الزراعة رغم صعوبة تأمينها ورداءة جودتها في أوقات كثيرة، أوضح معاون مدير مديرية الإنتاج العضوي فادي عبد الحميد أن نمط الزراعة العضوية يؤمّن استخدام البدائل الآمنة للكيماويات (من الأسمدة والمبيدات والهرمونات والمواد الملونة والمنكهة للأغذية والمواد الحافظة)، والاستعاضة عنها بمواد صحية ذات منشأ طبيعي ما يخفض من نسب التلوث في الماء والهواء والتربة إلى الحد الأدنى، وبالنتيجة الحصول على غذاء صحي وآمن، إضافة إلى استخدام الموارد المتجددة إلى أقصى درجة ممكنة في نظم الإنتاج، وتحقيق الاستدامة فهي تعتمد على الطبيعة وما يتوافر بها من مواد، مشيراً إلى أن مؤهلات الزراعة العضوية في سورية تتلخص في ثلاث نواحٍ إنتاجية أساسية هي الإنتاج المعتمد على الزراعة المطرية كالزيتون والفستق الحلبي واللوز والتين والعنب والعدس والحمص وغيرها، فتلك الزراعات عموماً متأقلمة مع البيئة المحلية واستخدام الكيماويات من الأسمدة والمبيدات فيها قليل أو معدوم، والناحية الثانية تتمثل بالبادية وهي مناطق بكر تستخدم في الرعي والحصول على بعض النباتات الطبية والعطرية، أي أن معظم إنتاجها الحيواني أو النباتي يمكن أن يتحوّل إلى الإنتاج العضوي بسهولة، والثالثة تتمثل بنباتات الغابة الحراجية (الغار– الكستناء– الصنوبريات)، ومجموعة من النباتات الطبية والعطرية الطبيعية الموجودة في عدة مناطق من سورية.

تكاليف
ورغم المؤهلات المهمة لا يزال التطبيق خجولاً لأسباب عديدة يرى عبد الحميد أن أبرزها غياب بعض البدائل المطلوبة للاستغناء عن الكيماويات، وارتفاع تكاليف شهادة المنتجات العضوية بالنسبة للمزارعين التي قد تصل إلى مليون ليرة أحياناً، بينما لخصت رئيس دائرة الزراعة العضوية في إدارة بحوث البستنة د.غادة بلقار الصعوبات بخروج الكثير من الأراضي الزراعية من الاستثمار وتلوّثها نتيجة الحرب، والتكلفة الباهظة المترتبة على المزارعين للحصول على شهادة المنتج العضوي، فضلاً عن عدم توفر أي دعم حكومي للمزارعين يشجعهم على التحول إلى هذا النظام الزراعي، علماً أن آفاق الانتقال له في سورية واعدة، إذ بيّنت بلقار أنه حسب دراسات مشروع التعزيز المؤسساتي للزراعة العضوية، فالفرصة متاحة لتصدير المنتجات السورية إلى الأسواق الأجنبية والعربية إذا تم إنتاجها وفق نظام وقواعد الإنتاج العضوي، ولاسيما بعض أنواع الخضار والفواكه وزيت الزيتون والنباتات الطبية والعطرية والقطن.. الخ، كما تُكسب الزراعة العضوية المنتجات السورية قيمة مضافة وميزة تنافسية لها في الأسواق الخارجية، ومن الصناعات الزراعية (الغذائية) المؤهلة: مجففات الثمار وأهمها (الزبيب – التين – المشمش – الملبن – البندورة…) والثمار مثل: اللوز والجوز والفستق الحلبي.
تجارب
ووفقاً لبلقار تم البدء بالإنتاج العضوي بشكل مؤسساتي في عام 2006، حيث وضعت هيئة البحوث الزراعية مسودة قانون الإنتاج العضوي الصادر عام 2012، وذلك من خلال مشروع التعزيز المؤسساتي للزراعة العضوية المنفذ مع منظمة الأغذية والزراعة، موضحةً أن آخر إحصائيات مسجّلة حول المساحات المزروعة كانت عام 2009 (قطاع خاص)، وبلغت المساحة المزروعة بالقطن 24764 هكتاراً، والزيتون 886 هكتاراً، والعنب 10 هكتارات، والغار 8000 هكتار، ونفذت الهيئة من خلال المشروع المذكور أربع دراسات لأربعة محاصيل مختارة بدقة هي القطن في حلب – الزيتون في إدلب – الفستق الحلبي في حماة – الخضار المحمية في جبلة، كما تم تنفيذ عدة تجارب وأبحاث تطبيقية لمقارنة الإنتاج النباتي العضوي مع الإنتاج التقليدي لبعض المحاصيل البستانية، وعملت الهيئة على نشر مفهوم الزراعة والإنتاج العضوي من خلال ندوات نشر المعرفة التي نفّذت في كل المحافظات شملت جميع شرائح المجتمع.

تقاسم نفقات
من جهته كشف عبد الحميد عن منح الترخيص لشركة CCPB MIDDEL EAST SAL الفرع الإقليمي لشركة CCPB S.R.L الإيطالية للعمل في سورية لمنح الشهادات العضوية، وهي الشركة الوحيدة المرخصة حالياً التي بدورها رخّصت لمشغلين لإنتاج الزيوت العطرية الطبية بتاريخ آب 2019، لافتاً إلى السعي ليصبح الترخيص مقدّماً لمجموعة من المزارعين وذلك لتقاسم النفقات العالية لأجرة الشهادة، أما فيما يتعلق بالبذور أوضح عبد الحميد أنها يجب أن تكون حاصلة على الشهادة العضوية، وفي حال عدم توافر البذور ومواد الإكثار العضوية للمحاصيل العضوية والمعمّرة، فيمكن أن تأتي من نباتات استمر تطبيق الإدارة العضوية عليها لجيل واحد على الأقل أو سنة واحدة، بينما يمكن استخدام المواد التقليدية غير المعاملة في حالة عدم إمكانية تطبيق السابق، وإذا ما كانت البذور والمواد النباتية التقليدية غير المعاملة غير متوفرة، فيمكن استخدام البذور والمواد النباتية المعاملة كيميائياً شريطة ألا تكون معاملة بمواد غير موجودة بلائحة المواد المسموحة، وفقط في حالة عدم توفر هذه الأخيرة تجارياً يمكن استخدام البذور والشتول والمواد المعاملة كيميائياً، ويجب على المشغل إثبات الحاجة لاستخدام مثل هذه المواد، ولا يسمح باستخدام البذور أو حبوب الطلع أو المواد النباتية المعدلة وراثياً.
ريم ربيع