هل هناك اتفاق سلام شامل في أفغانستان؟
ترجمة: هناء شروف
عن التايمز 12/2/2020
تشير المؤشرات الصادرة عن المؤتمر الأمني السنوي في ميونيخ بألمانيا، إلى اقتراب الولايات المتحدة وحركة طالبان الأفغانية من إعلان اتفاق في غضون أيام، قد يمهّد الطريق لمحادثات سلام بين الأطراف الأفغانية المختلفة، وبالتالي انسحاب القوات الأمريكية من البلاد.
قد تنتهي أطول الحروب في التاريخ الأمريكي على الإطلاق والتي دامت 18 عاماً، ولكن لا زلنا نجهل التفاصيل الرئيسية للصفقة، لأن التفاصيل مازالت محدودة حول ما تمّت الموافقة عليه. لكن يبدو أن الاتفاق قريب جداً، فقد التقى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الرئيس الأفغاني أشرف غني على هامش مؤتمر ميونيخ. وكشف في وقت سابق مسؤول أمريكي كبير بعضاً من الصفقة، من قبيل أن اتفاقية الهدنة التي تستمر سبعة أيام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان ستدخل حيّز التنفيذ قريباً، وقد تؤدي إلى انسحاب القوات الأمريكية.
وأضاف المسؤول: إن الاتفاق المبدئي بشأن الحدّ من العنف، ستتبعه محادثات سلام أفغانية كاملة خلال 10 أيام، وسوف تشمل البلاد بأكملها.
هذه افتتاحية طموحة، إذ يبدو أن المحادثات كانت مفصّلة للغاية، وقد تضمنت الحديث عن العنف ضد كلّ من القوات الأمريكية والقوات الحكومية الأفغانية. ويقول المسؤولون الأمريكيون إن تفاصيل تعريف العنف موجودة على الورق. وستكون هناك قناة اتصال بين الولايات المتحدة وطالبان، وقد وافقت طالبان على عدم استضافة أو تدريب أو جمع التمويل لإرهابيين دوليين في المناطق التي تسيطر عليها الحركة، على المدى الطويل. وسوف تبدأ المحادثات بين طالبان والحكومة الأفغانية بمناقشة وقف إطلاق النار “الدائم والشامل”. لكن لا يزال من غير الواضح مع من تتحدث الولايات المتحدة، وما هي درجة تمثيلهم للحركة أو إذا ما كانوا يتحدثون نيابة عن الحركة بالكامل، فهناك علامات انقسام داخل حركة طالبان، حيث يستعد آلاف المقاتلين للانشقاق إلى دولة ناشئة بسبب غضب معسكر المتشددين في الحركة من قرار قادة الحركة الجلوس والتفاوض مع الأمريكيين. وعلى الرغم من أن الحرب الطويلة في أفغانستان قد أضعفت التنظيم إلا أنه لا يزال يشكّل خطراً على المدن الكبيرة، حيث يقدّم نفسه كمدافع عن الشريعة في الوقت الذي تفاوض فيه حركة طالبان على حلّ وسط مع “الصليبيين” الأمريكيين، ناهيك عن وجود كل أنواع الجماعات المسلحة الأخرى المتلهفة لإثارة المشكلات في أفغانستان.
حتى الآن لا نعرف السرعة أو التسلسل الدقيق الذي ستجري من خلاله عملية انسحاب القوات الأمريكية نتيجة الصفقة، أو هل ستبقى هناك أية قوات أمريكية؟ يبدو أن المسؤولين الأمريكيين يأملون بعدم الحاجة إلى بقاء مثل هذه القوات، لكن ربما يكون السؤال الأهم هنا: هل يمكن الوثوق بطالبان للوفاء بأي اتفاق؟.
يخشى العديد من المحلّلين الأمريكيين من أن الرئيس ترامب لأسباب سياسية خاصة به، يتعجّل خروج القوات الأمريكية. فقد أثار خبير الدفاع الأمريكي المخضرم توني كوردسمان المخاوف من أن “السلام” الذي يبحث عنه الرئيس ترامب قد يكون على الطريقة “الفيتنامية”، فهناك العديد من “العلامات التحذيرية”، وهي أن جهود السلام هذه ربما تكون في الواقع محاولة لتوفير النوع نفسه من الغطاء السياسي للانسحاب الأمريكي، مثل التسوية السلمية التي تفاوضت عليها الولايات المتحدة في فيتنام. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تشترط على الحركة، إخراج تنظيم القاعدة وعدم السماح له باستخدام الأراضي الأفغانية لتنفيذ هجمات على الغرب، لإبرام أي اتفاق سلام، إلا أن الوعود والضمانات التي تقدمها الحركة تبقى غير كافية، في الوقت الذي يبدو من المرجح أن تبقى أفغانستان ملاذاً آمناً للإرهاب، خصوصاً مع انتشار تنظيم “داعش” الذي يسعى إلى أن يحلّ محل تنظيم “القاعدة”.