دراساتصحيفة البعث

أمريكا تحاول إفشال مفاوضات “ستارت الجديدة”

ترجمة: عناية ناصر
عن غلوبال تايمز 15/2/2020
قال مستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبراين في الخامس من شباط الجاري إن الولايات المتحدة وروسيا ستباشران قريباً مفاوضات بشأن الحدّ من التسلح، وذلك قبل انتهاء المهلة المحدّدة لتمديد معاهدة تخفيض الأسلحة الإستراتيجية (ستارت).
وكانت الولايات المتحدة قد انسحبت رسمياً من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى (INF) في آب 2019، متجاهلة المعارضة من الداخل والخارج، فلماذا غيّرت سلوكها المعتاد فجأة وعرضت التفاوض مع روسيا حول معاهدة
“ستارت”؟.
أولاً، تزعم الولايات المتحدة بأنها تمتلك الأسس الأخلاقية العالية، لكن ومنذ الانسحاب من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى (INF) تمّ استجواب إدارة ترامب وتوجيه الانتقاد لها داخل الولايات المتحدة وخارجها. ويعتقد على نطاق واسع أن هذا القرار غير المسؤول من جانب الولايات المتحدة سيؤدي إلى عالم أكثر خطورة. ثانياً، تمهّد الولايات المتحدة الطريق أمام ممارسة لعبة إلقاء اللوم على الطرف الآخر، فقد زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة في كانون الأول 2019، معلناً أن موسكو مستعدة لتمديد معاهدة “نيوستارت” في أقرب وقت ممكن. ثالثاً، تأمل الولايات المتحدة اغتنام هذه الفرصة لدفع الصين إلى إبرام اتفاق جديد، فقد اقترح العديد من المسؤولين الأمريكيين داخل إدارة ترامب التفاوض بشأن معاهدة جديدة تشمل الصين، وربما دولاً أخرى، فإضافة الصين إلى المفاوضات حول الحدّ من الأسلحة الإستراتيجية هو هدفها الحقيقي، إذ تهدف محاولة الولايات المتحدة إدخال الصين في مفاوضات ثلاثية إلى تقييد وإضعاف الردع الاستراتيجي للصين.
من وجهة نظر المسؤولين في إدارة ترامب العالقين في عقلية الحرب الباردة، يُنظر إلى التقدم العسكري المستقبلي للصين على أنه تهديد للولايات المتحدة أكثر من روسيا. لذلك، تعتقد الولايات المتحدة أنه يجب احتواء تقدّم الصين بشكل فعّال. كما تحاول الولايات المتحدة أيضاً الحصول على موافقة روسيا لإشراك الصين في مفاوضات جديدة، وهو تكتيك يهدف إلى دق إسفين بين بكين وموسكو وتعريض شراكة التنسيق الإستراتيجية الشاملة بينهما للخطر. وإذا رفضت الصين بشكل قاطع المشاركة في مفاوضات الحدّ من الأسلحة، فستكون لدى الولايات المتحدة ذريعة أخرى لدفع المحادثات للفشل، وستحاول إلقاء اللوم على الصين.
حتى الآن لم تعرب الصين عن اهتمامها بالمشاركة في أي مفاوضات ثلاثية للحدّ من التسلح، وأشارت إلى أن ترسانتها هي خمس حجم ترسانة واشنطن وموسكو. وأوضح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن واشنطن تتهرّب من أي نقاش جاد، وهي ترسل إشارات غير مشجعة فيما يتعلق بمستقبل هذه المعاهدة في استفزاز صريح بإصرارها على مشاركة الصين في العملية، كشرط مسبق، على الرغم من إعلان بكين بوضوح ومرات عدة موقفها بشأن ذلك.
تمّ توقيع “نيو ستارت” في عام 2010، ومن المقرّر أن تنتهي صلاحيتها في عام 2021. وهذه المعاهدة تحدّ من عدد الرؤوس النووية الإستراتيجية المنشورة إلى 1550 رأساً، وهو ما يمثل تخفيضاً بنسبة الثلثين عن معاهدة “ستارت” الأصلية التي تمّ توقيعها في عام 1991، ولم يتبق الكثير من الوقت على انتهاء معاهدة “ستارت”. ويعتقد بعض الخبراء في الولايات المتحدة أنه من غير المرجح أن تتوصل إدارة ترامب إلى أي اتفاق مع روسيا قبل الانتخابات الرئاسية، وأن تركيز ترامب سيكون على السعي لإعادة انتخابه.