ومن يعش لا بد أن يشهد!!. جنون العظمة
د. علي دياب
تساؤلات عدة يطرحها المحللون السياسيون، والمتابعون لقضية الحرب على الإرهاب واقتلاع جذوره من منطقتنا، وثمة إجماع دولي وإقليمي حول هذه التنظيمات الإرهابية، وتقويمها دولياً في أنها إرهابية بامتياز، وفي مقدمها “داعش” و”جبهة النصرة” وأخواتهما، وأن تغيير الأسماء، وإلباسها طرابيش جديدة، لن يغيّر شيئاً في الأمر، ومن ضمن هذه الأطراف الدولية والإقليمية الولايات المتحدة الأمريكية والسلطان العثماني الجديد أردوغان الذي وقَّع اتفاق سوتشي عام 2018، بضمانات كل من روسيا الاتحادية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وعلى ما يبدو لم يكن ليخطر بباله أن الجيش العربي السوري آل على نفسه ألا يترك متراً واحداً من الأرض العربية السورية دون إعادته إلى سيادة الدولة، وإعادة المواطنين إلى مدنهم وقراهم، لينعموا بحياة هانئة مستقرة، وتوهّم ذاك السلطان المنتفخ أنه، والعصابات التي تأتمر بأمره، سيتمكنون من الحؤول دون تحقيق جيشنا الباسل ما عقد العزم عليه، وأثبت الميدان أن هذا الجيش لا يأبه لكل التهديدات، فهو ماض في تحقيق أهدافه، وبدأت تلك التنظيمات التي تدور في فلك السلطان، وكذلك التي كان يتشدق بمحاربتها، تنهار وتترك المدينة تلو الأخرى، وتستنجد بأردوغان ونظامه الذي يعمل بالوكالة لدى السيد الأمريكي، ولدى رأس حربته في المنطقة، ألا وهو الكيان الصهيوني، وقد حجز لنفسه دوراً في تنفيذ ما يسمى “صفقة القرن”، وهذا ما قاله وزير خارجية أردوغان لوزير خارجية دونالد ترامب مايك بومبيو، ألا وهو إن حساسية هذه الصفقة تتطلب الاعتماد على قوة إقليمية صلبة ومؤثرة لا على دول ضعيفة وغير مؤثّرة، ويغمز هنا من قناة بعض الدول العربية التي تروّج للصفقة، وهذا ما يؤكد السلوك العملي لنظام أردوغان في التعامل مع الكيان الصهيوني من النواحي الأمنية والاقتصادية والعسكرية، متصوراً أن بهلوانياته ستعمي الأبصار عن هذا السلوك، وعلى غرار ما قام به في دافوس أو قضية سفينة مرمرة، عندما قدّم نفسه المدافع عن الإسلام وعن فلسطين!!.
وعندما شعر بهزالة موقفه واعتماده على المشتغلين عنده، بدأ بالصياح والنياح والطلب من الضامن الروسي أن يتدخّل لإيقاف زحف الجيش العربي السوري، ونسي أنه هو الذي خرق الاتفاق الذي يقضي بالقضاء على الإرهاب، وبفتح الطريق الدولي بين حلب ودمشق وحلب واللاذقية، وبمعرفة الضامن الروسي. وعلى الرغم من زيارة وفد عسكري روسي لأنقرة، إلا أنه لم يتمخض عن أية نتائج. وبالمقابل فالجانب العربي السوري يقبل بالحوار، ويلتزم بما تم الاتفاق عليه، وذلك كله في إطار وحدة الأرض العربية السورية وعدم التفريط بذرة تراب واحدة، ولجأ أردوغان إلى الاستنجاد بحلف الناتو، وبدأ يعطي ما لديه من صواريخ متطورة لتلك العصابات الإرهابية، كما عمد إلى إدخال أكثر من ألف وخمسمئة آلية عسكرية إلى إدلب، إضافة إلى أكثر من خمسة آلاف عسكري من جيشه الانكشاري، ظاناً أن ذلك كله سيمنع الجيش العربي السوري من الاستمرار في معاركه ضد الإرهاب وضده، لأنه الرأس المدبر للإرهاب، وهو الذي أفسح المجال لدخول عشرات، إن لم نقل مئات الآلاف من الإرهابيين الذين قدموا من جهات الأرض الأربع إلى سورية، وعاثوا فيها قتلاً وتخريباً، ومع ذلك تم دحرهم جميعاً وإعادة ما كان تحت سيطرتهم، وتأمين الحرية للمواطنين الذين كانوا يخضعون لقمعهم وتعذيبهم، ولم يتبق سوى مدينة إدلب وبعض المدن والقرى في ريف حلب، وإن استقواء النظام التركي بالدعم الأمريكي، وبالتالي إعلان الوزير التركي خلوصي أكتار بقصف المواقع السورية، وتصريح مندوب الولايات المتحدة الأمريكية ومندوبي الدول الغربية الأعضاء في حلف الناتو وقوفهم إلى جانب تركيا، وتزامن ذلك مع الاعتداءات الصهيونية على أراضي قطرنا العربي السوري، فهذا ما يؤكد التحالف الوثيق بين نظام أردوغان والكيان الصهيوني ومشغلهما الولايات المتحدة الأمريكية، وربما نسي السلطان المتهور أن الولايات المتحدة هي التي خذلته أكثر من مرة، وهي التي لم تسمح ببيعه صواريخ الـباتريوت، الأمر الذي ألجأه إلى صواريخ إس 400 الروسية، والولايات المتحدة الأمريكية لا مصداقية لها، فهي مع مصالحها، ورئيسها ينام على تغريدة على حسابه، ويصبح على أخرى مناقضة لها، فها هو أردوغان، يعيش حالة تخبط وضياع بين التنسيق مع الروس، أو مع الأمريكان، وبالتالي فتدخله السافر والبغيض عدوان واضح، إن كان في ليبيا أو في سورية، ويجب أن يعرف أردوغان أن تجاهل القوانين الدولية، والدوس عليها، والنظر إلى نفسه في أنه يشكّل قوة إقليمية صلبة، كما ذكر وزير خارجيته، لا يسمح له باحتلال أرض الآخرين، لا من الوجهة القانونية ولا الأخلاقية ولا الإنسانية، وبالتالي فتذرعه بحماية نفسه مما يسميه “إرهاباً كردياً” ليس في محله، واتفاق أضنة الموقّع بين تركيا والقطر العربي السوري ينص على حماية الحدود من الطرفين، والتزمت سورية بالاتفاق المذكور، إلا أنه هو الذي لم يلتزم به، ولكننا نقول لأردوغان: إن تهوّره هذا سيؤدي به إلى الهاوية، وإن إدلب ستعود إلى حضن الدولة العربية السورية كما عادت بقية المدن في محافظة إدلب – خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب وغيرها، وكما قال السيد الرئيس بشار الأسد غير مرة: “إن أي أرض سورية، أي حفنة تراب، لن تكون رهينة لأحد”، وسيمضي جيشنا الباسل في تطهير أرضه من رجس الإرهاب والمحتلين.